عُرِفَ منذ القدم باسم دير السيدة العذراء واشتهر بدير المحرق وأيضًا بدير جبل قسقام وترجع شهرته بدير المحرق إلى أن الدير كان متاخمًا لمنطقة تجميع الحشائش والنباتات الضارة وحرقها، ولذلك دعيت بالمنطقة المحروقة أو المحترقة. ومع مرور الوقت استقر لقب الدير بالمحرق. كما أنه أشتهر بدير جبل قسقام، وقسقام أسم قديم منذ عصر الفراعنة وهو يتكون من مقطعين قُس.. وقام.. وقس هي اسم مدينة اندثرت حاليا كانت عاصمة الولاية الرابعة عشرة من الولايات الـ 22 التي كان مقسما بها صعيد مصر ولم يبقى منها حاليا إلا البربا -المعبد- ومعناها الديني المكان العلوي، ومعناها المدني تكفين أو تحنيط جثة الميت ولفها بالكتان لتحضيرها للدفن. وقام... اسم كانت تختص به المنطقة التي تقع غرب الولاية الرابعة عشر ومعناها الديني اللانهاية ـ إلى الأبد، ومعناها المدني كما يقول المؤرخ أبو المكارم مكفن بالحلفاء للصعاليك -فقراء- ولقرب قام من قُسْ اشتهرت المنطقة والجبل المجاور بقسقام وبالتالي اشتهر الدير بدير جبل قسقام.
نعم يا رب هذا كان وعدك وهذه كلمتك وإن كانت هنا من أجل الهيكل الذي بناه سليمان إلا أن كلمتك لا ترجع فارغة أبدًا بل يسري كلامك على كل مكان ذُكر فيه إسمك القدوس كم بالأولى المكان الذي وطأته قدماك وقضيت فيه فترة من عمرك على الأرض أليس من الأجدر والأولى أن تفي فيه بوعدك وتحافظ عليه ككلامك وهذا ليس غريبًا فما تم هنا في دير المحرق يظهر بأجلى صورة عناية الله الفائقة وحفظه له. فمنذ أن حلت فيه العائلة المقدسة وعجائب الرب لا تنتهي فيه ومنذ أن صدر الأمر إلى البابا ثيؤفيلس لتعمير الدير ويد الرب حافظة له وللعاملين فيه. وتطالعنا المخطوطات الحبشية بكثير من هذه العجايب التي ظهرت بوضوح في وقت تعمير الدير في القرن الرابع الميلادي ليس في ذلك الوقت فقط بل على مر الأيام ومنها ما يأتي:
+ عند بدء تعمير الدير هرع الأهالي من كل مكان ليشتركوا في تعمير الدير متبرعين بذلك بدون أجر لا يطلبوا سوى بركة السيدة العذراء أم النور وشفاعتها.ومن بين هؤلاء الأهالي تقدم شاب له من العمر 25 عامًا ابن لأرملة فقيرة من بلدة القوصية يسمى غبريال. جاء للعمل ضمن من تقدموا للعمل في تعمير الدير متشفعًا بالعذراء أم النور أن تخلصه هو ووالدته من الفقر المدقع الذي يعيشون فيه. وفي أحد الأيام أُرسل هذا الشاب ليحضر ماء من نهر النيل لأن مياه الآبار الموجودة حول قسقام كانت غير صالحة للشرب.وفي الطريق قابله بعض الفرسان السكارى وقد أفقدتهم الخمر وعيهم حتى أنهم إصطدموا أثناء سيرهم بأحد الجدران فلما شاهدهم الشاب إرتبك ووقع في بئر جاف خالي من المياه ومات ومضت فتره طويلة من الزمن ولم يرجع الشاب فانزعجت أمه لغيابه وخرجت لتبحث عنه وأثناء خروجها للبحث سقطت الأم في ذلك البئر الذي سقط فيه إبنها ميتًا. ولما رأته على هذه الحالة صرخت متشفعة بالسيدة العذراء أن تقيم إبنها من الموت. فأستجابت السيدة العذراء أم النور وأمرت ملاكين أن يناديا باسم الشاب، ولما سمع الشاب إسمه قام لوقته وكأنه كان نائمًا. ففرحت الأم جدًا ومجدت أسم الرب القدوس القادر على كل شئ والصانع العجائب بشفاعة أمه العذراء. وعادوا إلى منزلهم وهناك وجدوا البيت ملآن بكل الخيرات ولما اطمأن الشاب على أمه تركها وجاء إلى الدير وترهب ثم صار رئيسا للدير.
+ كان أحد الفلاحين الذين يعلمون في زراعة الأرض بالخضروات بجوار منفلوط يكسب قوت يومه من بيع هذه الخضروات. فعندما سمع بتعمير الدير جاء ليقدم هذه الخضروات مجانًا إلى العمال الذين يعملون في الدير. وكان يحضر معه كل يوم سله مملوءة بالخضروات مثل الكرنب والقرنبيط والتفاح والفجل وغيرها من الخضروات للعمال. وفي أحد الأيام وبينما هو يحمل سلّته ويجدّ في سيره ليصل إلى الدير في الوقت المناسب، قابله أحد الجنود راكبًا على حصانه وطلب منه أن يعطيه جزء من الخضروات. فرفض الرجل المزراع أن يعطيه محذرًا إياه بأن هذه الخضروات مخصصه للعاملين في تعمير الدير ولكن الجندي أخذ السلة كلها عنوة من المزراع ووضعها على حصانه ومضى فصرخ الرجل المزارع مناديًا السيدة العذراء أم النور لانقاذه. وما هي إلا لحظة أو تكاد حتى جاءت العذراء أم النور ومعها رؤساء الملائكة ميخائيل وغبريال ويقع الجندي من على الحصان إلى الأرض وتعلقت رجلاه بالحصان، وينطلق الحصان بالجندي وهو على هذه الحالة حتى يصل إلى الدير ويراه كثير من الأهالي والعمال فاندهشوا وانبهروا لما رأوه ومجدوا الرب يسوع وأمه القديسة العذراء مريم التي تسرع في نجدة من يطلبها ولا ترضى على الظلم. ويندم الجندي على فعلته ويطلب أن يعمل في تعمير الدير مجانًا أما الرجل المزارع فإنه التحق بالدير وترهب
+ أثناء العمل في تعمير الدير جاء رجل وثني من القوصية وأخذ لوح خشب مخصص لإستخدام البناء في الدير عنوة فأخبروا البابا ثيؤفيلس بذلك فطمأنهم لأنه عرف بالروح أن لوح الخشب سيرجع إلى الدير وأن الرجل الوثني سيتم إنذاره وتبكيته على فعلته بمعجزة من معجزات العذراء التي كانت تتم باستمرار أثناء تعمير الدير وبعد ثلاثة أيام فقد هذا الرجل الوثني بصره وأصبح لا يرى شئ فالتجأ إلى آلهته الوثنية لكي تشفيه ولكن لا طائل ولا فائدة من ذلك وأخيرا ذهب إلى طبيب مسيحي يدعى يوحنا، هذا الطبيب وضع الإنجيل المقدس على عيني ذلك الرجل الوثني وربطه بمنديل ثم عاد الرجل إلى بيته وفجأة سمع جيرانه أصوات صراخ وجلبة شديدة فهرولوا إليه ليعرفوا سبب ذلك فوجدوه قد شُفى فأخبروا الطبيب بما حدث وقد رغب هذا الرجل الوثني أن يتعمد ويصير مسيحيًا فأخذه إلى البابا ثيؤفيلس الذي عمده بعد أن تعهّد الرجل أن يعيد لوح الخشب مرة أخرى ففعل ثم جاء والتحق بالدير وصار راهبًا.
الحبشة أمه عريقة، وكانت تسمى كوش وكان لها كيان لا يستهان به في العالم القديم، ويروي التقليد الحبشي العريق أن ملكة سبأ (التي كانت تحكم اليمن والحبشة) عندما سمعت عن حكمة سليمان ذهبت لنراه واندهشت لحكمته الفائقة فاعتنقت الديانة اليهودية ونشرتها في بلادها بعدما تزوجت الملك سليمان، وأنجبت منه منليك الذي لقب بابن الحكيم وأقدم خبر وصل حتى الآن عن اعتناق الأحباش المسيحية، ورد في سفر أعمال الرسل الأصحاح الثامن عندما كلم ملاك الرب فيلبس ليذهب إلى الطريق المنحدرة من أورشليم إلى غزة لكي يقابل رجل حبشي خصي وزير كنداكة ملكة الحبشة ليكلمه عن رسالة الملكوت ويعمده ويذكر تقليد الكنيسة في الحبشة أن أول من بشرها بالمسيحية هو القديس متى الرسول ولكن المسيحية لم تنتشر انتشارًا واسعًا إلا بعد مارسم القديس أثناسيوس البابا الاسكندري العشرون (326 ـ 373 م.) فرمنتوس أول أسقف على الحبشة وأطلق عليه الأحباش اسم الأنبا سلامة، حيث أصبحت الحبشة بذلك إحدى إيبارشيات الكرسي الاسكندري وأخذت المسيحية تنتشر بإقبال الأحباش إليها في محبة وإيمان وعمق روحاني عجيب.
وأحب الأحباش وعشقوا الأماكن التي عاش فيها السيد المسيح له المجد في فلسطين، كذلك في قسقام في مصر التي اعتبروها أورشليم الثانية. فانجذب الكثير منهم إلى ترك بلادهم والتوجه إلى هذه الأماكن ليحيوا فيها حياة النسك والزهد الرهبانية وتوجد إشارة تاريخية تبين أنهم كانوا في أواخر القرن الرابع في دير قسقام. والدير عمومًا وكنيسته الأثرية خصوصًا لهما شأن عظيم بالنسبة لهم، وهم يجلُّون الدير ويحترمونه ويقدسونه ويهابونه حتى أن ترابه يعتبرونه بركة لأن السيد المسيح له المجد داسه باقدامه المقدسة وهو طفل وتعجز هنا الكلمات عن وصف مقدار تبجيلهم للدير وتمتلئ مخطوطاتهم المحفوظة في أديرتهم بالمعجزات العديدة التي صنعتها السيدة العذراء في دير قسقام ويقول العالم كونتى روسيّنى COUNTI ROSSINI أحد العلماء المتخصصين في دراسة المخطوطات الأثيوبية (في أوائل القرن العشرين الميلادي) إن مجتمع الأحباش الرهباني في دير قسقام في القرنين الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين كان نشيطًا وكان يتكون من حوالي ثلاثين بين راهب وقس وشماس، وكان هذا المجتمع الحبشي مشهورًا لدرجة أن الملك الحبشي صايفا أراد SAYFA ARAD كرّمه بإرسال نسخة من الأناجيل على سبيل الهدية. ويذكر التاريخ أن اسم الراهب الذي كان في دير قسقام واستشهد أيام البابا متاؤس الكبير (1378 ـ 1408) هو أرسانيوس الحبشي وفى مخطوطات أخرى أرشليدس.
ويقول الأحباش إن الملكة منتواب -معناها جميلة أو عجيبة- إمبراطورة اثيوبيا التي تنازلت بالحكم لابنها إياسو الثاني IYASU II معناها يسوع (1730 ـ 1755 م) زارت دير قسقام في القرن 18 الميلادي ونقلت ترابًا منه مزجته في مواد بناء كنيسة عظيمة في مدينة قسقام التي تعتبر من المدن الأثيوبية الرئيسية (والتي لها مركز كنسي هام) بإقليم جوندار GONDAR في الحبشة ـ باسم كنيسة جبل قسقام. وقد قمنا هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت بزيارة هذه الكنيسة في إطار رحلتنا للحبشة عام 2008. حيث بناها إياسو الثاني في سنة 1738 م ومن ذلك الوقت رتبت الكنيسة الحبشية الصوم المعروف بصوم قسقام مدته أربعون يومًا (يبدأ من 26 توت وينتهي في 5 هاتور ليلة عيد تكريس كنيسة السيدة العذراء بدير المحرق).
ولقد كان كثيرون من الرهبان الأحباش يرغبون في الإقامة بدير المحرق بالذات. ولهذا كان دير المحرق أكثر من غيره من أديرتنا القبطية ملاذًا للرهبان الأثيوبيين، فكان يصل عددهم في بعض الأوقات إلى أربعين راهبًا أو يزيد. ولذلك رأى بعض الرؤساء بناء على رغبة هؤلاء الرهبان أن تُبْنَى لهم كنيسة خاصة بهم (كنيسة يوحنا المعمدان)، إذ تعذر عليهم متابعة الصلوات باللغة القبطية. ولما أزيلت كنيسة القديس يوحنا المعمدان، وتوسعت الكنيسة الأثرية وبنيت الصالة الخارجية تم بناء كنيسة للأحباش فوقها في القرن 19 الميلادي، عرفت بكنيسة الأحباش أو كنيسة القديس تكلا هيمانوت الحبشي. وقد أزيلت هذه الكنيسة في عام 1936 م عندما صار بقاؤها خطرا على مبنى كنيسة العذراء الأثرية. وقد اهتم القمص قزمان رئيس الدير السابق أن يكرس أحد المذابح الثلاثة المقامة بكنيسة العذراء الجديدة باسم القديس تكلا هيمانوت الحبشى، وذلك دعمًا لأواصر المودة والمحبة بيننا وبين إخوتنا الأثيوبيين الذين تربطهم بدير المحرق روابط تاريخية قديمه. ولاشك أنه لقدسية دير المحرق في نظر إخوتنا الأثيوبيين كانت الغالبية العظمى من المطارنة الذين يسامون لأثيوبيا يختارون من بين رهبان القبط بدير المحرق(1).
بعد اعتلاء صاحب القداسة والغبطة البابا شنودة الثالث للكرسي المرقسي عام 1971م أرسل نيافة الحبر الجليل الأنبا أغاثون أسقف عام الكرازة في عام 1972م لإدارة الدير وكانت نقلة حضارية في تاريخ الدير حيث حرص على تعميره رهبانيًا وعلميًا وإدرايًا وذاع صيت الدير وبدأ يزحف على يديه شباب أفاضل ترهبوا في الدير بتلمذته وتحت إرشاده. وقد رتب الرب، أن يختار أحد الشباب الغيورين على كنيستهم، الرهبنة في دير المحرق، فرسمه نيافة الأنبا أغاثون راهبًا باسم بيشوي المحرقي سنة 1974 م ثم نال نعمة الكهنوت في عام 1975م، وعين وكيلا للدير، إلى أن قام قداسة البابا شنودة الثالث برسامته خوري إبسكوبوس في عيد العنصرة سنة 1977م وتقلد مهام الإدارة والقيادة الروحية. ولمحبة الآباء وتقديرهم له ذكّوه لدرجة الأسقفية، فسيم أسقفًا للدير والقرى المجاورة في عيد العنصرة سنة 1985م. والأعمال التي أنجزها هي شاهدة على محبته وتفانيه في خدمة الدير ورهبانه ويكفي أن ننطق هنا بأروع كلمات الابتهال التي ترددها الكنيسة دائمًا لأجل رعاتها الأبرار إلى الرب مخلصنا يسوع المسيح له المجد: أن يحفظ حياة حبيبنا الأنبا ساويرس سنين عدّة وأزمنة سلامية عديدة، مكملًا رئاسته ورعايته للدير ـ الذي أئتمنه الرب عليه ـ بطهارة وبر وسلام، كإرادته المقدسة الطوباوية. وأن ينعم عليه بالسلامة والعافية ويذل أعداءه ويسحقهم تحت قدميه سريعًا. ببركة شفاعة والدة الإله العذراء مريم صاحبة الدير والسؤالات والطلبات التي يرفعها عنا رؤساء الملائكة وكل الطغمات السمائية ورؤساء الآباء، والأنبياء، والآباء الرسل والشهداء ومصاف لباس الصليب والأبرار والصديقون. وأن ينعم الرب لنا، بغفران خطايانا وخلاص نفوسنا آمين.
حدث حريق في الدير عام 1988 م.، وأوفد مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث الأستاذ المستشار ملك مينا جورجي للتحقيق في الأمر.
حدث هجوم إرهابي أمام الدير يوم 11 مارس 1994 م.، استشهد على إثره راهبين وثلاثة من العِلمانيين.
روى نيافة الأنبا غريغوريوس المتنيح منذ سنين عديدة نقلًا عن بعض شيوخ الرهبان الذين عاصرهم حدثًا رائعًا لم يحدث له نظير في جميع كنائسنا المصرية: ذلك أنه في ليلة عيد القيامة المجيد في إحدى السنوات، وكانت الأنوار مطفأة والهيكل مغلقًا أثناء ممارسة الطقس الذي يمثل قيامة المسيح، وكان الأنبا باخوميوس الأول أسقف الدير (1896 ـ 1928 م) في هيكل كنيسة العذراء الأثرية ومعه بعض الرهبان من الكهنة والشمامسة وبعد أن أخذ يرفع اللفائف التي على صورة القيامة، الواحدة تلو الأخرى، إلى أن وصل إلى الحنوط المدفون فيه الصليب المقدس مد يده ليبحث عن الصليب ولكنه لم يستطع أن يتوصل إليه لأنه أحس بأن يده ثقيلة، فهاله الأمر، وتحامل على نفسه ومد يده أكثر ولكن يده أرتعشت، فبكى لأنه رأى في هذا علامة على خطيئته وعدم استحقاقه وحاول للمرة الثالثة، فإذا به يتوصل أخيرًا إلى الصليب. وبغتة ينفجر من الصورة والصليب نور عظيم يملأ الكنيسة كلها في داخل الهيكل وخارجه. وكانت فرحة ليس لها نظير وتعزى الأسقف وانتعش الرهبان بفرح روحاني ومجدوا الله، ولازال الأحياء منهم يذكرون هذه الواقعة التي رأوها بأعينهم وكانوا شهودًا لها، وقد أكد لي اثنان من شيوخ الرهبان وهما المتنيح القمص أرسانيوس المحرقي والقمص بطرس واصف المحرقي أنهما كانا في الهيكل مع الأسقف عندما ظهر هذا النور المجيد. ولا شك أن هذه المعجزة حدث تاريخي يتيم، لم يحدث له قطعًا نظير في أية كنيسة أخرى في العالم إلا في كنيسة القيامة بمدينة إلهنا أورشليم. وقد أضافت هذه الكرامة دليلًا جديدًا على قيمة كنيسة العذراء الأثرية ومذبحها الذي دشنه الرب بنفسه، وأكدت أن هذة الكنيسة جديرة حقًا بأن تسمى أورشليم الثانية وجبل الزيتون رقم 2 كما يروي تقليدنا القبطي. (انتهى حديث نيافة الأنبا غريغوريوس).
عُرفتْ الكنيسة القبطية بإستنارتها الداخلية وريادتها، وبأنها أم وَلَودْ ومن أبكارها التي أخذها عنها العالم كله الحياة الرهبانية هذه التي كانت بديلا عن الأستشهاد بعد عصر الأمبراطور دقلديانوس فتمخضت بالرهبنة وأهدت روحانيتها وفكرها للعالم.
أيضا أنجبت قديسين عظام أثروا العالم ببساطتهم وتقواهم وأيضا بعلمهم فشهد لهم العالم بسبْقهم وقداستهم، وأنجبت الرهبنة القبطية أيضا النساك والمتوحدين كالأنبا بولا أول السواح والأنبا أنطونيوس أب رهبان كل العالم هذا الذي قادنا وسلّمنا الزى الرهبانى الذي تسلمه من الملائكة والصلاة والعمل، والأنبا باخوميوس صاحب قوانين الشركة الرهبانية و..... ومازالت كنيستناَ ولَودْه فأنجبت الراعى الأمين قداسة البابا شنوده الثالث صاحب النهضة الرهبانية والذى نظم وأعاد الحياة الرهبانية للكثير من الأديرة.
وفى البداية عاش الرهبان داخل الصحراء (نساك في مغاير منفرده) ثم مجتمعين حول أبيهم الروحى ومرشدهم في منشوبيات أو قلالى منفرده، ثم داخل الأديرة وأيضا من المعروف أن بعض النساك والمسيحيين أستخدموا بعض من المقابر والمعابد الفرعونية للسكنى بها أو العبادة، وذلك لخلوها من المتعبدين بها من الوثنيين، وقاموا ببعض التعديلات المعمارية المناسبة لاحتياجاتهم، كبناء كنيسة للصلاة بها أو دير للرهبنة دون الازالة أو المساس بأصل هذه المعابد.
وبالرغم من الأنفتاح على الأديرة في هذا العصر الحديث وقيام الكثير من محبى الحياة الرهبانية بزيارة الأديرة إلا أن الكثير أيضا لم تتح له الفرصة بزيارة أغلب الأديرة القبطية والتعرف عليها، وذلك إما لاقامته خارج القطر المصرى أو لبعد المسافات أو... فهناك العديد من الأديرة القبطية بمحافظة قنا ومحافظة أسوان والمحافظات الأخرى يمكن أن يستمتع بها الزائر عند زيارتها لكنها غير مشهورة. لذلك قام بعض من رهبان دير السيدة العذراء بالمحرق، وبمباركة مصباح الرهبنة نيافة الأنبا ساويرس أسقف ورئيس الدير بتصوير بعض من هذه الأديرة القبطية وأيضا لأثارنا القبطية لمحاولة التواصل بين الماضى والحاضر ولإلقاء الضوء على هذه الصروح الثمينه.
بالطبع، يجب أن يوجد بالدير وسائل خدمات كثيرة للقاطنين فيه من الرهبان والزوار مثل صهريج للمياه العذبة وماكينة لرفع المياه الخاصة به، وماكينة لتوليد الكهرباء لتغذية الدير بالتيار الكهربائي (وهذا قبل توصيل الدير بشبكة الكهرباء العمومية في أواخر السبعينيات) وأيضًا فرن للخبز، ومخزن للغلال، وحظيرة للبهائم، ومخزن للوقود الخاص بتشغيل ماكينات الري، وورش للنجارة والحدادة واللحام... بالإضافة إلى مكتبة لإستعارة الكتب لفائدة الرهبان، ومكتبة لبيع الكتب والأيقونات والصور للضيوف محبي الدير...
وحديقة جميلة يُزْرع بها بعض النباتات العطرية والنادرة الجميلة التي تسبح اسم الله في عظمة قدرته وخلقته... وهى معدّة تحت إشراف علمي متخصص ـ الرب يعوض من له تعب في ملكوت السموات
_____
(1) عن كتاب الدير المحرق: تاريخه، ووصفه، وكل مشتملاته ـ الأنبا غريغوريوس أسقف عام للدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي، 1992.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/Coptic-History/places/monasteries/africa/egypt/st-mary-muharraq/history.html
تقصير الرابط:
tak.la/77tn7jw