وجاء يوستينوس سنة 565 م. وكان أشفق على العباد من سلفه ويظهر ذلك من تأثير زوجته ابنه أخت الملكة ثيؤذورة فترك الناس يدينون بما يشاءون فتمكنت الكنيسة القبطية من استرجاع مراكز من التي اغتصبت منها وتحسنت أحوال شعبها ورعيتها وخلف يوستينوس
(طيباريوس) Tiberius II Constantine سنة 578 م. الذي تنازل عن الملك (لموريس) Maurice سنة 582 م. وفي أوائل حكمه حدثت في مصر ثورة في الوجه البحري تحت زعامة ثلاثة إخوة من الأقباط هم: اباسخريوس، ومينا، ويعقوب من بلدة عقلية وسببها أن حاكم قسم سمنود (غربية) ألقي القبض على رجلين قبطيين من ذوى الوجاهة والاعتبار أحدهما يسمى قسما بن صموئيل والأخر بانون بن أموني فهجم الثائرون على الرومانيين في جهة بنا وآبى صبر وطردهم منها فأرسل واليها إلى الإمبراطور يشكوه أمر الإمبراطور يوحنا والى الإسكندرية بقمع الثائرون الذين كانوا قد وضعوا يدهم على أقاليم الوجه البحري وحاولوا الاستيلاء على الإسكندرية فاغتصبوا الحنطة التي كانت مرسلة إليها.وحدث من جراء ذلك مجاعة اهتاج منها سخط القوم على الوالي وكادوا يفتكون به لولا بعض أعيان الأقباط الذين ردوا عنه اعتداء الغوغاء.
ومع أن يوحنا والى الإسكندرية كان صديقا للثلاثة الإخوة إلا أنهم استمروا في مقاومتهم فعزله القيصر وعين بدله رجلا يسمى بولس وتمكن اسحق ابن أكبر الثلاثة الأخوة من الانتصار على الرومانيين فاستولى على كثير من مراكبهم وسعى خلفهم إلى قبرص يكتسح أمامه قواتهم الحربية حتى خاف الإمبراطور من سوء النتيجة وطلب إلى يولوجيوس بطريركه في مصر أن يعقد صلحًا مع الثلاثة الإخوة.
وكان يوليوس البطريرك الروماني على جانب عظيم من دماثة الأخلاق فاكتسب رضاء المصريين عنه واجتمع مع الثلاثة الأخوة لإجراء الصلح في مسقط رأسهم فأبوا القبول إلا إذا أعاد الإمبراطور صديقهم يوحنا الوالي فأجاب طلبهم ورجع الوالي إلى منصبه وعين لقيادة الجيش رجلا يدعى ثيؤذورس.
وحدث أن القائد الجديد أخذ القبطيين وثلاثة آخرين من عظماء المصريين كانوا قد سجنوا معهما وأوقفهم على شاطئ النيل المقابل للشاطئ الذي احتشد عليه الثائرون وأمرهم بطرح السلاح وإلا يقضى على الخمسة الرجال فتوسل المأسورون إلى الثائرين أن يكفوا عن القتال شفقة بهم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). فألقى معظم هؤلاء الأسلحة وعبروا النهر وتقابلوا مع أصحابهم المقبوض عليهم، ولم يبق في ساحة النزول إلا ثلاثة وبعض أصدقائهم وظلوا يقاتلون الجيش الروماني باستبسال ولكنهم هزموا أخيرا وفروا إلى مدينة صان (الشرقية) فقبض عليهم الرومانيون ثم طرح الثلاثة الإخوة وابنهم اسحق في السجن ولبث يوحنا الوالي يدافع عنهم طوال مدة ولايته بدون جدوى حتى تعين مكانه والى جديد فقطع رؤوس الإخوة ونفى اسحق نفيا مؤبدا.
ولم تكد نار هذه الثورة تخمد حتى قامت ثورات أخرى في خمس مدن وهي صان وخربتا وبسطة وسمنود وأخميم وغيرها وانتهت جميعها بمذابح وحشية من المواطنين الذين لازمهم الفشل في كل تدابيرهم.
وبالجملة لم يكن ينتهي القرن السادس حتى بلغت العداوة بين المصريين والرومانيين أشدها خصوصا عندما أنفذ القيصر أمر إلى نائبه بمصر بطرد جميع الأقباط من خدمة الحكومة وعدم قبول أحد منهم في مصالحها قصدا منه في إذلالهم؛ فكان ذلك من أقوى البواعث على قنوط الأقباط واعتزالهم الروح بالكلية وقطع كل العلاقات معهم وكان كل ما اشتد الضيق بالأقباط كلما ازدادوا تمسكا برأيهم وطمعا في نوال الاستقلال الديني الذي اشتروه بسفك دماء الألوف المؤلفة منهم.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/35m4j95