الزواج في العالم هو لتكوين أسرة ولتكوين حياة اجتماعية ولحماية الإنسان من أخطاء الشهوة الجنسية.
أما الزواج في المسيحية فهو بالإضافة لما سبق ذكره فهو علاقة ثلاثية بين الزوج وزوجته والله.
فبينما أن سر المعمودية يجعل المُعَمَّد في المسيح عضو حي وخليه حية في جسد المسيح. فإن سر الزواج يجعل الزوجين جسد واحد في المسيح كخلية حية مثمرة لزيادة الكنيسة ونموها عدديًا.
ولأن الله شريك للأسرة فهو:-
1- يكون هو رأسها، موجودًا في البيت ويباركه ويظلل عليه ويستر عليه ويضم أعضاء البيت بحنانه.
2- يقول الكتاب "ما جمعه الله..." فالله الذي جمع الزوجين ليضمن نجاح هذه الأسرة يملأها من نعمة المحبة، وهذه المحبة هي محبة روحانية أي محبة مصدرها الروح القدس الذي ناله الزوجان في السر. لكن كأي نعمة فهي تحتاج للجهاد حتى تستمر وتنمو. والمحبة الروحانية غير المحبة الجسدانية. فهذه الأخيرة مصدرها الاحتياج الجسدي لكلا الطرفين لبعضهما البعض. وبينما أن المحبة الجسدية من سماتها أنها تتناقص سريعًا بسبب الخلافات الطبيعية بين الزوج والزوجة، نجد أن المحبة الروحانية تزداد مع الزمن حتى لو لم يكن هناك علاقات جسدية. وهذه المحبة هي نعمة غير منظورة يحصل عليها الزوجين بصلاة السر. وشرط إزدياد هذه المحبة الروحانية بين الزوجين -هذه التي يضعها الروح القدس في قلبيهما- هو الجهاد للإمتلاء من الروح القدس.
3- الزوجين الذين يأتون للكنيسة للزواج طالبين هذه النعمة ويطلبون هذه الشركة والوحدة في المسيح، قابلين أن يملكوا الله على بيتهم وعلى حياتهم يجعلهم الله ملوكًا وكهنة.
4- طبيعة المحبة التي يعطيها الله وهي المحبة الروحانية هي محبة على شكل محبة الله، هي باذلة، يبذل فيها كل طرف نفسه وما يملك للآخر.
5- عمومًا فالإنسان ينتمي لله بصفة أساسية وليس لإنسان آخر فنحن من الله وراجعين لله، فإن لم يكن الله شريكًا أساسيًا في حياة وبيت الزوجين، فهناك احتمال كبير لفشل هذا المشروع وهذا ما قاله السيد المسيح "لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا" (يو5:15). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). لذلك فالله هو الذي يجمع الزوجين، ويجمعهم فيه، ويوحدهم فيه.
6- من عظمة سر الزواج أن بولس الرسول شبه علاقة الرجل بزوجته بعلاقة المسيح بكنيسته (أف22:5-33).
7- ليس معنى أن الله يعطي الزوجين محبة روحانية أن هناك خطأ في العلاقة الجسدية
، وبولس الرسول يشرح أن هذه العلاقات طاهرة "ليكن الزواج مكرمًا عند كل واحد والمضجع غير نجس" (عب4:13) وهذه العلاقة طاهرة فالله هو الذي أسسها حين قال "ليترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون كلاهما جسدًا واحدًا" (تك24:2). فقوله جسدًا واحدًا معناه العلاقات الجسدية (راجع 1كو16:6). ولكن المحبة التي يعطيها الروح القدس للزوجين هي إضافة على المحبة الجسدية تحفظ العائلة وتذيب الشقاقات والخلافات وتقرب الزوجين من بعضهما.8- ولكن بولس الرسول يوصى بأن تكون هناك فترة يقضيها الزوجين بدون علاقات جسدية، ويتفرغوا للصلاة والصوم. وفي هذه الفترة يتذوقا أفراح المحبة الإلهية حين يكرسا كل طاقاتهما لمحبة الله وراجع (1كو7: 32 – 34) وفي هذه الآيات نرى أن كل طرف من الزوجين ينشغل بالآخر، أما المتبتل لا ينشغل سوى بالله. ولذلك بدأ بولس الرسول هذا الأصحاح بأنه "حسن للرجل أن لا يمس امرأة" حتى يتكرس بكل عواطفه لحب الله فيرتفع من مستوى الملذات الجسدية إلى الأفراح الروحية وهي أثمن بما لا يقاس. وراجع في هذا تفسير الإصحاح السابع من رسالة كورنثوس الأولى. ولكن على أن يكون هذا بالاتفاق بين الزوجين حسب قول بولس الرسول.
9- الذي جمعه الله لا يفرقه إنسان = هناك زواج مدني وهو سنة إلهية منذ بدء الخليقة (تك1، 2) ولكن الزواج في المسيحية مختلف، فالزواج يكون ببركة خاصة من الله وبسماح منه وعن طريق وكلاؤه من الكهنة. لماذا؟ ببساطة فالمسيحي حين تعمد فهو صار عضوا في جسد المسيح وخلية حية في جسده. وأي تغيير في صفته لا بد أن يكون بسماح وبركة ونعمة خاصة يعطيها الله للزوجين ليكونا جسدًا واحدًا في جسد المسيح، وخلية متكاثرة في جسد المسيح. فهل يحق للمسيحي أن يتزوج زواجًا مدنيًا وهو عضو في جسد المسيح دون بركة وإذن من رأس الجسد؟ لذلك يقول الذي جمعه الله...
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/dc9m57h