في بداية الأنافورا anavora نسميها بداية انكشاف الأسرار لذلك كل الموعوظين وكل مرة لا يتناول المفروض أن يخرج بعد صلاه الصلح، فيجب أن كل مَن لا يتناول لا يبقى في الكنيسة وتغلق الأبواب لأن بداية انكشاف الأسرار معناها أن هؤلاء هم المستحقين فقط أن يروا هذه الأسرار وليس أي أحد، وتغلق الأبواب علامة عزل الكنيسة عن العالم من حيث الفكر والأسلوب، أي أن الكنيسة ليس لها أسلوب العالم، ولا نسمع إطلاقًا أن العالم يدخل داخل الكنيسة، العالم بكل جوانبه، الموضة والسياسة... إلخ.
على المذبح أربعة أعمدة وعلى الأعمدة قبة، وكانوا ينزلون ستائر بين كل عمودين بحيث يكون الظاهر الجزء الأمامي فقط، والستائر إشارة إلى خصوصية السر وما يحدث فيه، وليس من حق أي أحد أن يتدخل في هذه الأمور، لذلك كما يقول سيدنا البابا شنوده الثالث: "لا يدخل الهيكل إلا خدام المذبح فقط"، وإشارة إلى عناية الله الفائقة فالستارة إشارة إلى حضن الله الذي يحوط أولاده، فالله يحل لكي يعتني بأولاده ويرافقهم. والقبة التي تحملها الأعمدة إشارة إلى سماء السموات التي هي مسكن الله وليس من المفروض أن يقترب أحد من المذبح في هذه اللحظات إلا خدام المذبح. ونتذكر قصة عزيا في حادثة تابوت العهد المشهورة، ومات عندما لمس التابوت إذ كان يسنده لأنه لم يكن من الرتب التي تستحق أن تلمس تابوت العهد.
بعد ذلك الكاهن يرشم رشومات "تصاعدية" بمعنى أنه يرشم الشعب أولًا وهو يقول: "الرب مع جميعكم" ثم يرشم الشمامسة عن يمين المذبح ناحية الجهة القبلية وهو يقول: "أين هي الآن قلوبكم؟"، ثم يقول: "فلنشكر الرب – الشعب – الشمامسة – الكاهن، رشومات تصاعدية، هنا نتذكر إصعاد القرابين وإصعاد القلوب أيضًا، قلوبنا ترتفع إلى فوق، ثم يبدأ يقول الكاهن ثلاث قطع من بداية الخلقة، خلقة الملائكة والسمائيين، أي بداية القصة، ويذكر تسع طغمات: الملائكة ورؤساء الملائكة والرئاسات والسلطات والأرباب والعروش والقوات والشاروبيم والسيرافيم، وكان الشيطان هو الطغمة العاشرة، وبعد أن سقط ربنا خلق الإنسان كما يقول ذهبي الفم لكي ما يحل محل الشيطان، وهذا هو سر العداوة بين الشيطان والإنسان الذي يعيش مع الله الذي حل محل الشيطان، لذلك الشيطان أسقط الإنسان ونحن نقول في صلاه الصلح: "والموت الذي دخل إلى العالم بحسد إبليس هدمته بالظهور المحي الذي لابنك الوحيد الجنس ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح" لذلك ذهبي الفم يقول: "الله خلق الإنسان لكي يأخذ مكان الشيطان في السماء" لذلك في يوم القيامة العامة الأبرار سيقومون بأجساد نورانية ممجدة مثل الملائكة والأشرار سيكونون كالشيطان.
فهذه القطع تمجد ربنا وتذكر الطغمات التي تقف أمام عرش الله تمجد، والشعب هنا يقول التسبحة التي قالها الملائكة التي هي "أجيوس" (الشاروبيم يسجدون لك والسيرافيم يمجدونك صارخين قائلين قدوس قدوس قدوس قدوس رب الصباؤوت السماء والأرض مملوءتان من مجدك الأقدس)، وأثناء أبونا يقول "أجيوس" يبدل اللفائف، يعمل يده على شكل صليب، فاللفافة التي على يده اليسرَى تكون في جهة اليمين والتي على يده اليمني تكون في جهة اليسار، فيترك اللفافة التي كانت في اليمين في جهة الشمال ويبدل التي في اليمين مع التي كانت على الكأس. فهو يأخذ اللفافة التي على الكأس لكي يرشم بها كما كان قد أخذ التي على الصينية ورشم بها، ماذا يعني حركة اللفائف؟
ج: مع كلمة "أجيوس" الكل في السماء يسجدون فهو يسبح الله القدوس، فحركة اللفائف تعكس هذه الحقائق التي يصنعها السمائيون بأجنحتهم، وإشارة إلى رفرفة الأجنحة عندما تسجد الطغمات أمام عرش الله، وفي نفس الوقت الحركة مع عقارب الساعة إشارة إلى تنازل الله حتى صار تحت الزمان والكاهن يرشم هنا رشومات تنازلية "الكاهن – الشمامسة – الشعب" إشارة أيضًا إلى تنازل الله، لهذا الحركة تكون مع عقارب الساعة على أساس أن حلول الله صار وسط البشر. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). ونجد أقوالًا جميلة على كلمة قدوس "أجيوس" ويقولون: "إن أعظم ما نمدح به الله هو كلمة قدوس"، لأن كلمة قدوس قاصرة على الله فقط، قدوس القديسين أو كامل القداسة، هناك قول جميل للقديس أمبروسيوس يقول: "نحن معشر البشر لا يمكننا أن نجد ما نمدح به ابن الله أفضل من أن ندعوه قدوسًا، كما تسبحه الملائكة بكل طغماتها"، والقديس ذهبي الفم يقول: "كأن الإنسان قد أخذ إلى السماء عينها يقف بجوار عرش المجد ويطير مع السيرافيم ويترنم بالتسبحة المقدسة قدوس" والقديس غريغوريوس النيصصي يقول: "أننا نترنم بهذه التسبحة علامة مصالحتنا مع الملائكة وإتحادنا معهم واتفاقنا معًا بالتسبيح دلالة على أننا وهم صرنا كنيسة واحدة" ولذلك كل طغمات الكنيسة نسميهم ملائكة، فالشمامسة نسميهم ملائكة والكاهن نسميه ملاك المذبح، والكاهن ملاك الإيبارشية، يعني كل طغمات الكنيسة نسميهم ملائكة لأنهم خدام لله.
وهنا نلاحظ تساوي الصينية والكأس، أو الخبز والخمر، أو الجسد والدم، في منح البركة، وهو يقول الرشومات التصاعدية يرشم باللفافة التي على الصينية، وهو يقول أجيوس ويبارك بالرشومات التنازلية يستخدم اللفافة التي على الكأس، دليل المساواة بين الجسد والدم.
هناك تأملات لطيفة تقول: إن كشف الصينية وأخذ اللفافة التي عليها ورشم الكاهن بها تشير إلى ظهور السيد المسيح لمريم المجدلية، أول مرة عرفته وثاني مرة لم تعرفه، فالصينية ظهرت لكن الكأس ما زال مغطى، يعني عرفته ولم تعرفه، وتغطيه الكأس بعد كشفها فيه إعلان أو إشارة لظهور الرب لتلميذي عمواس ثم اختفائه عنهما.
اللفائف طبعًا تمثل الأكفان ويجب أن تكون بترتيب إشارة إلى الأكفان المرتبة بعد القيامة فيجب أن تكون اللفائف على المذبح مرتبة ومنظمة، وكل لفافة تتحرك بسبب، ولا يليق أن تلم اللفائف قبل الانتهاء من الجسد والدم، وفي القطع التي يقولها الكاهن من قدوس فيها تذكار السقوط والتجسد والصليب والقيامة والصعود وحقيقة الدينونة، فهو يقول تجسد وتأنس يضع بخورًا في الشورية لأن الشورية تشير إلى بطن العذراء ووضع البخور يشير إلى التجسد، ولما يأتي الكاهن يقدس يغسل يديه في البخور إشارة إلى أن القداسة الحقيقية هي منحة من ربنا يسوع المسيح الذي منحنا إياها بتجسده.
في مرحلة التأسيس: تبدأ بتبخير اليدين، فيضع اللفافتين جانيًا ويقدس يده في البخور وهو يقول: "ووضع لنا هذا السر العظيم الذي للتقوى" وهذا هو "عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد" إذًا ما نفعله في التقديس في كل المراحل هو نتيجة منحة من التجسد الإلهي الذي للتجسد. والكاهن يبخر يده والقرابين إشارة إلى تقديس يده وتقديس القرابين، ويقول: "ففيما هو راسم أن يسلم نفسه عن حياة العالم" وهو يقول أخذ خبزًا يأخذ القربانة على يده اليسرَى ويمسح الصينية باللفافة قبل أن يترك اللفافة، فهو ينظف الصينية لكي تكون الخدمة لائقة بالسر. ثم يقبل اللفافة ويضعها على المذبح، ويقول: "أخذ خبزًا على يديه الطاهرتين اللتين بلا عيب ولا دنس الطوباويتين المحييتين"، هو طبعًا الكاهن كأنه يأخذ نفس الخبزة التي كانت بين يدي السيد المسيح لهذا هو يأخذها بين يديه، القربانة على يده اليسرَى واليمين فوقها، فهو يحتضن القربانة وكأنه يديه مقترنة بيد السيد المسيح، طبعًا هناك فرق بين اليدين، فيحس الكاهن بانسحاق أمام الله، وهو يقول: "اللتين بلا عيب ولا دنس الطوباويتين المحييتين"، بعد ذلك يمسك القربانة ويرفعها قليلًا إلى فوق، ويضع يده تحت الختم مباشرة ويقول: "ونظر إلى فوق" وعينه إلى فوق، "ونظر إلى فوق نحو السماء أبا وسيد كل أحد، وشكر" (ويرشم من فوق) ثم يضع يده في الثقب أسفل "وباركه" (وتكون يد الكاهن لها شكل الألفا والأوميجا وهو يرشم)، وهكذا فعل السيد المسيح فعلًا: شكر وبارك وقدس، وهو ما يفعله الكاهن، وبباطن الإصبع الكبير، يحدد قبل التقسيم، لئلا تكون القسمة عشوائية فتشق الإسباديجون وهذا خطأ كبير، فهو يحدد بباطن الأصبع إلى أن يحدد الفصل بين الثلث الأيمن والثلثين وهو يمشي بِحِذَى الثقوب فهو يكمل بين الثقوب، وينزل من فوق إلى أسفل بتحديد واضح، وهو يعمل هذه العملية يقول لحن "قسم" وهو لحن فيه إحساس الذبح، وأول ما يبدأ في تحديد الجزء يبدأ أن يقول اللحن: وهو يشعرك أن واحد يذبح، وعلى نهاية اللحن يكون قسم بدون انفصال، ثم ينفخ في هذا الخط، ويجب نفخه الروح القدس، ويقول: وقسمه وأعطاه لتلاميذه القديسين ورسله الأطهار المكرمين قائلًا خذوا كلوا منه كلكم لأن هذا هو جسدي الذي يقسم عنكم وعن كثيرين يعطي لمغفرة الخطايا هذا اصنعوه لذكري، وهو يقول هذا يعمل فصل الأطراف والرأس على شكل صليب فالفكرة أن تظهر سمات الصليب على القربان لأنها تشير إلى المسيح المصلوب القائم بين الأموات، وحتى بعد القيامة الملاك سَمَّى السيد المسيح "يسوع المصلوب" فهناك ثلاثة أثلاث: الثلث الأول قسم بدون انقسام، والجزء الثاني الذي فوق والذي تحت، حدث فيهم التقسيم.
بعد ذلك يمسك الكأس ويمرر أصبعه على شكل الألفا والأوميجا ويمرر إصبعه على فوهة الكأس مرة مع عقارب الساعة ومرة عكس عقارب الساعة أيضًا تشير إلى أن الكأس التي كانت بين السيد المسيح، ونقول هذه الكأس فوق الزمن، ويقول: "وهذه الكأس أيضًا بعد العشاء مزجها من عصير الكرمة والماء وشكر (يرشم على فوهة الكأس ثم يمسك طرفها إلى أن ينتهي من الرشومات) وشكر وباركها وقدسها"، ثم يرفعها قليلًا ويضمها إلى أقصى الغرب ويقول: "وذاق وأعطاها أيضًا لتلاميذه القديسين ورسله المكرمين قائلًا" وأول ما يقول "خذوا اشربوا منها كلكم" يبدأ أن يحركها على شكل صليب من الغرب للشرق ومن الشمال إلى الجنوب وهو يقول: "لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك عنكم وعن كثيرين يعطي لمغفرة الخطايا هذا اصنعوه لِذِكْرِي". تحريك الكأس على شكل صليب من الغرب إلى الشرق يشير إلى أننا كنا غرباء وصرنا قريبين بدم المسيح: "أنتم الذين كنتم قبلًا بعيدين صرتم قريبين بدم المسيح"، ثم من الشمال إلى اليمين إشارة إلى أننا كنا جداء وأصبحنا خرافًا للمسيح، وتحريك الكأس على شكل صليب دلاله على أن المسيح أهرق دمه على خشبة الصليب عن خطايانا العالم كله (1 يو 2: 2).
وبعد أن استعرضنا رشومات "الرب مع جميعكم" والرشومات في "أجيوس" والرشومات على الخبز والخمر، واضح أنه يوجد أنواع للرشومات.
- رشومات باللفائف.
- رشومات باليد وهي ماسكة اللفافة والصليب.
- ورشومات باليد فقط على شكل الألفا والأوميجا.
- والنوع الأخير هو رشم الجسد بالدم، ورشم الدم بالجسد.
نسمي هذه المرحلة مرحلة التأسيس، ونلاحظ أن كل الحديث في هذه المرحلة بالحاضر الدائم، كلوا منه كلكم هذا هو جسدي الذي يقسم... يعطي... حاضر دائم، إشارة إلى أن الذبيحة فوق الزمن لكل زمان يعطي لكل من يعطي لكل من يأكل ويشرب منها غفرانًا للخطايا.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/mvw523p