سنوات مع إيميلات الناس!
أسئلة اللاهوت والإيمان والعقيدة
الإجابة(*):
الجزء الذي يقصده السائل العزيز هو مقال(1) في كتاب بعنوان "حتمية التجسد الإلهي" هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت يعرض للرد على تساؤل حول موضوع وراثة الخطية الجدية الأصلية، وفكرة "ما ذنبي في خطية آدم؟". حيث يعرض هذا المقال أن الله -حسب الآيات القرآنية- كان يتحدَّث بالمثنى مع آدم وحواء (كُلاَ، شِئْتُمَا، تَقْرَبَا، فَأَزَلَّهُمَا، فَأَخْرَجَهُمَا) (سورة البقرة 35-38)، ثم في لحظة الطرد من الجنة تحدث بصيغة الجمع "اهْبِطُواْ".
ولكن اعتراض السائل هذا خطأ حتى من وجهة النظر الإسلامية، سواء من القرآن الكريم نفسه أو حتى التفاسير الإسلامية حول تلك الآيات..
فحتى وإن كان المقصود بالجمع في كلمة "اهْبِطُواْ" هو آدم - حواء - الحية (و/أو الشيطان)، فبالتأكيد مقصود أيضًا من المطرودين والمُعاقبين هو نسل آدم وكل بنيه.
ففي عرض القرآن الكريم لقصة سقوط الإنسان يقول في (سورة البقرة 35-38): "وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ. فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ. فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ. قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ"، فهو يقول للهابطين أنه قد "يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى"، وبالطبع ليس الشيطان ممن قد يأتيهم الهدى! وهو أيضًا في هذا يتحدث بصيغة الجمع وليس المُثَنَّى، فالمقصود هو آدم وحواء ونسلهما.
وكثير من التفاسير الإسلامية توضح بأن نسل آدم هو جزء من الهابطين:
1- تفسير الجلالين المُيَسَّر(2): "قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا" (سورة الأعراف 23): بمعصيتنا.. "قَالَ اهْبِطُواْ": أي آدم وحواء بما
اشتملتما عليه من ذريتكما، "بَعْضُكُمْ": بعض الذرية "لِبَعْضٍ عَدُوٌّ".
2- تفسير الطبري(3): وَهَذَا خَبَر مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْرهُ عَنْ فِعْله بِإبْلِيس وَذُرِّيَّته، وَآدَم وَوَلَده..
3- تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي(4): (أوضح المؤلف صراحةً أن الأمر بالهبوط لا يشتمل الشيطان، حيث أنه كان قد هبط بالفعل): ونلتفت لنجد أن هناك أمرًا قد سبق لإبليس بالهبوط، وهنا أمر آخر بالهبوط.
وكلمة "عدو" تعني وجود صراع، ومعارك سوف تقوم بين أولاد آدم بعضهم مع بعض، أو تقع العداوة بينهم وبين أعدائهم من سكان الأرض من جن وغيرهم..
4- التفسير الوسيط للقرآن الكريم - محمد سيد طنطاوي(5): وقيل الخطاب لآدم وحواء وذريتهما. وقيل الخطاب لهما فقط لقوله- سبحانه- في آية أخرى: قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً والقصة واحدة، وضمير الجمع لكونهما أصل البشر.. والمعنى اهبطوا إلى الأرض حالة كون العداوة لا تنفك بين آدم وذريته، وبين إبليس وشيعته..
5- تفسير ابن عاشور(6): .. وإذ قد كانت هذه العداوة تكوينيّة بين أصليّ الجنسين، كانت موروثة في نسليهما، والمقصود تذكير بني آدم بعداوة الشّيطان لهم ولأصلهم..
6- التفسير الوسيط للقرآن الكريم - تأليف لجنة من العلماء(7): اختار الفرّاءُ: أن الخطاب في الآية لآدم وحواءَ وذريتهما.. ولا مانِع من خطاب الذرية وهي لم توجد بعد، لأن خطاب الأبناء تابع لخطاب الآباء. ولأن المُنتَظَر في حكم الموجود، كما في قوله تعالى: "وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ" (سورة يس 41)..
والمُراد بالجمع في قوله "اهبطوا" ما فوق الواحد، أو لأنهما أصل البشر، فكأنهما جميع الآدميين..
وخلاصة معنى الآية: قال الله تعالى لهما: اهبطوا من الجنة أنتما وذريتكما -تبعًا لكما-..
(ويستكمل الكاتِب في شرح الآية التالية): "قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ " (سورة الأعراف 25): قال الله أيضًا لآدم وحواء وذريتهما...
(وكذا في شرح آية 26): "يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ": هذا خطاب من الله تعالى إلى الناس كافة..
فالعقاب والهبوط من الجنة والعداوة والهدى.. كل ذلك لجميع بني البشر..
_____
(*) المصدر: من مقالات وأبحاث موقع الأنبا تكلاهيمانوت www.st-takla.org
(م. غ.).(1) المقال هو: ما ذنبنا نحن في خطية آدم؟ وهل العدل الإلهي يقاصّص القاتل فقط أم انه يقاصّصه هو وأولاده وذريته؟ وإن كانت العدالة الأرضية القاصرة لا تحكم على ابن القاتل بالإعدام فما بال السماء تحاسبنا على خطية آدم؟ وهل أُحاسب على خطية أبي وجدي وأمي وجدتي.. وهلمَّ جرا؟ - كتاب حتمية التجسد الإلهي - أ. حلمي القمص يعقوب.
(2) المحلي، الإمام جلال الدين - الإمام السيوطي، جلال الدين (حققه وعلَّق عليه: قباوة، د. فخر الدين). تفسير الجلالين الميسر، الطبعة الأولى، 2003 م.، مكتبة لبنان ناشرون، لبنان، مطبعة دار نوبار بالقاهرة، ص. 152-153، رقم الإيداع: 8945/2003 م.، الترقيم الدولي: 977-16-0692-1.
(3) الطبري، أبو جعفر (إعداد: معروف، د. بشار عواد - الحرستاني، عصام فارس). تفسير الطبري من كتابه جامع البيان عن تأويل آي القرآن (المجلد الثالث: المائدة إلى الأعراف)، الطبعة الأولى 1415 هـ. - 1994 م.، مؤسسة الرسالة، لبنان، ص. 417.
(4) الشعراوي، محمد متولي. تفسير الشعراوي (المجلد السابع)، أخبار اليوم (قطاع الثقافة والكتب والمكتبات)، ص. 4090-4091، رقم الإيداع: 3092/1991 م.، الترقيم الدولي: 977-0
8-0111-9.(5) طنطاوي، محمد سيد. التفسيرُ الوسيط للقرآنِ الكريم، المجلد الخامس (تفسير سورتي الأنعام والأعراف)، القاهرة، مصر، دار المعارف، ص. 259، رقم الإيداع: 8939/1995 م.، الترقيم الدولي: 977-02-3867-8.
(6) ابن عاشور؛ محمد الطاهر بن عاشور. تفسير التحرير والتنوير [مجلد 8 ب (القسم الثاني من الجزء الثامن)]، الدار التونسية للنشر، تونس، 1984 م.، ص. 68.
(7) لجنة من العلماء. التفسير الوسيط للقرآن الكريم، الطبعة الثالثة 1413 هـ - 1992 م. (طبعة أولى 1973؟)، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، مطبعة المصحف الشريف، ص. 1399-1401، رقم الإيداع بدار الكتب: 1679/1979 م.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/faq/faith/go-down-quran-verse.html
تقصير الرابط:
tak.la/r68k2m9