"إني أرى بعضًا منكم يتكالبون على الوظائف. ما كان الأمر كذلك في حياة أبينا الطوباوي. ما كان أحد يطمع إلا في أن يسود التواضع والطاعة، خوفًا من أن نكون آخرين في ملكوت السموات. أنكم تعرفون كم كلفني أن أخلف بترونيوس عندما عينني مكانه، كنت أرى الخطر الكبير في قيادة الأرواح. وما نهجت في ذلك غير نهج كل القديسين. فقد أعطانا موسى أول الأنبياء مثالًا لذلك عندما أمره الرب أن يقود شعبه، فقد التمس منه أن يعفيه من تلك الخدمة الصعبة، وما أخذها على عاتقه إلا خوفًا من إغضابه.
أما نحن يا أخوتي، فهل نستطيع أن نسمع قول الرب مخلص العالم أن من يرفع نفسه يتضع، ونحتفظ في قلوبنا بالأطماع؟ هل نجهل أنه لم يُعطَ لكل الناس أن يحكموا بجدارة، وأن ذلك ليس إلا للذين ارتفعوا فوق الآخرين بسمو فضيلتهم؟ انتبهوا إلى هذا المثل: إن كانت لبنة غير مهيأة تستعمل في أساس مبنَى على ضفة النهر، فهي تذوب فيه في أقل من يوم، ولا تفيد المبنَى في شيء، ولكن إن كانت مُعَدَّة جيدًا، فسوف تصير صلبة مثل الحجر. هكذا يكون أولئك الذين لا تزال قلوبهم وأرواحهم ترابية وهم ليسوا ممحصين جيدًا بنار التعاليم الإلهية، فإنهم لا يلبثون أن يفشلوا في مشروعاتهم، لأنهم يتعرضون لعدد كبير من الصعوبات والتجارب، ويتعين عليهم قيادة أناس كثيرون. لذلك لا نستطيع أن نمتدح بما فيه الكفاية أولئك الذين إذ يشعرون أن ليس لهم القوة الكافية لحمل ثقل الحكم، يرفضون أن يأخذوه على عاتقهم خوفًا من التورط في مخاطر عظيمة. وعلى النقيض فإن الذين ثبتوا في الإيمان راسخين، لا يزعزعهم شيء، نراهم يساندون بعضهم بعضًا دائمًا في أصعب الظروف".
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
هذه الأطماع التي كانت تراود بعض الرهبان كان القديس يجتهد أن يخمدها، فهي المقدمة للاضطراب الذي ما لبث أن دبَّ في فريق من الرهبان وسبب له الكثير من القلق والاستنكار.
كان عدد الرهبان قد ازداد كثيرًا، وشجع لزوم الإنفاق على اقتناء الأراضي واستعمال أساليب أخرى لتدبير معيشتهم. على أن الاهتمام بالأمور الزمنية، عندما يؤخذ بحماس زائد خلافًا لروح القانون، فإنه يضعف التأمل ويفضى إلى تجرد القلب عند كثير من الرؤساء أو المسئولين، الأمر الذي يزعزع قوة النظام.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/youssef-habib/sts-petronius-horsiesius/unity.html
تقصير الرابط:
tak.la/6bs8dzz