قال لهم في أحد الأيام: "أنكم لا تجهلون مقار عمق معرفة القديس أنبا باخوم بالكتب المقدسة، وقد عودنا أن يحدثنا بها عن الأمور السماوية، ولكنه يبدو لي، بقدر ما تستطيع قدرتي المحدودة أن تدرك، انه لا فائدة من حثنا بأجمل العظات، إن كنا لا نعني بحفظها في النفس ساهرين بحرص على حفظ الروح، لأنه بغير ذلك ننسَى ما سمعناه، ونسقط سريعًا في التراخي، لأننا عندما نكون فارغين من الأفكار الحسنة، يجدنا الشيطان مستعدين لنقبل الأفكار التي يوحي بها.
ومثل ذلك مثل إنسان اعدَّ سراجًا ليستخدمه، وأهمل أن يزوده بالزيت، انه عبثًا يحاول إشعاله، فهو ينطفئ حالًا ويتركه في الظلام، ويحدث أحيانًا ما هو أمرَّ من ذلك، إذ يأتي فأر ويجد الفتيلة مطفأة، فيقرضها، وغالبًا أيضًا يجرَّ السراج فينكسر إذا كان مصنوعا من مادة سهلة الكسر، ولكنه يمكن إصلاحه واستخدامه من جديد إذا كان مصنوعًا من مادة متينة يصعب كسرها. نقول نفس الشيء تقريبًا عن النفس التي تهمل العناية بخلاصها. ان الفتور والتراخي ينقصان فيها حرارة المحبة المقدسة رويدًا رويدًا، إلى أن لا يبقى شيء تقريبًا من الحرارة الروحية. أن الشيطان يجتهد أن يطفئها تمامًا بالأتعاب التي يسببها له. ولكن إذا كانت هذه النفس قد اعتنت قبل تراخيها بأن تجعل لنفسها بنية روحية قوية في خدمة الله خشية إهانته، فحينئذ ينعها جدًا تذكار المذابات الأبدية، حتى ترجع إلى الله، وتعود إلى حالتها الأولى التي أسقطها منها التراخي.
هكذا كان يعلم الرهبان مستخدما، حسب قياس الموهبة التي أعطاها الله له، تلك الأمثال المأثورة التي كانت تجعل الناس ينصتون إليه بسرور ويستفيدون دائنًا. ولكنه فيما بعد، زاده الله استنارة، وجعل في مقالاته قوة وحيوية من أجل تعزية الإخوة، فصار لا يعلم بواسطة الأمثال بعد، بل يشرح لهم أكثر فصول الكتاب المقدس صعوبة. وكان يوصيهم كثيرًا أيضًا بحفظ القوانين التي سنها القديس أنبا باخوم، وكل الأمور التي تصدر إليهم عن الرؤساء.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/youssef-habib/sts-petronius-horsiesius/speech.html
تقصير الرابط:
tak.la/45nwaxj