عندما أشرفوا على الباب أمروهم أن يرتدوا الملابس المُخصَّصة (إمعانًا في الاستخفاف بهم) فالرجال يرتدون زي كهنة "ساتورن"، والنساء يرتدين زي مكرّسات "سيريس"، فانبرت لهم بربتوا النبيلة وقاومت هذا الأمر بإصرار حتى النهاية وقالت: "نحن أتينا إلى هذا الاستعراض بمحض إرادتنا حتى لا تُهان حريتنا، وقد جعلنا حياتنا رهن هذه الحرية فلن نعمل هذا العمل وهذا شرطنا معكم"، وهكذا انصاعت عدم العدالة تحت وطأة شجاعة العدالة، فأمر الضابط المكلّف أن يسمح لهم بدخول الساحة بملابسهم العادية كما هم.
فدخلت بربتوا أولًا وهى تنشد مزمور الغلبة، وكأنها تطأ رأس الجبار، ومن ورائها ريفوكاتوس وساتورنينوس وساتيوروس ينذرون المتهكمين عليهم بقصاص الله، ولمّا أشرفوا على منصّة هيلاريان، قالوا له في وجهه: "أنت تحكم علينا اليوم، والله سيدينك". فاستثارت تحدياتهم هياج الجماهير، فهتفوا يطالبون بتعذيبهم بالسياط قبل إلقائهم للوحوش، فكان رد الفعل عند الشهداء مزيدًا من الفرح والتهليل، إذ كسبوا بهذا نصيبًا آخَر في آلام الرب.
وكأنما الذي قال: "اسألوا تعطوا" قد سمع إلى اشتياق قلوبهم، وأجاب مطلبهم، فمنحهم أن يموتوا كل واحد بالطريقة التي كان يشتهيها.
لأنهم بينما كانوا يتسامرون فيما بينهم عن آمالهم في طريقة استشهادهم قال ساتورنينوس: إنه يود لو يطوف على كل الوحوش، طمعًا في أن يلبس إكليلًا أفضل، وهذا ما تم له بالفعل، ففي بداية العرض أخرجوا عليه النمر الأسود، وهو أشرس الوحوش، ولكن النمر جفل منه وأبى منازلته، وأخيرًا حظى بلطمات هارسة من الدّب جعل جسده يتناثر على الرصيف...
أمّا ساتوروس إذ كان يكره الدّب اشتهى أن ينطلق بعضة واحدة من النمر، فلمَّا أطلقوا عليه الخنزير البرّي المتوحّش هجم الخنزير على مروّض الوحوش وافترسه، أمّا ساتوروس فلم يُصَبْ، فجرّوه. ولمَّا أعادوا تقديمه إلى الدّب رفض الدب أن يتحرّك من مكانه... وهكذا خرج ساتوروس لثاني مرّة دون أن يُصاب.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/various/perpetua/martyrdom.html
تقصير الرابط:
tak.la/q5sprbj