لمَّا كانت حُبلى وهى في شهرها الثامن، عندما قُبِض عليها، كانت كلّما اقترب يوم الاستعراض تزداد حزنًا بسبب خوفها الشديد لئلاّ يتعطّل استشهادها بسبب كونها حامل. لأن القانون الروماني يحرّم عقوبة النساء إذا كُنَّ حوامل. وكانت تخشى أن يُسفَك دمها في مناسبة أخرى ربما تكون فيها من فعلة الشر. وكان الشهداء زملاؤها في قلق عميق عليها.
لا يريدون أن يتركوا وراءهم رفيقة صالحة سارت كل الطريق معهم على نفس الرجاء. فاجتمعوا معًا وأخذوا يبكون بصلاة منسكبة أمام السيّد الرب يوميْن كامليْن من أجلها قبل الاستعراض. وقد حدث بعد صلاتهم مباشرة أن أحسّت فيليسيتاس بوجع المخاض ينقلب عليها. ولأن الولادة في الشهر الثامن أمر خطر لذلك عانت فيليسيتاس آلام مُبرحة، وعندما قالت لها القابلة باستهزاء: أنت تتألمين الآن هكذا، فماذا أنتِ فاعلة عندما يلقونك للوحوش؟ تحاملت على نفسها وأجابتها بهذا القول: "أنا أتألم اليوم، أمّا غدًا فالمسيح الذي فيَّ هو الذي يتألم عني، اليوم قوة الطبيعة تقاومني، أمّا غدًا فنعمة اللَّه تهبني النُّصرة على ما أُعِدّ لي من عذاب" لأني اشتقت أن أتألم من أجله، (وقد وضعت طفلة فأخذتها في الحال أخت مُحبَّة كانت واقفة وتبنَّتها لنفسها).
لقد دأب رئيس الحراس المسئول عن حراسة الشهداء حينما كانوا في السجن أن يُعاملهم بأشدّ قوة وعنف بلا رحمة. لأن بعض الناس قالوا لرئيس الحراس: "إن المقبوض عليهم بتهمة الإيمان بالمسيح يستعملون السحر". ولكن بربتوا الشجاعة وجّهت إليه كلامًا شديدًا قائلةً: "نحن المحكوم علينا من قِبَل قيصر وسنقوم بمصارعة الوحوش بمناسبة عيد ميلاد ابنته (چيتا Gita)، فلماذا لا تعطينا بعض المعاملة الحسنة؟ أليس من صالحك أن نظهر في حالة جيدة؟
فعند سماعه هذا التظلم ارتبك وأحمرّ وجهه من الخجل فأعطى أوامر بأن يعاملوا المسجونين معاملة لينة ويسمحوا لنا بالزيارة وتقديم الخدمات، أمّا الحارس بيودنيس فكان قد دَخَل إلى الإيمان.
في اليوم السابق للاستعراض مباشرة بينما كانوا يقيمون الاحتفال بالعشاء الأخير الذي كان يسمّونه الشهداء: (عشاء عيد الحرية). ولم يكن عيدًا بالمفهوم المعتاد إنما كانت مائدة محبّة، كانوا يتحدثون مع الناس الذين تجمّعوا حولهم بقوة وعزيمة ليحذِّروهم من دينونة الله موبّخين فضولهم ومُعلنين سعادة نصيبهم في قبول الآلام (من أجل الرب). وكان ساتيوروس يقول لهم: "إن غدًا لن يُفرحكم فسوف ترون فيه ما لا تشتهون، نحن نبدو أصدقاءكم اليوم أمّا غدًا فستظنوننا أعداءً فانظروا إلى وجوهنا الآن حتى تتعرّفوا علينا باكر". فخجل الواقفون وانفضوا عنهم وكثير منهم أعلن إيمانه.
ولمَّا أشرق فجر انتصارهم، حملوهم من السجن إلى ساحة الملعب، فكانوا مُتهلِّلين كأنهم في طريقهم إلى السماء وعلى وجوههم مِسحة النعمة وفرحتها. وكانت بربتوا تتبعهم بخطوات خفيفة مُشرقة كعروس كاملة للمسيح وكحبيبة لله، تَغضّ الطرف بحياء النعمة إزاء حملقة الجماهير في وجهها، إنما بروح عالية ...
أمّا فيليسيتاس فكانت مُبتهجة إذ وضعت بسلام، فصار لها مُشتهاها أن تُلقى للوحوش.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/various/perpetua/filisty.html
تقصير الرابط:
tak.la/pq6vb86