عندما نتكلم عن تاريخ أوروبا نستطيع أن نقسمها لقسمين رئيسيين: شرق أوروبا وغرب أوروبا. فلقد كان لكل قسم خصائص وظروف مختلفة.
لقد دخل الإيمان المسيحي أوروبا منذ العصر الرسولي. وتأسست كنائس في بلاد كثيرة. وكانت روما عاصمة الإمبراطورية الرومانية في هذا الزمان وكانت كل البلاد الأوروبية تخضع لها. لذلك أصبح كرسي روما هو مركز المسيحية في وسط وغرب أوروبا.
وفي القرن الرابع تم تقسيم الإمبراطورية الرومانية لشرقية وغربية. وظلت روما عاصمة الغرب وتم بناء القسطنطينية وصارت عاصمة الشرق. في الوقت الذي كانت هناك أكثر من كنيسة رسولية في الشرق: في أورشليم وأنطاكيا والإسكندرية. ووجود أكثر من كرسي رسولي أعطى لكل بطريرك في الشرق الشعور بالمساواة مع غيره.
أما في روما فكانت الكرسي الرسولي الوحيد في غرب ووسط أوروبا. وكان هذا مفيدًا في تنظيم أحوال الكنيسة مركزيًا وتوحيد الصلوات وفهم الإيمان والوقوف ضد الهرطقات. ولكن كان له أثرًا سلبيًا أضر بكنيسة روما جدًا. إذ تدخل الباباوات في السياسة وفي تعيين الحكام والولاة. وأصبح للأساقفة كرامة عظيمة ونفوذ وأموال كثيرة. وأنشغل معظمهم بالتدين الظاهري والمباني والإنجازات وضعفت الحياة الروحية لكثيرين منهم نتيجة اهتمامهم بالكرامة والمظاهر. عاش معظم الأساقفة والكهنة في حياة ترف، واحتقروا الشعب وتعالوا عليه، وأطلقوا على أنفسهم ألقاب للسيادة والسلطة، واهتموا بجمع الأموال وبيع صكوك الغفران. التي خدعوا بها الناس قائلين أنهم يستطيعون أن يشتروا بأموالهم مكانًا في السماء. وأنتشر الجهل وعمت الخرافات بين الناس.
أعترض بعض الناس على تصرفات البابا والأساقفة ولكنهم هوجموا كهراطقة وتم قتل بعضهم. مما جعل الباقين يفضلون العمل الإيجابي بعيدًا عن سلطة البابا. وهذا هو السبب في وجود أنواع رهبانيات مختلفة في الكنيسة الكاثوليكية، إذ كلها نشأت بعيدًا عن الكنيسة وسلطتها وسياساتها. فأحد الشبان أهتم بتعليم الفقراء وبناء مدارس لهم وأجتمع حوله بعض الشبان وعاشوا سويًا وأسسوا رهبنتهم. وآخر أهتم بتعليم الأطفال الفقراء حرفة يعيشوا منها. وآخر أهتم بالكرازة بالمسيح في البلاد البعيدة. وتأسست رهبانيات متنوعة أيضًا للنساء تهتم بالفقراء والتمريض والتعليم...
وبعد أكثر من 100 عام من تأسيس هذه الرهبانيات أقترح بابا روما عليهم أن ينضموا للكنيسة على أن تحتفظ كل رهبانية بقوانينها الخاصة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وبالفعل انضمت كل الرهبانيات للكنيسة.
لكن لم يكن كل المعارضين للكنيسة بهذا الهدوء ولم يكتفوا بالعمل الإيجابي. ففي القرن 15 جاء مارتن لوثر في ألمانيا وعارض البابا علانية. وهاجم سلطة البابا وفكرة المطهر وبيع صكوك الغفران وطالب بإصلاح الكنيسة. لم يتفاهم معه البابا بل حرمه فزاد من هجومه على الكنيسة وأعلن انشقاقه. وخدمته الظروف السياسية إذ أن ملك ألمانيا كان يريد أن يتخلص من نفوذ البابا فساند مارتن لوثر. وجاء كالفن في سويسرا وعارض البابا وهكذا أنشق هؤلاء المعترضون ولقبوا بالبروتستانت ومعناها المعترضون. ولما تم حرمانهم من الكهنوت قاموا بإلغاء الأسرار. وأعطى كل منهم نفسه الحق في تفسير الكتاب المقدس بعيدًا عن شرح آباء الكنيسة الأوائل مما تسبب في توالي انشقاق مجموعات متتالية الذين قاموا بتسمية كنائسهم بأي اسم يختارونه: المعمدانيين، إنجيليين...
رغم سلبيات العصور الوسطى في أوروبا، لكن الكنيسة كان لها دور كبير في تقدم العلم خاصة الطب. فقد كانت الكنائس والأديرة أماكن للعلم وملحق بها مدارس. ومن المعروف أن التشريح وتسمية كل أعضاء الجسم مازال مستخدم في العالم كله باللغة اللاتينية، لأن الرهبان في أوروبا هم أول من قاموا بتسمية كل جزء في الجسم باللغة التي كانوا يتحدثون بها وقتها.
كما كان للعلمانيين، الذين أسسوا رهبانيات مختلفة بعيدًا عن سلطان الكنيسة، دور كبير في نشر العلم والمعرفة. بجانب الاهتمام بالفقراء والمرضى ورعايتهم.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/shepherd-voice/christians-3/history.html
تقصير الرابط:
tak.la/ygx76hr