قدَم الآلاف من المُبشرين حياتهم وأعمارهم من أجل توصيل رسالة الخلاص والفداء إلى نفوس كثيرة لم تسمع عنها، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. خرجوا في أعداد كبيرة في سفن ضخمة تغادر شواطئ بلادهم وعليها ألف فرد مثلًا من المبشرين وعائلاتهم، وتطول رحلة السفر إلى شواطئ أفريقيا إلى شهور في ظروف شاقة، يُصاب البعض منهم بالملاريا Malaria والبعض بالديزونتاريا -حيث لم تكن وسائل التشخيص أو العلاج الطبي قد تطورت أو تقدمت- ويموت الكثيرون وتطرح جثثهم في البحر، ويستمر الباقون ليصل إلى شواطئ أفريقيا حوالي 70% ممِن بدأوا الرحلة.
+ ومنذ وصولهم إلى شواطئ أفريقيا حتى وصولهم إلى مناطق كرازتهم، كان عليهم أن يسافروا مئات أو آلاف الكيلومترات سيرًا على الأقدام أو على ظهور البغال أو الحمير، يقودهم الدليل ليُعرفهم الطريق وسط الغابات الاستوائية. ويتعرض البعض لهجمات من الوحوش الضارية، أو يُصابوا بأمراض قاتلة في تلك الأزمان مثل الحمى والملاريا والديزونتاريا Dysentery. وحتى يصلوا إلى محطات خدمتهم، يموت منهم على الطريق أعدادًا كبيرة ويُدفنون على الطريق.
وفي إخلاص عجيب ومحبة للتضحية والبذل لأجل الكرازة، يستمر الباقون حتى وصولهم إلى أماكن خدمتهم ولم يتعدى عددهم أكثر من نصف هؤلاء الذين أتوا للكرازة.
+ وهؤلاء الذين يصلون إلى أماكن خدمتهم، يعيشون في ظروف معيشية صعبة هم ونسائهم وأطفالهم، محرومين من وسائل الراحة أو الأمان أو العناية الطبية أو التعليم. وما أن يستقروا وسط القبائل الأفريقية حتى يبدأوا في محاولة التخاطب مع المواطنين، ثم يبدأوا في محاولات صعبة جدًا لتعلم اللغات الأفريقية القبلية، ثم وضع مفردات لكل لغة، ثم عمل قاموس للغات القبائل، ثم يبدأوا في ترجمة الإنجيل إلى لغات القبائل.
ربما تحتاج ترجمة العهد الجديد فقط من خمسين إلى سبعين أو مائة عام، ولكن هذا العمل تحملته مجموعة من المُبشرين واحدة بعد الأخرى لمدة قرن من الزمان حتى تم ترجمة الكتاب المقدس كله بعهديه إلى لغات القبائل " إن إنجيلنا لم يَصر لكم بالكلام فقط بل بالقوة أيضًا وبالروح القدس وبيقين شديد" (1تس1: 5).
+ كان الكارزون يعملون بثقة شديدة في أن الكرازة ستنجح بقوة الله، ومهما كانت الإحباطات والأمراض وقلة الإمكانيات إلا أنهم لم يستسلموا وكان شعارهم:
" سنجعل تلك البلاد منفتحة لرسالة الإنجيل وإلا فسوف نموت في سبيل المحاولة".
+ كانت بعض الكنائس ترفض مساعدة الكارزين لأنها أرسلت كارزين ماتوا كلهم بسبب الأوبئة والأمراض، وكان البعض يظن أنهم فشلوا في رسالتهم، ولكن الكتاب المقدس يقول: "الحق الحق أقول لكم إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتَمُت فهي تبقى وحدها. ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير" (يو12: 24).
ولكن الكارزون غيروا أسلوبهم من الاعتماد الكامل على الكارزين البيض إلى تلمذة السود والاعتماد عليهم في الكرازة. فهم من أبناء أفريقيا وأجسامهم تحتمل البيئة الصعبة أكثر من البيض وأيضًا يعرفوا اللغات والعادات والتقاليد. وبالفعل نجحت هذه الفكرة جدًا واستطاعوا تحويل دول كثيرة من الوثنية إلى المسيح والآن معظم الرعاة والأساقفة من الأفارقة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/shepherd-voice/christians-2/history.html
تقصير الرابط:
tak.la/ns3fy2t