إننا نبدأ صلواتنا بالشكر، لأن إحسانات الله علينا في الماضي كثيرة جدًا. قبل أن نطلب جديدًا ينبغي أن نشكر الله على إحساناته السابقة. وكما قال ماراسحق "ليست موهبة بلا زيادة، إلا التي بلا شكر".
والله ليس محتاجًا إلى شكرنا، ولكننا نحن المحتاجون أن نشكر الله. كلما نشكر الله نتذكر إحسانات الله. وكلما نتذكر إحساناته، نشعر ونتأكد من حبة قلبه لنا. وكلما نتأكد من محبته، تزيد الصلة بيننا وبينه. وهكذا نستفيد.
كما أن شكر الله وتذكر إحساناته يشجعنا أن نعيش في الرجاء. ونقول أن الذي حافظ علينا في الماضي. يحافظ الآن والذي ستر في الماضي، يستر الآن. على رأي كاهن عجوز في الصعيد كان دائمًا يصلي ويقول: "اللي قضي مضي يقضي ما بقي". أي إن الذي ساعدنا على أن نقضي ما مضي من أيامنا، يجعلنا نقضي ما بقي منها. فنحن نحاول أن نتذكر إحسانات الله إلينا، لكي يكون لنا رجاء في المستقبل.
داود النبي كان باستمرار يذكر إحسانات الله إليه. ليتكلم تحفظون (المزمور 103) "باركي يا نفسي الرب، وكل ما في باطني يبارك أسمه القدوس، باركي يا نفسي الرب ولا تنسي كل حسناته".. فهو يطلب أن تبارك الرب فليبارك الله من أعماق قلبه، من داخله قائلًا "كل ما في باطني فليبارك أسمه القدوس".
إننا نبدأ صلواتنا بالشكر، وليس بالطلب، لئلا يظن أنه لولا الطلب ما كنا نصلي! أو أن صلواتنا صلاة منفعة! لكننا نقول له قبل أن نطلب منه شيئًا: إننا مغمورون يا رب بإحساناتك. فضلك علينا كثير. حتى إن كنت لا تعطينا الآن شيئًا، يكفي ما مضي من إحساناتك علينا. إنها تكفي.
ونحن نشكر الله في شعور بعدم الاستحقاق. الشخص المنسحق النفس، هو الذي يستطيع أن يشكر. لماذا؟ لأن الإنسان المتكبر، يظن في الخير المحيط به أنه هو أهل له، وأنه يستحق نتيجة أعماله، ونتيجة لجهاده. وقد ينسب كل الخير المحيط به إلى نفسه.
إذا نجح في امتحان يقول: أنا ذاكرت هذه السنة وتعبت وإن كان في صحة، ينسبها إلى عنايته بنفسه.
وإن كان غنيًا، يقول حسن أنني أكافح في الحياة، لذلك أتمتع بتعب يدي، إنه ينسب الخير كله إلى نفسه.
أما المنسحق القلب، فيشعر أنه لا يستحق شيئًا، القليل الذي معه، يشكر عليه كثيرًا جدًا. يقول له: يا رب أنا لا أستحق كل هذا! تخجلني نعمتك ومحبتك، وإحساناتك. فلو عاملتني حسب استحقاقي، لكنت أشابه الهابطين في الجُب.
إن الذي يستطيع حقًا أن يشكر هو الإنسان المنسحق.
هناك أشخاص حياتهم كلها تذمر، حياتهم كلها تضجر. مهما أعطاهم الله، لا يشكرون، ومهما أخذوا، لا يباركون الرب. باستمرار في تضجر وتذمر. لاحظوا أن أبوينا الأولين كان عندهم خيرات الجنة كلها. ومع ذلك لم يكتفيا واشتهيا الشجرة الباقية!
فالشكر ينشأ داخل القلب، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. على رأي ماراسحق "الذي لا يشكر على درهم واحد، كاذب هو إن قال إنه يشكر على ألف دينار". الشخص الذي لا يشكر على القليل لا يمكن أن يشكر على الكثير، لأن عنصر الشكر غير موجود في قلبه.
حياة الشكر هي حياة رضا. إنسان قلبه راض ومستريح على الوضع الذي هو فيه. يقول له يا رب أشكرك. مجرد بقائي كما أنا، مجرد أني سائر على قدمي، إنما هو نعمة عظيمة من عندك.
إن كنا لا نشكر، فذلك لأننا لا نري! لا نبصر إحسانات الله! لأن عيوننا ترفض أن تبصر. لو كنا نرى ما يحيط بنا نعم لكانت حياتنا كلها لا تكفي للشكر. فعلي الأقل وكل صلاة من صلواتنا نبدأها بالشكر. نشكر ربنا الذي خلقنا وأوقفنا قدامه. وأعطانا فرصة لكي نصلي، وقلبًا منتفخًا للصلاة، وجعلنا مستحقين أن نرفع أيدينا إلى فوق.
ماذا نقول في صلاة الشكر؟ نقول: فلنشكر صانع الخيرات.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/thanksgiving-psalm-50/thanks.html
تقصير الرابط:
tak.la/a5x5q9r