1- من البراهين القوية على بشاعة هذه الخطية أن القديس بولس يأمرنا قائلًا: «لا تخالطوا الزناة... لا تخالطوا ولا تؤاكلوا مثل هذا... أعزلوا الخبيث من بينكم» (1 كو 6: 9-13). فالأخ الزاني يعزله المجتمع المسيحي، ولا يختلط به، كشیء نجس، خبيث، كسبب عدوی... ما أقسى هذا الأمر عندما تعرض له خاطئ كورنثوس، كاد أن يبتلع من الحزن المفرط (2 كو 2: 7).
2- وخطية الزنا خطية مُرَكَّبَة: فهي ليست قاصرة على خطية الإنسان نحو غيره باشتهائه أو تدنيسه أو إعثاره أو إغرائه... وإنما بها أيضًا يخطئ الإنسان إلى نفسه، إذ يفقد عفته وطهارته، ويدنس نفسه ويتلف صحته. ويخطئ أيضًا إلى الله إذ يأخذ أعضاء المسيح ويجعلها أعضاء زانية، ويدنس هيكل الروح القدس الذي هو جسده... وهكذا نرى أن داود النبي عندما زني بامرأة أوريا الحثي، صرخ إلى الله قائلًا: «لك وحدك أخطأت، والشر قدام عينيك صنعت» (مز 51: 4).
وقد يتطور الزنا فتكون له نتائج أخرى خطيرة: مثل فقد البكورية. أو الحبل، أو الإجهاض، أو الطلاق، وربما تغيير الدين أيضًا لتلافي نتائج الخطية أو تكميلا لشهوة تحكمت في الإنسان..! ونحن في هذه الأيام - للأسف الشديد. غالبية الذين يتركون دينهم إنما يتركونه لهذا السبب: وقعوا في خطية زنا ولم يستطيعوا أن يتخلصوا من نتائجها..!! وهذا يعطينا مثالًا عن مدى ما توصل إليه الخطية...
 |
3- وخطية الزنا تشمل الإنسان كله، كل ما فيه يخطئ أثناء إرتكابها: فكره، وحواسه، وقلبه، وجسده، وروحه... الخطية تسود عليه كله وتستقطبه. بالذات - الخطايا الشهوانية عمومًا والإنفعالية. يشترك فيها الإنسان كله، بعكس خطايا أخرى تكون قاصرة على جزء واحد فقط من الإنسان: فخطية الشك مثلًا، من الجائز أن تكون قاصرة فقط على فكر الإنسان. وبعض خطايا الكلام تكون قاصرة على اللسان...
4- ومن بشاعة الزنا يسمونه أحيانًا «الخطية» وكفي. فقد تقول فتاة لأب إعترافها: «وقعت في الخطية» ولا تزيد شيئًا. ويفهم هو أنها هذه الخطية بالذات...
5- ومن بشاعة خطية الزنا أنها تعتبر عداوة لله ومحبة للعالم، وفي ذلك قال القديس يعقوب الرسول: «أيها الزناة والزواني، أما تعلمون أن محبة العالم عداوة لله. فمن أراد أن يكون محبًا للعالم فقد صار عدوًا لله» (يع 4: 4).
6- ومن أهمية هذه الوصية أن الرسل عندما بحثوا مسألة الأمم الداخلين إلى الإيمان، وأرادوا أن يخففوا عنهم، فلا يثقل عليهم بوصايا كثيرة، إقتصروا على منعهم عن أشياء قليلة هي أبشع ما عند الأمم. وكان الزنا إحدى هذه البشاعات. فقال يعقوب الرسول: «لذلك أرى أن لا يثقل على الراجعين إلى الله من الأمم. بل يرسل إليهم أن يمتنعوا عن نجاسات الأصنام والزنا والمخنوق والدم» (أع 15: 19، 20).
7- ومن بشاعة خطية الزنا، ظن البعض أنها خطية آدم وحواء التي جَرَّت الويل على العالم كله. ولكني لا أوافق مطلقا على هذا الرأي لأسباب كثيرة(1)..
8- ومن خطورة هذه الخطية أنها أسقطت كثيرين من الأقوياء، منهم أنبياء كداود. ولذلك قال عنها سليمان الحكيم، عن خبرة، إنها: «طرحت كثيرين جرحى، وكل قتلاها أقوياء» (أم 7: 26).. إن شیطان الزنا شيطان عنيف يحتاج إلى إحتراس شديد وإلى معونة قوية من الروح القدس...
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
وتزداد خطية الرجل بشاعة إذا أكره المرأة أكراها على الزنا معه، وإغتصبها إغتصابًا. إذ يكون بذلك كأنه وحش لا إنسان. وفي هذه الحالة يحمل خطيته وخطيتها. وبخاصة إذا قاومت المرأة بكل قوتها، واستغاثت ولم يغثها أحد، ولم تكن راضية عن الخطية في قلبها... وفي ذلك تقول الشريعة: «يموت الرجل الذي إضطجع معها وحده. وأما الفتاة فلا تفعل بها شيئا. ليس على الفتاة خطية للموت، بل كما يقوم رجل على صاحبه ويقتله قتلًا هكذا هذا الأمر» (تث 22: 25، 26).
وهكذا كانت الشريعة تفرق في مسئولية المرأة إن حدث الزنا في المدينة حيث يوجد من يغيث، أو حدث ذلك في الحقل حيث لا يوجد من يسمع. أما إن حدث ذلك في المدينة فتقول الشريعة: «أخرجوهما كليهما إلى باب تلك المدينة وارجموهما بالحجارة حتى يموتا: الفتاة من أجل أنها لم تصرخ في المدينة، والرجل من أجل أنه أذل امرأة صاحبه. فتنزع الشر من وسطك» (تث 22: 24).
ويدخل في نطاق الزنا بالإكراه، إن حدث في غير وعي الطرف الآخر. أو حدث بغير معرفته وبغير إدراكه لحقيقة الأمر كأن يحدث ذلك مع الصغار غير العارفين.
ويزيد خطية الزنا بشاعة إن حدثت مع المُحَرَّمَات، أو كانت بخلاف الطبيعة حسبما شرح بولس الرسول في رسالته إلى رومية (1: 26، 27)، أو كانت بإختراع طرق للإفتنان في أشباع الشهوة...
_____
(1) انظر كتابنا سنوات مع اسئلة الناس الجزء الأول.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/ten-commandments-7-10/heinous-sin.html
تقصير الرابط:
tak.la/fzcv3py
