إن قتل الروح قد يأتي عن طريق العثرة. كأن تقدم الخطية لإنسان، أو تغريه بها، فيسقط بسببك، وتكون قد قتلت روحه، ويطالبك الله بدمه. وفي ذلك قال السيد المسيح: "ومَنْ أعثر أحد هؤلاء الصغار المؤمنين بي، فخير له أن يعلق في عنفه حجر الروحي ويغرق في لجة البحر. ويل للعالم من العثرات. فلا بد أن تأتي العثرات ولكن ويل لذلك الإنسان الذي به تأتي العثرة" (مت 18: 6، 7).
ولكن لماذا يا رب تلقي الويل على هذا الإنسان ولماذا يكون من الخير له أن يعلق في عنقه حجر رحى وَيُلْقَى في البحر؟ ذلك لأنه قد قتل غيره بالعثرة. فالويل له حينما تؤخذ نفس عوضًا عن نفس. لذلك إحترسوا يا إخوتي من العثرة لئلا تقتلوا نفوسًا يطالبكم الله بدمائها في اليوم الأخير.
وقد ضرب لنا معلمنا بولس الرسول مثالًا للعثرة في موضوع أكل ما ذبح للأوثان. وقال عبارة المشهورة: "إن كان طعام يعثر أخي، فلن آكل لحمًا إلي البد، لئلا أعثر أخي" (1 كو 8: 13). وقد شرح خطورة ذلك بقوله: "لأنه إن رآك أحد -يا مَنْ له علم- متكئًا في هيكل الوثن. أفلا يتقوَّى ضميره الضعيف إذ هو ضعيف حتى يأكل ما ذبح للأوثان. فيهلك بسبب علمك الأخ الضعيف الذي مات المسيح من أجله. وهكذا إذ تخطئون إلي الأخوة وتجرحون ضميرهم الضعيف، تخطئون إلي المسيح" (1 كو 8: 10-12).
وهنا قدم لنا الرسول بولس مثلًا رائعًا في خطورة العثرة وفي نوعها. لأنه حتى إن كان العمل بريئًا في ذاته، ولكنه يعثر الضعفاء، فلا يصح أن تعمله مطلقًا حرصًا على ضمير أولئك الضعفاء، لئلا يفهموه فهمًا خاطئًا ويقلدوه فيهلكوا.
فماذا نقول إذن عن العثرات الواضحة في خطيئتها. ماذا نقول عن الفتاة الخليعة التي تعثر غيرها بملابسها أو بطريقة حديثها أو بإغرائه للسقوط. ألا تكون هذه قد قتلت روحًا لإنسان، وتقف مدانة أمام الله بالوصية السادسة؟! وماذا نقول عن الصديق الفاسد الذي يلح الحاحًا حتى يجر زميلًا له إلي نفس طريقه فيهلكه؟ وماذا نقول عن الذي يغري موظفًا بالرشوة، أو يغري مسافرًا بالتهريب؟ أو يشرح لزميل جديدًا طريقًا لا يعرفها يهرب بها من القانون؟
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
وماذا نقول عن الصديق الذي يفتح عيني صديقه على أخبار للخطية لا يعرفها ويفسد عقله البسيط بما يشرحه له وبما يقدمه لعقله من أفكار ولقلبه من شهوات؟! إنه ولا شك قاتل لهذه النفس حتى لو قال إنه لم يمسك سكينًا في حياته كلها!
ابحث يا أخي في حياتك: هل أنت سبب عثرة لأحد، أو سبب خطيئة لأحد؟ في أي شيء...
ما أشد خطر العثرة، وما أشد عقوبتها.
إن كان القتل عقوبته الموت، فإن العثرة كذلك، بنفس العقوبة. لقد شدد الرب على عقوبتها فقال: "من أعثر هؤلاء الصغار المؤمنين بي، فخير له أن يعلق في عنقه حجر الروحي ويغرق في لجة البحر" (مت 18: 6). ثم صب الويل على من تأتي العثرة بواسطته فقال: "ويل للعالم من العثرات، فلا بد أن تأتي العثرة، ولكن ويل لذلك الإنسان الذي به تأتي العثرة"..
وفي العقوبة في اليوم الأخير ذكر مسبي العثرة قبل فاعلي الإثم، فقال عن مجيئه الثاني: "يرسل إبن الإنسان ملائكته، فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم، ويطرحونهم في أتون النار. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان" (مت 13: 41، 42).
وهكذا كانت عقوبة بلعام خطيرة، لأنه ألقي معثرة أمام الشعب (رؤ 2: 14). ير بعام بن نباط لأنه جعل الشعب يخطي (1 مل 13: 34) - ما أخطر العثرة، وبخاصة لو كانت عثرة تشمل كثيرين، وتصدر من شخص كبير.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/ten-commandments-6-you-shall-not-murder/offenses.html
تقصير الرابط:
tak.la/2pkvayj