هل الصوم يدخل في موضوع (قتل النفس)؟
لأن أبي وأمي يضغطان على أن أفطر في أيام الإمتحانات، فماذا أفعل؟
في الحقيقة إن الصوم ليس قتلًا للنفس، بل هو على العكس إصلاح للصحة، إن سلك فيه الإنسان بمعرفة.
إن الانقطاع عن الطعام يريح الكبد ويرح المعدة والأمعاء والجهاز الهضمي كله. والإنسان في فترة الصوم إنما يعطي جسده راحة من الإنهاك الكير الذي ينهك به الجسد في فترة الإفطار.
 |
والطعام النباتي مفيد ونافع، وعاش به كثيرون أعمارًا طويلة، بصحة قوية. وقد ظل الإنسان نباتيًا إلي ما بعد فلك نوح (تك 9). وفي الفترة التي عاشها الإنسان نباتيًا، كان عمر الشخص يزيد عن التسعمائة سنة (تك 5).
لا تخافوا إذن من الصوم الانقطاعي، ولا تخافوا من الطعام النباتي.
إن الأبوين اللذين يضغطان على إبنهما أن يفطر، إنما يبرهنان على أن محبتهما لها طابع جسدي لا طابع روحي.
وهما بهذا الوضع إنما يسببان له عثرة، ولا يقدمان له قدوة صالحة في التمسك بالدين، ويوقعان في حرج وإرتباك: هل يطيعهما أو يطيع الله. وبهذا الإرتباك يتعبان نفسيته في أيام الإمتحانات التي تحتاج إلي هدوء وطمأنينة.
المعروف أن فترة الإمتحانات هي فترة تقرب إلي الله، وشعور بالإحتياج إليه. وإن كان هناك طالب واقعًا في خطية، فإنه في أيام الإمتحانات يتوب لكي يشفق الله عليه! فهل هذا يتفق مع كسر الصيام في تلك الفترة؟! غير معقول إطلاقًا...
وأنت يا إبني، لا تفطر في أيام الصيام وبخاصة في أيام الإمتحانات، وتذكر قصة دانيال النبي الذي صام فتحسنت صحته (دا 1: 9-16).
إن الصوم لا يتلف صحة الإنسان، بل يتلفها كثرة الأكل وبخاصة من الأطعمة الدهنة الدسمة، ويتلفها أيضًا الأكل بين الوجبات، والأكل السريع... وبعكس ذلك تتحسن صحة من يصوم، وَمَنْ يأكل أكلًا بسيطًا غير معقد. اعلموا يا إخوتي أن الصحة تتمشي مع الروحيات، دائمًا...
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
إن الرهبان والنساك كانت صحتهم قوية، كثيرون منهم كانت أعمارهم طويلة... القديس مقاريوس الكبير عاش 90 سنة مع شدة صومه، فمن من الذين يأكلون اللحم يعيش مثل ذلك العمر، القديس مقاريوس الإسكندري عاش حوالي 93 سنة وكان في فترة الصوم الكبير يأكل ورقة كرنب كل أسبوع. والأنبا أنطونيوس أبو جميع الرهبان عاش 105 وكان رجل نسك وصوم. والقديس الأنبا بولا أول السواح عاش أكثر من 100 سنة وكان يأكل نصف خبزة يوميًا. والقديس الأنبا شنوده عاش حوالي 120 سنة مثل عمر موسى مع شدة صومه ونسكه... ويعوزنا الوقت إن تناولنا هذا الموضوع بالتفصيل، إنما نتركه لتأملاتكم الخاصة في سير القديسين.
ونفس الوضع يمكن أن يقال عن النباتين وأعمارهم الطويلة، برناردشو مثلًا، عاش أكثر من 90 سنة وكان نباتيًا. طبعًا العمار في يد الله. ولكنني قصدت من كل هذا أن أريكم أن الأكل النباتي لا يحطم الصحة كما تتصورون!! لماذا إذن تخافون؟! إنه خوف ليس مبنيًّا على حقيقة...
هذا كله نقوله من الناحيتين العلمية والواقعية، ولكن لا ننسي مطلقًا العامل الروحي: معونة الله في الصوم. وأثر راحة القلب وسمو الروح على صحة الجسد...
صدقوني أن كثيرًا من الأمراض في هذا الزمن سببها نفساني. بينما الدين علاج يفيد الروحانيين الذين يعيشون بلا هم، بل سلام في القلب، محبة وفرح وسلام من ثمار الروح القدس، تفيد الإنسان أكثر من الشحم واللحم والفيتامينات والمعادن... إن الطبيب لو استطاع أن يجعل مريضه في حالة نفسية مستريحة يكون قد عالجه.
اطمئنوا الصوم لا يقتل الإنسان، بل يفيده ويقويه...
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/ten-commandments-6-you-shall-not-murder/fasting.html
تقصير الرابط:
tak.la/hhmc668
