عندما أراد الرب إلهنا أن يبين عمق صلته بنا، وعمق محبته لنا، شبه علاقته بنا بحنو الأب وحنو الأم.
إن الله هو سيد الخليقة كلها. كلها صنعه يديه، وكلها خاضعة لسلطانه، وكثيرًا ما ندعوه ربًا، وهو كذلك...
ولكن إلهنا الحنون يفضل لقب الأب لدلالته على الحب والحنان.
وهكذا عندما علمنا مخلصنا الصالح الصلاة الربانية، لم يطلب إلينا إن نوجهها إلي سيدنا الخالق الحاكم، إنما أمرنا أن نقول: "أبانا الذي في السموات".
وما أكثر آيات العهد الجديد التي تدل على أبوة الله، والتي تحمل معنى محبته وإشفاقه...
عندما تحدث ربنا يسوع المسيح عن احتياجاتنا، قال: "لا تهتموا... لأن أباكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلي هذه كلها" (مت31:6-32). "فكم بالحري أبوكم الذي في السموات يهب خيراته للذين يسألونه" (مت11:7). وفي حديثه عن الملكوت قال لنا: "لا تخف أيها القطيع الصغير لأن أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت" (لو12:32). وفي حديثة عن عمل الخير في الخفاء، كرر أكثر من مرة عبارة: "أبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية" (مت6:6).. ما أكثر الآيات التي على أبوة الله لنا، ليس من السهل أن نحصيها.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
هذه الأبوة ليست شيئًا جديدًا من تعاليم العهد الجديد. إنما أمر واضح منذ البدء، ومن الإصحاحات الأولى لسفر التكوين.
إن قصة الطوفان تبدأ بهذه المقدمة: "إن أبناء الله رأوا بنات الناس أنهن حسنات" (تك2:6). وهكذا نرى أن الله -في أبوته العجيبة- لم يستنكف أن يدعو البشر أولاده، حتى وهم في عمق الخطية.
وأحس أنبياء العهد القديم أبوة الله، فخاطبوه قائلين: "فإنك أنت أبونا... أنت يا رب أبونا، ولينا، منذ الأبد أسمك" (أش16:63) "والآن أنت يا رب أبونا، نحن الطين وأنت جابلنا" (أش8:64).
وبهذا كله رفع الله شأن الأبوة، إذ دعا نفسه أبًا لنا. وكذلك شبه محبته بحنان الأم، إذ قال معاتبًا أورشليم قائلًا: "يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها، ولم تريدوا" (مت37:23). وهنا يشبه محبته بالدجاج الأم في حنوها على فراخها. بل يقول الرب أن حنانه أكثر من حنان الأم التي لا يمكن أن تنسي رضيعها (أش15:49).
إن كان الله في حنانه هو أبونا، فإن الكنيسة هي أمنا. وكلنا أبناء الكنيسة، تمخض بنا الرسل (غل19:4). وولدتنا الكنيسة الأم في جرن المعمودية، وغذتنا لبن التعليم وعشنا في أحضانها هذا الزمن كله نتمتع برعايتها وحبها...
لذلك نضع فوق كل محبة، وفوق كل أبوة وأمومة:
أبوَّة الله، وأمومة الكنيسة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/4dc48cc