إن التاريخ يقدم لنا أمثلة عديدة لأسرات مقدسة...
لعل من بينها أسرة القديس باسيليوس الكبير (ص36).
وفي العهد القديم مثال آخر هو أسرة موسى النبي (ص37).
منها النبي العظيم موسى، الذي شهد له الله نفسه (عد7:12،8). وأخوه هارون أول رئيس للكهنة، وأختهما مريم النبية (خر20:15). وإلى جوار هؤلاء الأبناء الثلاثة، كانت أمهم يوكابد القديسة التي أحسنت تربيتهم. ومن نسل ابنها هارون، كان أبناؤه الكهنة أيضًا (خر13:40-15).
وتوجد أمثلة أخرى لأسرات مقدسة.
منها لعازر حبيب الرب، وأختاه مريم ومرثا. والأم دولاجي وأبناؤها الشهداء، والأم صوفية وبناتها الثلاث الشهيدات. وأسرة مار مرقس الرسول وأمه مريم التي صار بيتها أول كنيسة في المسيحية (أع12:12). وأسرة القديسة ميلانيا الكبيرة، وحفيدتها . وكل أفراد الأسرة قديسون. وغير ذلك كثير، لا يتسع له المجال الآن... القديسة ميلانيا الصغيرة
والتاريخ يعطينا أيضًا أمثلة عن أمهات كثيرات قديسات.
فالقديس بولس الرسول يكتب إلى تلميذه القديس تيموثاوس الأسقف فيقول له: "أتذكر الإيمان العديم الرياء الذي فيك، الذي سكن أولًا في جدتك لوئيس وأمك أفنيكي" (2تى5:1). جميل جدًا أن هذا القديس الذي كان منذ الطفولية يعرف الكتب المقدسة (2تى15:3)، قد أخذ الإيمان عن أمه وجدته، ومثله كثير من الروس في فترة الشيوعية...
يحدثنا التاريخ أيضًا عن القديسة باولا تلميذة القديس جيروم، التي رأست ديرًا للراهبات، ثم رأسته بعدها ابنتها القديسة يوستوخيوم.
ومن الأمهات القديسات اللائي يذكرهن الكتاب المقدس، القديسة مريم زوجة كلوبا التي تبعت السيد المسيح ووقفت إلى جوار الصليب. وهي أم يعقوب ويوسي وسالومة (مر40:15) (يو25:19).
أقول هذا لأني أردت أن أذكر القداسة بين العلمانيين:
لأنه أحيانًا لا نجد أمامنا في السنكسار أو في سير القديسين، سوى سير الرسل والأنبياء، وسير الآباء البطاركة والأساقفة، وسير الشهداء وقديسي البرية. ويندر أن نجد قصصًا لقديسين علمانيين أو أسرات مقدسة!!
أذكر في إحدى المرات -وأنا أسقف للتعليم- أن أتتني إحدى الفتيات الجامعيات كانت في حاجة إلى التوبة. فحدثتها عن ذلك واقتنعت بتغيير حياتها. ثم طلبت منى بعض الكتب المناسبة، فأعطيتها كتبًا عن قديسي التوبة: القديس أوغسطينوس، والقديس موسى الأسود، والقديسة بيلاجية، والقديسة مريم القبطية... فلما قرأت هذه القصص، سألتها عن رأيها فيها، ومدى تأثرها بها، فأجابتني: إنها حقًا قصص جميلة، ولكنها كلها عن تائبين وتائبات، انتهت حياة كل منهم إلى الرهبنة. فهل لا توجد قصص عن تائبين قديسين أسَّسوا أسرت مقدسة وعاشوا حياة عائلية، في المجتمع؟!
لذلك نريد أن نقدم للناس قداسة في محيط الأسرة.
فالقداسة ليست قاصرة على الرهبنة والبتولية والاستشهاد، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وليست فقط في حياة الرعاة... بل قدم لنا الكتاب المقدس سيرًا لقديسين قد كوَّنوا أسرات، وكانت لهم زوجات وأولاد. مثل آبائنا إبراهيم واسحق ويعقوب. ومثلما موسى النبي، وداود النبي، وصموئيل النبي، وغيرهم...
لهذا نريد أن تصدر كتب عن القديسات المتزوجات والأمهات.
لأن بعض الخادمات، إذا أتتهن فرصة للزواج، يحسبن أن الزواج سيفصلهن عن الحياة الروحية!!
وتصرخ قائلة: أغيثوني، حياتي مهددة بالضياع!!
ففي فكرها أن الزوج سيحكم عليها، ويقيد حياتها، ويمنعها من الخدمة ومن وسائط روحية كثيرة. وإن ولدت أطفالًا، فسوف لا تستطيع أن تدخل الكنيسة بالطفل، الذي سيزعج المصلين ببكائه وصراخه وصياحه، فتضطر أن تخرج به في أسى وخجل.
ليت هذه الخادمة تضع أمامها صورة الخادمات المتزوجات الناجحات في خدمتهن وبيوتهن، وقد قدمن للكنيسة أبناء قديسين وخدامًا.
أما عن بكاء وصياح الأطفال، فقد قدمت له كثير من الكنائس حلولًا عملية. إذ توجد مثلًا في كثير من كنائسنا في المهجر حجرة لهؤلاء الأطفال تسمى Crying Room أو Glass Room.
إنها حجرة من زجاج لا يوصل زجاجها أي صوت في داخلها، بينما يمكن منه رؤية كل شيء في الكنيسة، ورؤية الهيكل ومتابعة الصلاة عن طريق مكبرات للصوت داخلها تنقل كل الصلوات والألحان.
والكنائس التي لا توجد فيها أمثال هذه الحجرات، ولا يمكن الحضور إليها بأطفال كثيري الصياح، فيمكن في بيت للحضانة تابع للكنيسة، أو تناوب الزوجين في رعايتهم، أو تركهم عند إحدى الجدات أو القريبات...
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/spiritual-happy-family/holy.html
تقصير الرابط:
tak.la/95q9a83