St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   resurrection
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب تأملات في القيامة - البابا شنوده الثالث

26- شتان بين يومين: جمعة الموت وأحد القيامة

 

شتان بين يومين:

إنهما يومان. كانا من جهة المشاعر البشرية على طرفيّ نقيض: يوم الجمعة 14 نيسان، ويوم الأحد 16 نيسان سنة 34 م.

كان يوم الجمعة كئيبًا بالنسبة إلى كل تلاميذ وأتباع المسيح. بل كان مفاجأة مذهلة ما كانوا يتوقعونها إطلاقًا لمعلمهم العظيم..!

المؤامرة التي تمت، وسكبت بسرعة عجيبة. والشعب الذي يهتف بغير وعي "اصلبه. اصلبه". والتلميذ الذي خان من أجل ثلاثين من الفضة والإهانات المتلاحقة التي يتعرض لها السيد، من سب واستهزاء وتهكم ولطم وبصاق، مع آلام الشوك والجلد، ثم تسميره على الصليب!!

أحقًا بهذه السرعة قد انتهى كل شيء؟!

وصاحب المعجزات العظيم المعلم الذي بهر الكل بتعليمه، أصبح في نظر الرسمين مضلًا، يصلبونه بين لصين!!

والذين انتفعوا بحبه وإشفاقه ومعجزاته لم يعد لهم وجود على ساحة الواقع. وحتى تلاميذه تفرقوا وهربوا وتركوه وحده! وانطبق عليهم قول الكتاب "اضرب الراعي فتتبدد خراف الرعية" (متى 26: 31) (زك 13: 7). وإذا ببطرس المتحمس أكثر من الكل ينكره أمام جارية، ويسب ويلعن ويحلف قائلًا: إنه لا يعرف الرجل (متى 27: 74).

أما أعداء المسيح فقد ملكوا الموقف من كل ناحية...

St-Takla.org Image: The Crucifixion and the Resurrection - Difference between two days: The Good Friday and the Resurrection Sunday صورة في موقع الأنبا تكلا: الصلب والقيامة - شتان بين يومان: الجمعة الكبيرة و أحد القيامة

St-Takla.org Image: The Crucifixion and the Resurrection - Difference between two days: The Good Friday and the Resurrection Sunday

صورة في موقع الأنبا تكلا: الصلب والقيامة - شتان بين يومان: الجمعة الكبيرة وأحد القيامة

استطاعوا أن يعقدوا مجمع السنهدريم ويأخذوا قرارًا ضده. واستطاعوا أن يهيجوا الشعب ويجعلوه يردد نفس كلامهم! كما أمكنهم أيضًا أن يؤثروا على الوالي، فيصدر حكمه على المسيح، مع أنه لا يجد علة في ذلك البار (يو 23: 14).

وهكذا بد الشر منتصرًا وضاغطًا بكل قسوة وتحقق قول المسيح لهؤلاء القادة:

"هذه ساعتكم وسلطان الظلام" (لو 22: 54).

وكل ما أراد الشر أن يفعله، قد فعله.

وأمكنه أن يحقق كل ما يريد وأن يتخلص من المسيح الذي كان محبوبًا من الناس، تتبعه الآلاف، وتبهر من تعليمه، ويضع يده على كل أحد فيشفيه (لو 4: 40).. المسيح الذي أقام الموتى، ومنح البصر للعميان وأخرج الشياطين..!

وحتى بعد أن قتلوه. استصدروا أمرًا من الوالي، بختم القبر، ووضع حجر كبير على بابه، وضبطه بالحراس.

واطمأنوا تمامًا إلى أن المسيح قد انتهى! وانتهى بنهاية سيئة "وأحصي مع أثمة" (أش 53: 12). وكل الذين تبعوه قد تشتتوا..!

هكذا كان يوم الجمعة مؤلمًا، ساده الظلم، وانتشرت فيه الخيانة والقسوة وانتصر فيه الحسد والشر... ووجد تلاميذ المسيح أنفسهم حيارى ضائعين بل بدا الانتساب إلى اسم المسيح شرًا، وها هو المسيح في القبر، ولا تزال القوة مسيطرة على الموقف كله. ويبدو أنه لا عودة إلى الأيام الحلوة مع المعلم الطيب...

أما الخلاص الذي تم على الصليب فلم يشعر به أحد، وكل ما رآه الناس، هو أن المصلوب يبدو ضعيفًا عاجزًا عن إنقاذ نفسه! وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى.

لدرجة أنهم كانوا يتحدونه قائلين إن كنت ابن الله، فانزل عن الصليب وكذلك رؤساء الكهنة أيضًا قالوا وهم يستهزئون مع الكتبة والشيوخ: خلص آخرين، وأما نفسه فما يقدر أن يخلصها..! فلينزل الآن عن الصليب فنؤمن به (متى 27: 40-42). حتى أن أحد اللصين المعلقين معه، قال له: "إن كنت أنت هو المسيح فخلص نفسك وإيانا" (لو 23: 39).

هكذا كان يوم الجمعة شماتة وظلمًا وتشتيتًا ولكن حدث أمر غير الدفة إلى العكس تمامًا. إنه القيامة التي هزت الكيان اليهودي كله، قيادة وشعبًا.

حدثت القيامة في فجر الأحد، على الرغم من وجود الحراس، والحجر الكبير والأختام، والحرص الكبير على ضبط القبر... ووقف القبر الفارغ شاهدًا ماديًا على القيامة. وكذلك وجود الأكفان مرتبة فيه مع المنديل... وحاول رؤساء اليهود بكافة الطرق أن يطمسوا حقيقة القيامة فلم يستطيعوا. كان الواقع الملموس ذا تأثير أعمق من كل ادعاءاتهم...

وظهر المسيح حيًا لتلاميذه. ومنحهم هذا الظهور قوة غير عادية للشهادة لقيامته بكل مجاهرة وبلا خوف.

ظهر المسيح بعد قيامته لمريم المجدلية (مر 16: 9) ولسمعان بطرس (1 كو 15: 5)، ولتلميذي عمواس (لو 24: 12-31) وللتلاميذ العشرة في غياب توما (لو 24: 33-43) وظهر لهم مع توما وأراهم جروحه (يو 20: 26-29) كما أنه ظهر لسبعة من تلاميذه عند بحر طبرية (يو 21: 7-1). وظهر ليعقوب ولأكثر من خمسمائة أخ (1 كو 15: 6، 7). "أراهم نفسه حيًا ببراهين كثيرة... وهو يظهر لهم أربعين يومًا ويتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله" (أع 1: 3).

وكان معهم وقت صعوده إلى السماء حينما "ارتفع وهم ينظرون، وأخذته سحابة عن أعينهم" (أع 1: 9).

كما ظهر أيضًا لشاول الطرسوسي في طريق دمشق، وتحدث إليه، واختاره رسولًا يحمل اسمه إلى الأمم (أع 9: 3-15).

كل هذا منح التلاميذ قوة عجيبة وفي ذلك يقول الكتاب "بقوة عجيبة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة يسوع، ونعمة عظيمة كانت على جميعهم" (أع 4: 33).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/resurrection/days.html

تقصير الرابط:
tak.la/yj2xxta