(12)
التسبيح في الأجبية
من أول صلاة نصف الليل، إلى صلاة باكر، إلى كل صلوات النهار، ثم صلوات النوم... والتسبيح عنصر قائم ثابت، على لسان المُصَلِّي وفي قلبه. هكذا نتعلم من الأجبية.
ومع التسبيح يوجد أيضًا التمجيد والتهليل والترتيل.
* فنحن نبدأ صلاة نصف الليل بعبارة "قوموا يا بني النور لنسبح رب القوات". ونقول للرب "اعطنا يا رب يقظة، لكي نفهم كيف نقف أمامك وقت الصلاة. ونرسل لك إلى فوق التمجيد اللائق" ثم نرتل أيضًا المزمور 133 (134).
"ها باركوا الرب يا عبيد الرب، القائمين في بيت الرب، في ديار بيت إلهنا في الليالي ارفعوا أيديكم أيها القديسون، وباركوا الرب".
إنها دعوة إلى التسبيح، نكررها في صلاة النوم أيضًا.
*نفس الدعوة نقولها أيضًا في مزمور 112 (113) من مزامير صلاة الساعة التاسعة ومن مزامير باكر أيضًا حيث نقول:
"سبحوا الرب أيها الفتيان. سبحوا اسم الرب".
" ليكن اسم الرب مباركًا من الآن وإلى الأبد".
" من مشارق الشمس إلى مغاربها، باركوا اسم الرب".
وفي هذا التسبيح، يَتَغَنَّى المُصَلِّي بصفات الله الجميلة، فيقول:
"الرب عالٍ على كل الأمم، وفوق السموات مجده". "من مثل الرب الساكن في الأعالي، والناظر إلى المتواضعات في السماء وعلى الأرض..".
* ونحن نسبح الرب في قطع ثابتة في الأجبية مثل الثلاثة تقديسات. فنقول في كل ساعة من ساعات الصلوات السبع:
"قدوس الله، قدوس القوي، قدوس الحي الذي لا يموت..".
"قدوس قدوس قدوس، رب الصاباؤوت. السماء والأرض مملوءتان من مجدك وكرامتك". وهي قطعة مأخوذة من تسبحة السارافيم، كما سجلها إشعياء النبي (إش6).
وأيضًا في كل ساعة، نقول في المزمور الخمسين:
"افتح يا رب شفتي، فيخبر فمي بتسبيحك".
ومن المزامير التي تدل على دوام التسبيح.
المزمور 33 (34) الذي نردده في صلاة الساعة الثالثة، ونقول:
"أبارك الرب في كل وقت، وفي كل حين تسبيحته في فمي".
ونقول بعدها "بالرب تفتخر نفسي. ليسمع الودعاء ويفرحوا، عظموا الرب معي..". "ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب".
وبنفس التسبيح الدائم، نقول في صلاة باكر، في تسبحة الملائكة. "أباركك كل يوم، واسبح اسمك القدوس، إلى الأبد وإلى أبد الأبد". "أنت وحدك القدوس، أنت وحدك العالي".
هذا كله بصفة عامة. ولنرجع إلى صلوات الساعات بالتفصيل:
* ففي صلاة باكر:
نقول في المزمور 12 (13): "يبتهج قلبي بخلاصك. أسبح الرب المحسن إليَّ".. ونقول في المزمور 15 (16) "أبارك الرب الذي أفهمني". ونتبع هذا بالفرح والتهليل لساني". ونقول في مزمور 26 (27) "طفت وذبحت في مظلته ذبيحة التهليل. أسبح وأرتل للرب".
وفي مز62 (63): نقول "في أوقات الأسحار كنت أرتل لك، وذلك صرت لي معينًا".
ومن قطع التسبيح المشهورة في صلاة الأجبية، تسبحة الملائكة:
حيث نقول فيها "فلنسبح مع الملائكة قائلين: المجد لله في الأعالي، على الأرض السلام، وفي الناس المسرة. نسبحك، نباركك، نخدمك، نسجد لك. نعترف لك، ننطق بمجدك. نشكرك من أجل عظم مجدك.."
كذلك نقول في قطع صلاة باكر "فلتشرق فينا الحواس المضيئة... لكي نسبحك عقليًا مع داود ونقول: سبقت عيناي وقت السحر، لأتلو في جميع أقوالك".
وفي تحليل صلاة باكر(1)، الذي نقوله في آخر كل ساعة، نسبح الله على صفاته الجملة وعلاقته بالبشر، فنقول: "يا من في كل وقت وكل ساعة،، في السماء وعلى الأرض، مسجود له وممجد. المسيح إلهنا الصالح، الطويل الروح الكثير الرحمة، الجزيل التحنن، الذي يحب الصديقين، ويرحم الخطاة الذين أولهم أنا لا يشاء موت الخاطئ مثل أن يرجع ويحيا. الداعي الكل إلى الخلاص، لأجل الموعد بالخيرات المنتظرة..".
ونقول في تحليلين آخرين في كل صلاة باكر:
"أيها الرب إله القوات، الكائن قبل الدهور، والدائم إلى الأبد الذي خلق الشمس والنهار لضياء النهار، والليل راحة لكل البشر.." "أيها الباعث النور فينطلق، المشرق شمسه على الأبرار والأشرار. الذي صنع النور الذي يضيء على المسكونة كلها".
إن التأمل في صفات الله الجميلة، هو لون من التسبيح.
وهو يُعَمِّق الإيمان وصلة الإنسان بالله. وصلوات الأجبية تعودنا على ذلك. وربما في صلواتنا الخاصة لا نتأمل هذا التأمل في صفات الله، ونقتصر على الطلبة أو الشكر.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
* في صلاة الساعة الثالثة:
نلاحظ أن التسبيح يختلط بالتمجيد:
وذلك في المزمور 23 (24) حيث يقول المُصَلِّي:
"للرب الأرض وملوها، المسكونة وجميع الساكنين فيها".
"هو على البحار أسسها. وعلى الأنهار هيأها".
" ارفعوا أيها الرؤساء أبوابكم، وارتفعي أيتها الأبواب الدهرية، فيدخل ملك المجد. من هو هذا ملك المجد؟ الرب العزيز القدير، القوي في الحروب... رب القوات. هذا هو ملك المجد. هللويا".
وأيضًا نرى التسبيح مختاطًا بالتهليل لعظمة الله وعمله.
وذلك في المزمور 46 (47) حيث يقول المُصَلِّي:
"يا جميع الأمم صفقوا بأيديكم. هللوا لله بصوت الأرض". "صعد الله بتهليل، والرب بصوت البوق. رتلوا لإلهنا رتلوا، رتلوا لمليكنا رتلوا، لأن الرب هو ملك الأرض كلها.."
ويرتبط التسبيح أيضًا بمذبح الرب:
إذ يقول المُصَلِّي في المزمور 25 (26): "أغسل يدي بالنقاوة وأطوف بمذبحك يا رب. لأسمع صوت تسبيحك. وأنطق بجميع عجائبك". وفي المزمور 28 (29) يقول "في هيكله المقدس كل واحد ينطق بالمجد".
وفي المزمور 42 (43) يقول المُصَلِّي "أرسل نورك وحقك، فإنهما يهديانني، ويصعداني إلى جبلك المقدس وغلى مسكنك. فأدخل إلى مذبح الله، تجاه وجه الله الذي يفرح شبابي. اعترف لك بالقيثارة يا الله إلهي... خلاص وجهي هو إلهي. هللويا".
أما عن التسبيح الدائم، فهو واضح في مزمور 33 (34).
حيث يقول المُصَلِّي "أبارك الرب في كل وقت. وفي كل حين تسبحته في فمي..". وقد ذكرنا هذا قبلًا.
* في صلاة الساعة السادسة:
يسبح المُصَلِّي بسبب عدل الله ورحمته. كما ظهرا على الصليب.
وهكذا يقول في المزمور 84 (85) "خلاصه قريب من جميع خائفيه... الرحمة والحق تلاقيا، والعدل من السماء تطلع. لأن الرب يعطي الخيرات... العدل أمامه يسلك ويضع في الطريق خطواته".
وفي المزمور 56 (57) يقول المُصَلِّي "أسبح وأرتل في تمجيدي... أستيقظ أيها المزمار والقيثارة. أنا استيقظ مبكرًا. أعترف لك في الشعوب يا رب، وأرتل لك في الأمم. لأن رحمتك قد عظمت إلى السموات، وإلى السحاب عدلك. الله ارتفع على السموات وليرتفع مجدك على سائر الأرض. هللويا".
في هذا المزمور، نرى الرحمة والعدل، وعظمة الله ومجده، ونرى أيضًا الترتيل والتهليل، كلها معًا.
وأيضًا نرى تمجيد الله، على الخلاص الذي قدمه، ممتزجًا بفرح المُصَلِّي من قلبه... وذلك في المزمور 85 (86) إذ يقول:
"كل الأمم الذين خلقتهم، يأتون ويسجدون أمامك يا رب، ويمجدون اسمك. لأنك أنت عظيم وصانع العجائب. أنت وحدك الإله العظيم. ليفرح قلبي عند خوفه من اسمك. أعترف لك أيها الرب إلهي من كل قلبي. وأمجد اسمك إلى الأبد. لأن رحمتك عظيمة على، وقد نجيت نفسي من الجحيم السفلي".
وأيضًا يسبح الرب على ملكوته الذي بدأ على الصليب.
وذلك في المزمور 92 (93) إذ يقول المُصَلِّي:
"الرب قد ملك ولبس الجلال. لبس الرب القوة. وتمنطق بها. لأنه ثبت المسكونة، فلن تتزعزع".
" لبيتك ينبغي التقديس يا رب طول الأيام. هللويا".
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
وكذلك في قطع صلاة الساعة السادسة يمجده على هذا الخلاص:
فيقول "صنعت خلاصًا في وسط الأرض كلها أيها المسيح إلهنا، عندما بسطت يديك الطاهرتين على عود الصليب. فلهذا كل الأمم تصرخ قائلة: المجد لك يا رب".
"أمواتًا كنا، فنهضنا واستحققنا الحياة الأبدية، ونلنا نعيم الفردوس الأول. من أجل هذا نمجد بشكر المسيح إلهنا، لأنه قوي".
* في صلاة الساعة التاسعة:
يكثر التسبيح في المزامير، والحديث عن ملكوت الله.
ويكثر التهليل أيضًا، إذ قضى الرب على الموت بموته في هذه الساعة المقدسة. وهكذا يبدأ المزمور 95 (96) يقول المُصَلِّي:
"سبحوا الرب تسبيحًا جديدًا. سبحي الرب يا كل الأرض". "سبحوا الرب وباركوا اسمه. بشروا من يوم إلى يوم بخلاصه". "حدثوا في الأمم بمجده وبين جميع الشعوب بعجائبه". "لأن الرب عظيم هو ومسبح جدًا، مرهوب على كل الآلهة".
"قدموا للرب مجدًا وكرامة. قدموا للرب مجدًا لاسمه".
"قولوا بين الأمم إن الرب ملك على خشبة".
هنا التسبحة جديدة، لأنها تتعلق بحدث جديد، تمجد الرب به وملك. وقدم خلاصًا يجب أن نبشر به بين المم.
وهكذا يكر المُصَلِّي نفسي التسبيح في مزمور 97 (98) فيقول: "سبحوا الرب تسبيحًا جديدًا، لأن الرب قد صنع أعمالًا عجيبة". "أعلن الرب خلاصه، وكشف قدام الأمم عدله".
ويمزج التسبيح بالتهليل فيقول "نظرت أقاصي الأرض كلها خلاص إلهنا. هللوا للرب يا كل الأرض. سبحوا وهللوا، رتلوا. رتلوا للرب بالقيثارة وصوت المزمار... هللوا أمام الرب الملك".
والتهليل لهذا الخلاص، يتكرر في مزامير أخرى.
فيقول في المزمور 99 (100) "هللوا للرب يا كل الأرض اعبدوا الرب بفرح، ادخلوا أمامه بالتهليل، أدخلوا أبوابه بالاعتراف، ودياره بالتسابيح. اعترفوا له وباركوا اسمه. فإن الرب صالح هو. وإلى الأبد رحمته... هللويا".
وفي المزمور 96 (97) يقول "الرب قد ملك، فلتتهلل الأرض. لتفرح الجزائر الكثيرة". "أخبرت السموات بعدله، وعاينت جميع الشعوب مجده". "اسجدوا لله يا جميع ملائكته". "نور أشرق للصديقين، وفرح للمستقيمي القلوب. أفرحوا أيها الصديقون بالرب، واعترفوا لذكر قدسه".
جميل جدًا هذا الشعور وعميق، أن تكون ساعة موت الرب على الصليب، ساعة تمجيد وتهليل وفرح، لأنه قد ملك.
نمجده فيها على قهر الشيطان، وعلى أنه قهر الموت بموته، وقدم خلاصًا للعالم كله. كان قويًا في موته، إذ كان قويًا في حبه، وقويًا في الفداء الذي فدى به العالم كله.
ونذكر هذا في صلوات الأجبية... وربما في صلواتنا الخاصة إن تعرضنا لهذا الموضوع، لا نذكر كل تلك التفاصيل. وإن ذكرنا شيئًا منها، لا يكون بأسلوب المزامير.
_____
(1) توضيح من الموقع: يقصد ختام الصلاة في باكر وغيره من الصلوات، وهي "صلاة ارحمنا يا الله ثم ارحمنا".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/praying-with-agbia/praise.html
تقصير الرابط:
tak.la/zgbg3kh