الرغبات والعواطف، حبًا كانت أم كرهًا، تؤثر على الضمير في أحكامه وفي سلوكه، إذ يندر أن يوجد من يحكم في شيء حكمًا مجردًا تمامًا من الرغبات ومن العواطف.
يقع إنسان في مشكلة، ويرى أنها لا تحل إلا بالكذب.
فتراه يسمي الكذب ذكاء أو دهاء، وإن أدان تصرفه، فإنه يخفف حكمه عليه جدًا، ويلتمس له ألف عذر، ولا يشتد بنفس الشدة التي يحكم بها على تصرفات الآخرين... وقد يسمي بعض الكذب بالكذب الأبيض، أو يسمه مزاحًا...
وقد يحب إنسانًا فيدافع عن كل تصرفاته، مهما كانت خاطئة.
دون أن يتعبه ضميره، بل يتعبه ضميره إن لم يدافع! ويسمي هذا الدفاع الخاطئ لونًا من الوفاء أو الواجب. وربما يدعو غيره أن يسلك مسلكه، ويتكلم بحماس شديد، وانفعال، يتعطل معهما عمل الضمير وينسى قول الكتاب:
"مُبَرِّئ المذنب، وَمُذَنِّب البريء، كلاهما مكرهة للرب" (أم15:17).
إن الذي يبرر المذنب، هو إنسان ضد الحق، وضد العدل.ولا يستطيع أن يعتذر عن هذا بالعطف أو الرحمة... إذ يمكنه أن يعترف بأن هناك ذنبًا، ثم يطلب لهذا المذنب العطف والرحمة. أما تبرئة المذنب، فهي اختلال في الضمير...
والعواطف قد تدخل في أحكام الضمائر وتكوينها.
فالذي يحب إنسانًا، قد يكذب ويبالغ في مديحه، وهو مستريح القلب، وقد يكذب كثيرًا لإنقاذه من ورطة، وضميره المريض يشجعه، على اعتبار أنه يؤدي خدمة لصديق... وبالتالي ما أسهل أن يقع كثيرون في مبدأ (الغاية تبرر الوسيلة). وتقبل ضمائرهم وسائل كثيرة خاطئة، بحجة أن الغرض نبيل.
الضمير قد يمرض من جهة أحكامه، ومن جهة عواطفه، فلا يبكت في حالات تستحق التبكيت، أو يوبخ بأسلوب هادئ جدًا في أمور خطيرة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وقد قال البعض"إن الضمير قاض عادل، ولكنه ضعيف، وضعفه واقف في سبيل تنفيذ أحكامه". ولكن الصعوبة الكبرى أن يكون الضمير ضعيفًا، وفي نفس الوقت يكون أيضًا غير عادل.
لذلك لا تعتمد على ضميرك وحده، بل الجأ إلى تحكيم ضمائر أخرى سليمة ومحايدة، بعيدة عن تأثير الأغراض والبيئة والقيادة...
فالإرشاد الروحي هو ضمير سليم محب، يقوم مسيرة ضمير المعترف، وكما قال الكتاب "هناك طريق تبدو للإنسان مستقيمة، وعاقبتها طرق الموت".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/man/affects.html
تقصير الرابط:
tak.la/y2kn5h7