الفصل التاسع: نحب الله بالصلاة: صلاة الحب
كيف تصلي
بالمداومة على الصلاة، تصل إلى محبة الله.
إن أحببت الله ستصلي. وإن صليت كثيرًا، ستجد أن محبتك لله سوف تزداد وتتعمق يومًا يعد يوم. وهذا طبيعي لأنك إن أحببت شخصًا، فسوف تحب أن تتكلم معه. والكلام مع الله هو الصلاة.
وبالصلاة سوف تتعلم الصلاة، أعني تتعلم كيف تتحدث إلى الله، حديثًا يقودك إلى محبته...
بالمداومة على الصلاة، سوف تصل إلى عمق كل كلمة تقولها في صلاتك وستجد أنك ترتبط بالله أكثر فأكثر، وتجد دالة في الحديث معه، وشهوة للحديث معه. وهكذا تعلمك الصلاة محبة الله.
كلم الرب في صلاتك بهذا الأسلوب، ومن هنا يتعود لسانك الحديث معه...
كإنسان يريد أن يتعلم إحدى اللغات، لا بُد أن يتكلم بها، حتى لو كان لا يعرف، أو يخطئ في الحديث. إلا أنه بكثرة الكلام يتعود لسانه، ويسهل عليه الأمر إلى أن يجيد الحديث بها...
هكذا أنت، كلما تكلمت مع الله، يتعود لسانك الحديث معه. وتتعود أن تحدثه بعاطفة وحب.
ولكنك في بداية تدربك، قد لا تبدأ الصلاة بمشاعر الحب.
لذلك أبدأ الصلاة، ولو بالتغصب، وحاول أن تتأمل أو على الأقل تفهم كل كلمة فيها... والقديسون لم يصلوا إلى صلاة الحب من بادئ الأمر. إنما تدرجوا في عمق الصلاة وعاطفية الصلاة، إلى أن وصلوا فيها إلى درجات من الكمال، حسبما منحتهم النعمة، وحسبما كانت لهم من مشاعر، ومن استعداد...
لذلك حاول أن تصلي بعاطفة وبفهم...
لأنك لو صليت بطريقة روتينيه، فلن توصلك إلى محبة الله. والقديس بولس الرسول إنه يفضل أن يقول خمس كلمات بفهم أفضل من عشرة آلاف بغير فهم (1كو14: 19). ولذلك فإن كل كلمة تقولها في صلاتك، قلها بفهم وبعاطفة، من أعماق قلبك، كحبيب يكلم حبيبه، وكصديق يكلم صديقه. وإن لم يكن في قلبك هذا الحب وهذه المشاعر:
قُل له: أعطني يا رب أن أحبك...
فهذه هي الصلاة التي كان ينصح بها الشيخ الروحاني.
قُل له: علمني يا رب كيف أحبك. دربني على محبتك، ودرجتي في محبتك. اسكب محبتك في قلبك بالروح القدس.
قُل له: انزع يا رب من قلبي كل محبة أخرى تتعارض مع محبتك، حتى يصير القلب كله لك وحدك. لا تسمح أن أحب أي شيء أو أي أحد أكثر منك، ولا أن أحب أي أحد أو أي شيء، أو شهوة أو أي رغبة، لا تتفق مع محبتك أنت. لا تسمح يا رب أن يوجد في قلبي من ينافسك، أو ما ينافسك... أو يسيء إلى محبتك.
اجعل محبتك هي التي تشغلني وتملك قلبي.
وهي التي تقود كل تصرفاتي، وتمتزج تمامًا بكل تصرفاتي وبكل أقوالي، وبكل مشاعري...
أعطني يا رب أن اشتهي الجلوس معك والحديث إليك، وأن أجد لذة في الصلاة والمداومة عليها.
وإن فَتُرَت محبتك، اطلب منه أن يعيدها بحرارتها.
قُل له: أنت يا رب تقول "عندي عليك أنك تركت محبتك الأولى" (رؤ2: 4). فكيف أعود يا رب إلى محبتي الأولى إلا بك؟! أنت الذي تعيدني إلى محبتك. أنت يا رب الذي تتوبني فأتوب (أر31: 18). أنت الذي تمنحني حرارة الروح، لأنك أنت يا رب نار آكله (عب12: 29). لذلك أرجعني يا رب إلى محبتي الأولى، بل وإلى كثر منها...
ومن أجمل الأمثلة لصلوات الحب: صلاة التسبيح.
التي تحدث فيها الله متأملا في صفاته، مثل صلاة "يا ربي يسوع المسيح، مخلصي الصالح"، بكل ما تحويه من تفاصيل علاقة النفس بالله... ومثل صلاة الثلاث تقديسات، وكثير من صلوات القداس الغريغوري...
قُل له: أنت يا رب الحنون وطيب. أنت طويل الأناة. كم أطلت أناتك على، وأنا مبتعد عنك...
وكم منحتني فرصًا لكي أرجع إليك. وكم غفرت لي أيها الغفور المحب، ولم تصنع معي حسب خطاياي...
كَلِّم الرب بصراحة كاملة، وافتح له قلبك.
قُل له: أنا يا رب أريد أن أحبك. ولكن الخطية الفلانية تعوق طريقي إليك، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وتسيطر على قلبي ومحبتي. وأنا يا رب حاولت أن اتركها ولم استطع. أعطني القوة أن أتركها، لأنه بدونك لا استطيع ذلك (يو 15: 5). نجني يا رب من هذه الخطية، لا لكي أنجو من العقوبة، إنما لكي يزول العائق الذي يمنعني من محبتك.
تحدث مع الله بمحبته، كما كان يحدثه داود في مزاميره.
كأن تقول له: اشتاقت نفسي إليك. عطشت نفسي إليك. كما يشتاق الإيل إلى جداول المياه، كذلك اشتاقت نفسي إليك يا الله "متى أقف وأتراءى أمام الله" (مز 42: 1، 2) "باسمك أرفع يدي، فتشبع نفسي كما من لحم ودسم (مز 63) "محبوب هو اسمك يا رب، فهو طول النهار تلاوتي" (مز 119).
استخدام في صلواتك عبارات الحب، ومشاعر الحب، وتدرب على ذلك حتى يتعوده قلبك، كما يتعوده لسانك. وتقول كما في التسبحة "قلبي ولساني يسبحان القدوس"...
بالإضافة إلى صلوات المزامير والأجبية، لتكن لك صلواتك الخاصة التي تقولها من كل قلبك.
التي تفتح فيها قلبك لله، وتحدثه عن كل أمورك: عن كل مشاعرك وأفكارك، وعن حروبك وضعفاتك، وعن مشاكلك وسقطاتك. وتسأله المشورة والمعونة... وتطلب منه القوة والبركة... كل ذلك دون أن تتصنع أفكارًا أو كلمات أو مشاعر... إنما تتكلم مع الله كما أنت. مثلما جاءه الابن الضال بنفس ملابسه القذرة التي عمل بها في رَعي الخنازير... واطلب منه أن يهبك محبته كعطية مجانية من عنده... وقُل له: لا تحرمني يا رب من محبتك...
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/love/reach.html
تقصير الرابط:
tak.la/j792ybz