في كثير من الأحيان، إذ لا يجد الناس موضوعًا يتحدثون فيه يكون حديثهم عن اخبار الناس وأخطائهم وفضائحهم وسقطاتهم.
وهكذا تكون سيرة الناس هي الموضوع الأساسي للحديث في البيوت، وفي النوادي والمقاهي، وفي كثير من الجلسات حيثما وجدت.
ليس لأنهم يريدون أن يدينوا غيرهم، وإنما لأنهم لا يجدون موضوعًا آخر -غير أخبار الناس- يتحدثون فيه.
وقد يدينون رؤساء دول لمجرد قراءة أخبار تمسهم في الجرائد، دون معرفة مدى صحة هذه الأخبار!
أو يدينون شخصًا ذكرت الجرائد أنه قد قبض عليه في حادث معين. وربما تذكر الجرائد بعد شهور أن القضاء قد برأه، بعد تحقيق ما قد نسب إليه. ولكن هذا الإنسان تكون سمعته قد وصلت إلى التراب خلال تلك الشهور. وربما يكون البعض قد قرأ خبر القبض عليه، ولا يكون قد قرأ خبر الحكم ببراءته....
ليت الناس يجدون مواضيع دسمة ومفيدة يشغلون بها وقت فراغهم.
يقينًا إن وجدوا هذا، لا يكون أمامهم مجال لشغل وقتهم بمسك سيرة الناس.
انظروا إلى طلاب الكليات والمعاهد والمدارس، في أيام امتحاناتهم، وهم مشغولون بالمذاكرة والمراجعة والاستعداد للأمتحان، أتراهم لديهم وقت للحكايات، أو لتقليد المدرسين والتندر عليهم، أو للحديث عن أخبار زملائهم وأخطائهم وفضائحهم؟ كلا بلا شك، لأنهم مشغولون...
كذلك المرأة العاملة ليس لديها وقت كاف، للجلوس مع جاراتها والحديث عن اخبار باقي الجيران...
مع ما تحمل أمثال هذه الأخبار من التعرض لبعض الأخطاء وإدانتها. وإن وجدت وقتًا لهذا، يكون -بالمقارنة- أقل بكثير جدًا من زميلتها التي لا تعمل، وأمامها فراغ طويل المدى لا تعرف كيف تقضيه، واحتمال الوقوع في مسك سيرة الناس، محتمل أمامها ووارد...
ولكننا نقول إن الفراغ هو نصف السبب والنصف الثاني هو كيفية قضاء الوقت في هذا الفراغ.
فقد يستغِل أحداهم الفراغ في قراءة مفيدة، ينتفع بها، وينفع بها غيره في أحاديثه معهم. والبعض قد يستغل الفراغ في عمل اليد، أو في التدريب على مهنة أو مهارة معينة، أو يستغل فراغه في خدمة الآخرين. أو في زيارة مريض، أو في تعزية حزين، أو في مساعده محتاج.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
وفي الاجتماع مع الناس، ما أحوج الكل إلى موضوع نافع يتحدثون فيه.
ويمكن هذا، أن قصد أحدهم هذا الأمر، واستطاع أن يدير الحديث في موضوع نافع، يكون قد درسه، وأصبح مستعدًا للكلام فيه، والأجابة عن كل سؤال يدور حوله. وإدارة دفة الحوار بطريقة تفيد الكل. وذلك قبل أن يبدأ غيره فيطرح سيرة توقع الكل في الإدانة...
ويمكن أن يحدث هذا أيضًا في محيط الأسرة.
بطريقة بسيطة وتلقائية، لا تشعر أحدًا بأنه أمام مدرس أو محاضر... وذلك بطرح موضوع علمي، أو ديني، أو قصة أو خبر نافع، أو أو اكتشاف مفيد، أو ملخص لباب قرأة في أحد كتب الثقافة أو كتب التاريخ، أو اكتشاف مفيد، أو ملخص لباب قرأة في أحد كتب الثقافة أو كتب التاريخ، أو أمر جديد ممتع من أمور المعرفة، أو بعض التسليات والألغاز حول الكتاب المقدس أو سير القديسين.
إن الجلسة العائلية تحتاج إلى استعداد، وكذلك جلسات الأصحاب...
أما تَرْك تلك الجلسات في فراغ، فإنه يقود إلى أمثال هذه الإدانات، أو إلى الثرثرة الفارغة التي هي مضيعة للوقت، أو الحديث في أي منازعات قد تتحول إلى صياح وشجار. ذلك لأنه لا يوجد موضوع نافع يتحدثون فيه، أو لا يوجد من يتولى دفة الحوار بمهارة.
ألا ترون ان السبب ليس مجرد فراغ في الوقت، وإنما في الفكر أيضًا...
ونعود إلى السؤال مرة أخرى: لماذا تمتلئ البيوت والنوادي والجلسات بمسك سيرة الناس؟ ونجيب:
لأنهم في فراغ، لا يجدون موضوعًا آخر يتحدثون فيه.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/judge-not-others/sparetime.html
تقصير الرابط:
tak.la/7rbzj7t