النعمة تَجول في كل مكان تصنع خيرًا، توزع العطايا والمواهب وتمنح المعونات. لا تحرم أحدًا من افتقادها له...
لا يوجد إنسان في الدنيا لم يأخذ نصيبه منها. تعامل الكل بمبدأ تكافؤ الفرص، فلا يستطيع أحدًا، يشكو قائلًا إنه قد حُرِمَ منها.
ومن أروع الأمثلة على اهتمام النعمة بالكل: مثل الزارع (مت 13).
لقد خرج ليزرع، فألقى بذاره في كل مكان. نقرأ ببساطة أن بعض البذار وقعت على الطريق، والبعض على أرض محجرة والبعض وسط الشوك، والبعض في أرض جيدة. ومن جهة النعمة نرى معنى عميقًا، نسأل فيه: أنت يا رب كنت تعلم أن هذه الأرض محجرة لا تنبت نباتًا، ولا مجال لبذار فيها. فلماذا ألقيت عليها بذارًا؟
يقول الرب: حتى الأرض المحجرة، لا أحرمها من نعمتي!
لا بُد للأرض الحجرة أن تأخذ فرصتها، مثل الأرض الجيدة تمامًا. وكذلك الأرض المملوءة شوكًا، لا بُد أن تزورها نعمتي، ولو يظهر نباتًا قليلًا ثم يختنق..! وحتى الأرض الجيدة، ألقي بذاري على كل أنواعها ودرجاتها: ما ينبت ثلاثين، وما ينبت ستين، وما ينبت مائة...
إنني ألقى بذاري في كل موضع، حتى لو أكله الطير. أعطى كل إنسان فيضًا من نعمتي، وأترك الباقي لحريته...
في اختيار التلاميذ: نجد أن النعمة أيضًا لم تقتصر على المثالين مثل يوحنا الحبيب. إنما أعطت فرصة لإنسان شكاك مثل توما، ولآخر مندفع مثل بطرس. أعطت الفرصة لجهال العالم وضعفاء العالم، وأيضًا لِلْمُزْدَرَى وَغَيْرَ الْمَوْجُودِ (1كو 27، 28) وكذلك لشخص مثال شاول الطرسوسي الذي قال عن نفسه "أنا الذي كنت قبلًا مجدفًا ومضطهدًا ومفتريًا.." (1تي 1: 13) بل أكثر من هذا كله، زارت النعمة إنسانًا خائنًا مثل يهوذا، وأجلسته في صحبة الرسل الأول!
ومن جهة النبوة زارت النعمة إنسانًا خائنًا ومحبة للمال، هو بلعام.
فتنبأ نبوءات صادقة عن المسيح (عد22-24) كذلك زارت النعمة شاول الملك (الذي رفضه الرب فيما بعد) فتنبأ هو أيضًا حتى تعجب الناس قائلين "أشاول أيضًا بين الأنبياء؟!" (1صم 10: 11).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
ومن جهة الرعاية، أتت النعمة أيضًا إلى ديماس.
فصار من تلاميذ بولس الرسول ومن خير معاونيه (كو 4: 14) ولا شك أن كثيرين آمنوا على يديه... أما كونه فيما بعد ترك الخدمة أو ترك الإيمان، وأحب العالم الحاضر (2تي 4: 9) فإن هذا لا يمنع من أنه قد أخذ نصيبه من النعمة...
لا يستطيع ديماس أن يقول "تركتني النعمة، أو لم تفتقدني"! كلا لقد أخذ نصيبه منها، وكان نصيبًا وافرًا.
ولكن نعمة في عملها، لا تلغى حرية الإنسان...
أيضًا نعمة الكهنوت زارت أريوس ونسطور وأوطاخي، وغيرهم من الذين فيما بعد في بدع وهرطقات.
إنه مبدأ تكافؤ الفرص: الذي أعطت به النعمة النبوة لبلعام وشاول. ودعت إلى التلمذة ديماس، وإلى الخدمة نيقولاوس (أع 6: 5) (رؤ 2: 15) حتى لا يحتج أحد بأنه لم يأخذ نصيبًا من الخدمة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/grace/to-all.html
تقصير الرابط:
tak.la/3bkaa4s