قالوا له (أليس حسنا قلنا أنك سامري وبك شيطان) (يو 8: 48) يا للعجب أن يقال عن رب المجد، الذي يخرج الشياطين ويطردهم، إن به شيطانا! يقولون له (بك شيطان)! ويظن المجدفون بهذا أنهم (حسنًا قالوا)!
فلا تتعجب يا أخي إن قيلت عنك كلمة رديئة ربما اقل من هذه. فالمسيح قد قيل عنه انه سامري وبه شيطان. والعجيب أن الرب لما سمع هذه الإهانة، رد بهدوء عجيب وبدون انفعال.
ما هذا يا رب؟ قل أن ينزل نار من السماء وتفنيهم. هذا جنس لا تنفع معه الطيبة. اضرب ضربتك فيوقروك... وكان الرب يجيب: ليس هذا هو أسلوبي. سأتركهم الآن في حدتهم. وبعد حين سيعلقون ويتوبون، وينظرون إلى الذي طعنوه وجرحوه، ويندمون.
ما أكثر ما احتمل الرب من انتقادات واتهامات.
بل أن كل معجزة كان يصنعها، كانوا يحاولون أن يغطوا مجدها بشتائهم وانتقاداتهم واتهاماتهم.
كان يخرج الشياطين من المصروعين، فيقولون (ببعلزبول رئيس الشياطين يخرج الشياطين) (مت 12: 24) كما لو كان الرب من جند الشيطان!
ويفتح عيني المولود أعمى، المعجزة التي لم يحدث لها مثيل من قبل. فبدلًا من أن يؤمن أولئك المعاندون به، نراهم يقولون عنه (هذا الإنسان ليس من الله) ويقابلون الأعمى الذي أبصر، ويضغطون عليه قائلين (أعط مجدا لله. نحن نعلم أن هذا الإنسان خاطئ..) (يو 9: 16-24) فلما دافع الأعمى الذي أبصر عن المسيح (شتموه قائلين أنت تلميذ ذاك) كما لو كانت التلمذة للمسيح تهمة وعارًا!!
يا للعجب! يوصف الرب بأنه سامري، وبه شيطان، ورئيس الشياطين يخرج الشياطين. ويوصف بأنه خاطئ، وبأنه ليس من الله، وبان التلمذة له عار... وماذا أيضًا؟
قالوا عنه أيضًا انه كاسِر للسبت (يو 9: 16).
وقالوا انه (أكول وشريب خمر) (لو 7: 24).
وقالوا انه (محب للعشارين والخطاة) (مت 11: 19).
وماذا قالوا عنه أيضًا؟
قالوا عنه أيضًا انه (مجدف) و(يتكلم بتجاديف)..! (مت 9:3).
ورفعوا حجارة ليرجموه (يو 8: 59) محاولين رجمه أكثر من مرة (يو 10: 31) وعللوا محاولتهم لرجمه بقولهم له (لسنا نرجمك لأجل عمل حسن، بل لأجل تجديف) (يو 10: 33) وعندما حكم عليه رئيس الكهنة بحكم الموت، كان الحكم لهذا السبب عينه، تهمة التجديف..! مزق رئيس الكهنة ثيابه قائلًا (قد جدف. ما حاجتنا بعد إلى شهود. قد سمعتم تجديفه (مت 26: 65).
إنه مذهل حقًا، أن رئيس الإيمان ومكمله، المعلم الصالح المدخرة فيه كل كنوز العلم والمعرفة، يدعى مجدفًا، وهو (حكمة الله وقوة الله) (1كو: 24)..
واتهموه أيضًا بتهم سياسية. فقالوا انه ضد قيصر، وانه (يهيج الشعب) وأنه (يُفْسِد الأمة) (لو 23: 5، 2).
هؤلاء الذين أردوا المسيح ملكا عليهم، يخلصهم من حكم قيصر، بل أرادوا أن يختطفوه ليجعلوه ملكًا (يو 6: 15) هؤلاء لما رفض المسيح هذا الملك الأرضي، لأن مملكته ليست من هذا العالم (يو 18: 36)، ولأنه يريد مملكة روحية في قلوب الناس، وليس مملكة أرضية، حينئذ اتهموه بأنه ضد قيصر!!
(وابتدأوا يشتكون عليه قائلين: أننا وجدنا هذا يفسد الأمة، ويمنع أن تُعْطَى جزية لقيصر، قائلًا أنه مسيح ملك) (لو 23: 2)!! يا للعجب، يلفقون هذه التهمة، ولا يخجلون من عبارته المشهورة (أعطوا ما لقيصر لقيصر، وما لله لله) (مر 12: 17).
وإذ بهؤلاء الثائرين على قيصر، الطالبين ملكا يخلصهم منه، يتمسحون الآن في قيصر، بصغر نفس، وبالدس والوقيعة، مقدمين المسيح كمتهم بهذه التهمة. وصمت المسيح لأنه (حمل خطايانا)..
ولم يكتفوا بتهمة التجديف وبالتهمة السياسية -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى- بل أيضًا:
اتهموه بأنه مضل، حتى بعد موته على الصليب لأجلهم، العالم كله. فذهبوا إلى بيلاطس، وقالوا له (يا سيد، قد تذكرنا أن ذلك المضل قال بعد وهو حي، إني بعد ثلاثة أيام أقوم فمر بضبط القبر إلى اليوم الثالث، لئلا يأتي تلاميذه ليلًا ويسرقوه ويقولوا للشعب انه قام من الأموات. فتكون الضلالة الأخيرة اشر من الأولى) (مت 27: 63، 64).
وهكذا وصفوه بأنه مضل، وبان تلاميذه مثله، سيقودون الشعب إلى ضلالة أشر..!
هذا هو المسيح الذي (أُحصي مع الآثمة)..
والذي قابل الموت (محتقرًا ومخذولًا من الناس) (أش 53: 12).
حقًا إن السيد المسيح لم يقابل بحب مثل حبه، فتمت الكلمة المكتوبة في ناموسهم (ابغضوني بلا سبب) (مز 69: 4) (يو 15: 25).
هذا هو المسيح الذي قدموه كثائر، ثائر على المجتمع يريد أن يغير عوائده وتقاليده، وثائر على الدين يقول انه سيهدم الهيكل ويبنيه في ثلاثة أيام، وثائر أيضًا على قيصر، يمنع أن تدفع جزية له... هذا الوديع الذي لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع أحد في الشوارع صوته...
هذا هو المسيح، الذي أبغضه الكثيرين.
فقام ضده الكتبة والفريسيون والصدقيون والناموسيون، والشيوخ والكهنة ورؤساء الشعب وكانوا يحاولون في كل مناسبة أن (يصطادوه بكلمة) (مت 22: 15) (مر 12: 13).
وهكذا تَعَرَّض كل يوم للمقاولين والمعاندين، الذين يحاولون أن يشيعوا عنه باستمرار كلمة رديَّة...قاموا على الرب وعلى مسيحه وهم يقولون: لنقطع أغلالهما، ولنطرح عنا نيرهما (مز 2).
وقيل عنه أيضًا إنه "تألم مجربًا" (عب 2: 18). وأصبح عمق الحياة الروحية هو أن "نتألم معه" (رو 8: 17) أو ندخل في "شركة آلامه" (في 3: 10). فكل الم من أجل البر، يعتبر شركة في آلام المسيح.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/good-thursday/insults.html
تقصير الرابط:
tak.la/knv7f7a