محتويات |
باسم الآب والابن والروح القدس
الإله الواحد آمين
إننا نغبط أنفسنا كثيرًا، لأننا عشنا في هذا الجيل الذي عاش فيه القمص ميخائيل إبراهيم... أجيال كثيرة تحسدنا، لأننا رأينا هذا الرجل وسمعناه وعاصرناه وعاشرناه، وتمتعنا به زمنًا، وتباركنا بصلواته...
إن القمص ميخائيل إبراهيم، كان بركة في زمننا الحاضر. كان كل من يجلس إليه، يشعر أنه أخذ من الروح شيئًا. كان إنسانًا نشهد أن فيه روح الله.
عينات كثيرة من الناس أمامنا. ولكن هذه العينة قليلة الوجود...
إنه شخص من أهل السماء، انتدبته السماء زمنًا ليعيش بيننا، ليقدم للبشرية عينة صالحة وصورة مضيئة من الحياة الروحية السليمة. وقد أدى واجبه على خير وجه. عمل قدر ما يستطيع، في صحته وفي مرضه، في شبابه وفي شيخوخته، في قوته وفي ضعفه. وما زال يعمل... كان يعمل كاهنًا ومرشدًا، الآن أصبح يعمل كشفيع عن الناس.
إنه حاليًا رسول من الأرض إلى السماء، يعرف ما نحن فيه، ويستطيع أن يسأل الله من أجلنا في كل ما يعرفه عنا...
كان نفسًا هادئة، مملوءة من الإيمان والطمأنينة، مملوءة من السلام الداخلي.
لم أره في حياتي إلا مبتسم الوجه، بشوشًا، طيبًا، يعطي أكثر مما يأخذ، ويملأ كل من يقابله بالسلام والهدوء...
أتذكر أنني في يوم من الأيام، كانت تحيط بي تحيط بي ضيقة شديدة. وفجأة رأيت هذا الرجل أمامي، كأن السماء قد أرسلته. وقال لي وهو مبتسم وهادئ وبشوش: [تأكد أن الموضوع ده للخير].. كان يتكلم كلام الواثق الذي يطمئن من يقابله...
كان رجل صلاة. وكل المشاكل التي كانت تمر به وبأولاده، كان يحلها جميعًا بالصلاة. أحيانًا كان لا ينصح ولا يرشد، ولا يتكلم عن حل. إنما يقول ببساطة: [نصلي]. وكانت صلاته أقوى.
كثير من الناس كانوا يطمئنون على أنفسهم، عندما يقابلونه ويحكون له، فيشعرون أن مشكلتهم قد حلت، لأن القمص ميخائيل إبراهيم قد سمعها بأذنيه، وأصبحت وديعة في قلبه.
كان رجلًا يسلم الله كل شيء: أتذكر أنه عندما توفيت السيد زوجته، وبعد الصلاة عليها، وقف في داخل الكنيسة، ورفه يديه إلى فوق، وقال بصوت مؤثر من أعماقه: [أشكرك يا رب].. كان إنسانًا مدققًا في حياته، يعطي لله حقه كله. وكان بسيطًا ووديعًا ومتواضعًا ومحبوبًا من الكل...
لا أستطيع أن أتكلم عنه بما يجب، لأنه كيف لي أن أتأمل رحلة ستة وسبعين عامًا من هذه الحياة...
76 سنة مرت، وكل يوم له قدسيته، وله تأملاته، وله صلواته، وله شركته مع الله...
وكيف أتكلم عن حوالي ربع قرن من الزمان، قضاها في الكهنوت:
في تعب عجيب، ود لا يوصف... كان وهو في عمق مرضه، ينزل ليؤدي خدمات روحية أو ماليه، أو صلوات للناس... وفي السنة الأخيرة كان قد تعب جدًا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وفي عمق تعبه، وفي عمق تعبه، كان يذهب ليصلي ويفتقد، حتى وقع في الكنيسة من الإعياء والمرضى.
إنه إنسان عجيب، أعطانا مثلًا على أن الكهنوت ليس مجرد علم ولكنه روح...
أعطانا فكرة عن الأبوة الحقة، وعن الرعاية السليمة، عن الحنان، عن الحكمة التي من فوق التي هي من مواهب الروح القدس...
كنت أعرف القمص ميخائيل إبراهيم من قبل أن يصير كاهنًا، وكنا نرى فيه الإنسان البسيط، الإنسان الروحي البسيط... كنت أسكن في كنيسة مارمينا بمصر القديمة. وكنا نرى هذا الرجل يأتي ويسجد أمام عتبة الكنيسة من الخارج، ويسجد عدة سجدات حتى يصل إلى الهيكل. ويصلي وهو في عمق الصلة بالله.
كنا نشعر أنه -وهو علماني- أكثر عمقًا من كثيرين من الذين في الكهنوت. فلما صار كاهنًا، أعطاه الله موهبة أعمق...
إنها خسارة كبيرة أن نُحْرَم من هذا الإنسان... نحن نؤمن أنه لم يمت، بل هو انتقال. ولكن لا شك أن هذا المرشد العميق، وهذا القلب المحب، وهذه الطاقة الجبارة، قد بعد عنا... نطلب أن يكون قريبًا منا بصلواته وطلباته.
عندما طلبت منهم في الكنيسة، كنيسة مارمرقس بشبرا، أن يدفن هنا في الكاتدرائية، أسفل الهيكل الكبير، خلف ضريح مارمرقس... فإن السبب الظاهري الذي قلته لهم هو الآتي: قلت إن القمص ميخائيل إبراهيم رجل عام، ليس ملكًا لكنيسة واحدة...
وأبناؤه في كل موضع، في كل حي، في كل بلد، لا يصح أن يقتصر على مكان معين. فالأفضل أن يدفن هنا، في مكان عام.
أما السبب الحقيقي الذي في أعماقي، فهو أنني كنت أريد أن يصير جسد هذا الرجل البار سندًا لنا في هذا الموضع، نستمد منه البركة...
[وهنا بكى البابا. وقام نيافة الأنبا يؤأنس أسقف الغربية، يكمل الكلمة] ثم تكلم القمص مرقس داود عن كنيسة مارمرقس بشبرا، وعن الأسرة فوجه كلمة الشكر.
← في نهاية الكتاب يوجد: تحية الشعر للمتنيح القديس القمص ميخائيل إبراهيم، بقلم المهندس وليم نجيب سيفين، عضو المجلس الملي العام.
_____
(*) تنيح في 26 مارس سنة 1975 م.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/fr-mikhail-ibrahim/death.html
تقصير الرابط:
tak.la/r3hxc9g