نرجع على مزمور داود (مز6) ونقول إنه لما وصل إلى الدموع، رفع الرب الحزن عنه. وأصبحت نهاية المزمور تختلف تمامًا عن مقدمته، إذ شعر بالاستجابة فقال:
ابعدوا عني يا جميع فاعلي الإثم.
لأن الرب قد سمع صوت بكائي.
الرب سمع تضرعي. الرب لصلاتي قبل.
ربما كانوا فاعلوا الإثم، أولئك الذين شمتوا به في سقطته، إذ رأوا بعض عقوبات الله له، فحسبوه مرفوضًا منه!! أو قد يكون المقصود بفاعلي الإثم: الأفكار التي تجلب الحزن أو اليأس.
وبالنسبة إلينا -حينما نقول ذلك في صلاتنا- نقصد بفاعلي الإثم كل الأفكار الخطية التي تحاربنا. ابعدوا عني، لأن الرب قد سمع صلاتي، حينما قلت له: وأنت يا رب إلى متى؟ عد ونج نفسي...
ابعدوا عني يا جميع فاعلي الإثم تعنى أمرين:
أولًا إن الله إذ سمع صلاتي، قد طردكم عني.
ثانيًا: تعنى قبول المصلي لتلك الأفكار فاعله الإثم التي تحاربه، وتجعل نفسه منزعجة جدًا.
داود وهو يصلي، أحس بعمل الله من أجله...
أحسَّ بأن الله قد سمع صلاته واستجاب، وهو لا يزال يصلي...
دخل في قلبه نور الرجاء، فقشع منه سحابة الحزن. وأصبح لا قوة لفاعلي الإثم في محاربته. بل أنه اكتسب سلطانًا أصبح به يطردهم من أمامه: ويقول لهم: ابعدوا عني... ليس بقوتي، وإنما بواسطة الله الذي سمع صوتي تضرعي، وقبل صلاتي. هذا الذي أقول له:
قُمْ أيها الرب الإله، وليتبدد جميع أعدائك، وليهرب من قدام وجهك كل مبغضي اسمك القدوس.
وأصبحت توبته لا تتم بالبكاء، وإنما أيضًا بالبعد عن فاعلي الإثم، وطردهم. وهكذا بالتوبة وقبول الله لصلاته، استرجع سلامه الداخلي.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
يقول: الرب سمع صوت بكائي.
إن دموعه لها صوت. لذلك يقول في موضع آخر " أنصت إلى دموعي".. حقًا إن الدموع تتكلم بلغة أفصح من الألفاظ، وأكثر إيقاعًا وتأثيرًا.
"الرب قبل صلاتي". دخلت هذه الصلاة إلى قلب الله، واستجابها، وآمن داود أنها قد استجيب. شَعَرَ بذلك.
فتحولت دموعه إلى فرح، وطلبته إلى شكر، وانسحاقه إلى تهليل.
صارع مع الله، وأخذ منه ما يريد...
في أول مزموره، كان يقول " يا رب لا تبكتني بغضبك، ولا تؤدبني بسخطك". وفي آخر المزمور " الرب سمع تضرعي. الرب لصلاتي قبل".. هنا العزاء والراحة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/do-not-rebuke-me-in-your-anger/the-response.html
تقصير الرابط:
tak.la/qzwx887