هذا المزمور من مزامير التوبة المشهورة... ومن اهتمام الكنيسة به، وصنعته في صلاة باكر، وفي صلاة نصف الليل، وفي صلاة الستار التي يصليها الرهبان. يقول داود في مقدمته:
"يا رب لا تبكتني بغضبك، ولا تؤدبني بسخطك".
وهو هنا يعترف بخطيئته، ويعترف بأنه يستحق التبكيت والتأديب، إنما يطلب ألا يكون ذلك شديدًا عليه.
يقول للرب " لا تبكتني بغضبك"، لأنه إنسان ضعيف، لا يحتمل غضب الله... لو أدبتني يا رب بغضبك، يمكن أن تفنيني، ولا تبقى علي. وهذا المعنى قاله أيضًا أرميا النبي " أدبنى يا رب، ولكن بالحق. لا بغضبك لئلا تفنيني" (أر10: 24).
هو لا يعفي نفسه من التبكيت، ولكنه يقول: لا تبكتني بغضبك:
لأنه "مخيف هو الوقوع في يدي الله الحي" (عب10: 31).
عندما غضب الله غضبه شديدة على خطايا الناس، أغرق العالم بالطوفان. ثم رجع وتحنن، ووضع علامة حتى لا يعود يفني كل ذي جسد علي الأرض (تك9: 15). ثم غضب غضبه أحرق بها مدينة سادوم (تك19). وغضب الرب على فرعون، فأغرقه هو وكل جنوده في البحر الأحمر (خر14: 28). وغضب الرب على قورح وداثان وابيرام، فابتلعهم الأرض وهم أحياء (عد16: 32).
ونحن نخطئ كل يوم. وربما تكون خطايانا في مثل خطايا أولئك الناس.
ونصرخ إلى الرب ونقول: لا تبكتنا بغضبك.
لو عاملتنا يا رب بغضبك، فلن يخلص أحد. ونحن نصلي للرب في صلوات الصوم الكبير، ونقول " لأنه إن عاملتنا يا رب بعدلك، فلن نجد حجة". لذلك يقول داود للرب " لا تبكتني بغضبك".
التبكيت له بركات، ويمكن أن ننتفع بها.
لكن يا رب لا تبكت بغضبك، ولا بسخطك.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
ولنا مثال عجيب في تبكيت ربنا يسوع المسيح لبطرس الرسول: ذلك الذي أنكر ولعن وجدف، وقال عن السيد المسيح لا أعرف الرجل. ولكن الرب بكته تبكيتًا خفيفًا هادئًا، لا بغضبه ولا بسخطه. فقال له " يا سمعان بن يونا. أتحبني أكثر من هؤلاء؟ ارع غنمي. ارع خرافي... " وكرر السؤال ثلاث مرات (يو21: 15-17).
لم يذكره علنا بإنكاره وخطاياه. دون أن يجرحه ويحرجه.
إن الله لا يخدش مشاعر الناس، ولا يجرح قلوبهم.
إلا في الضرورة القصوى. تمامًا كالطبيب، الذي بكل رقة يعالج المريض، لا بقسوة ولا بسخط.
وكثير من الخطايا لم يبكت عليها الله...
إبراهيم أبو الآباء مثلًا، قال عن سارة أنها أخته. حتى أخذها أبيمالك ملك جرار إليه... (تك20: 2). ما هو التبكيت الذي أخذه من الرب. بكت أبيمالك، ولم يبكت إبراهيم. صحيح أن إبراهيم ناله تبكيت من أبيمالك الذي قال له " ماذا فعلت بنا، وبماذا أخطأت إليك، حتى جلبت على وعلى مملكتي خطية عظيمة؟! أعمالًا لا تعمل عملت بي" (تك20: 9). ولكن الله لم يقل له شيئًا. كفي ما ناله.
الإنسان هو الوحيد الذي يكثر من التبكيت.
"والذي يكثر من التبكيت يخرب نفسه " كما قال الحكيم. ويخسر أصدقاءه كما هو عملي في الحياة.
يا رب لا تبكتني بغضبك. بكتني كما بكت بطرس وإن احتاج الأمر إلى غضب، لا يدم غضب إلى الأبد. إننا نصلي إلى الله ونقول " أرفع عنا". يتابع داود صلاته فيقول: لا تؤدبني بسخطك.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/do-not-rebuke-me-in-your-anger/do-not-rebuke-me.html
تقصير الرابط:
tak.la/q63fxtb