هذا المزمور ليس صلاة عادية، بل صرخة خارجية من الأعماق إذ يقول "من الأعماق صرخت إليك يا رب"..
فأي أعماق هي؟
من عمق القلب، من عمق الفكر، من عمق المشاعر والأحاسيس، صرخت إليك.
صرخت إليك، من عمق احتياجي إليك. من عمق ضعفي وتعبي.
من عمق السقوط الذي انحدرت إليه، واحتاج فيه إلى مغفرتك.
من عمق الخطية صرخت إليك، ومن عمق التعاسة التي تجلبها الخطية.
من عمق الشعور بالعجز والفشل الذي يجرني أحيانًا إلى الخوف.
من الأعماق صرخت إليك يا رب، يا رب استمع صوتي.
من عمق المشاكل التي تحيط بي، ولا أجد لها حلا إلا عندك. من عمق المتاعب والتجارب، التي تأتي من الناس ومن الشيطان.
من عمق أخطار أشعر بها تقترب إليَّ.
من عمق خجلي من نفسي وأمامي ضعفاتي وسقطاتي.
من عمق الهاوية التي أنافيها. مثل يونان الهارب منك، الذي صَلَّى قائلًا "دعوت من ضيقي الرب... صرحت من جوف الهاوية.." (يون 2: 2).
من عمق حزني على نفسي، من عمق خوفي...
من كل هذه الأعماق صرخت إليك يا رب، فاستمع صوتي.
هناك أشخاص -وهم في الأعماق- ومع ذلك لا يصلون ولا يصرخون.
وآخرون يصلون ويصرخون، ولكن ليس من الأعماق.
أما أنا ففي الأعماق، اصرخ إليك من الأعماق.
أصرخ إليك لكي ترفعني منها. أنت "المُقيم المسكين من التراب والرافع البائس من المزبلة.." (مز 113: 7).
أنا من عمق ضعفي، صرحت إلى عمق قدرتك.
ومن عمق احتياجي، صرخت إلى عمق حنانك ومحبتك.
ومن عمق سقوطي، صرخت إلى عمق مغفرتك. ومن عمق مشاكلي، صرخت إلى عمق حكمتك التي تحل المشاكل...
من عمق الهاوية، صرخت إلى علو سمائك.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
إنه مزمور إنسان شاعر بخطيته، ومعترف بها، ويطلب المغفرة أو هو مزمور إنسان في عمق ضعفه، يطلب المعونة.
مهما كان في أسوأ حالة، لكنه يصلي. وحقا إن أعماق التعب والمذلة، تساعد على الصلاة، بل تدعو إليها وتمنحها عمقًا.
إن أعمق صلاة نصليها، نرفعها ونحن في أعمق التعب.
وقد يسمح الله لنا بالتعب أحيانًا، لكي نصلي.
ننزل إلى الأعماق، فترتفع صلواتنا.
وفي هذا المزمور، يذكر المُصَلِّي اسم الرب 8 مرات.
ويبدأ بعبارة "من الأعماق صرخت إليك يا رب، يا رب استمع صوتي".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/contemplations-compline/out-of-the-depths.html
تقصير الرابط:
tak.la/9a2rmmv