St-Takla.org  >   books  >   pauline-todary  >   markos
 
St-Takla.org  >   books  >   pauline-todary  >   markos

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الأنبا مرقس الأنطوني ومغارته بدير الأنبا بولا بالبحر الأحمر - أ. بولين تودري

1- حال البلاد والأقباط في القرن الرابع عشر

 

أولًا: حال البلاد والأقباط في القرن الرابع عشر:

* كانت البلاد المصرية في هذه الفترة في عهد الملك الناصر بن قلاوون، والملك الصالح، والملك المنصور، والسلطان برقوق.

St-Takla.org Image: Mamluke: an Ottoman Mamluk, from 1810 by Carle Vernet. صورة في موقع الأنبا تكلا: مملوك، عثماني، لوحة لـ كارل فيرنيه عام 1810 م.

St-Takla.org Image: Mamluke: an Ottoman Mamluk, from 1810 by Carle Vernet.

صورة في موقع الأنبا تكلا: مملوك، عثماني، لوحة لـ كارل فيرنيه عام 1810 م.

* تفشت الأمراض في عهد الملك الناصر، وفتكت بالإنسان والحيوان، فأفهم قاضى الإسلام الملك أن ذلك حدث بسبب وجود مسيحيين في الدولة [وكان هذا القاضي ابنًا لأحد المسيحيين واعتنق الإسلام وارتقى لهذا المنصب]. مما أثار الملك على المسيحيين.

* وقد حلت على الأقباط أهوال كثيرة مُتعاقبة في هذا القرن. فعُوقبوا بلبس العمائم الزرقاء، وشد الزنار على أوساطهم، ومنعهم مِن ركوب الخيل والبغال. وكانت تؤخذ جباية مِن الأقباط دينار كُل سنة، علاوة على الجزية المفروضة عليهم برسم نفقة الجندية، هذا غير ما كان يُجبى منهم بالاشتراك مع المسلمين مما كانوا يُسمونه زكاة الدولة ونفقات الاحتفال بوفاء النيل وغير ذلك.

* كما صدر أمر بفصل كُل قبطي مِن العمل في وظائف حكومية، ممن رفضوا أن يعتنقوا الإسلام، فتظاهر كثير مِن الأقباط بالإسلام كرهًا في تغيير زيهم وخوفًا مِن قطع مصدر رزقهم.

* وقد ذكر المقريزي (القرن 15) أن ما حدث للأقباط كان بسبب تكبُر بعضهم وغناهم، ولكن الحقيقة أن سبب تراكم هذه المظالم على الأقباط جعلهم يتذمرون على الظلم الذي كان يقع عليهم، واعتراضهم على الأوامر القاسية التي كانوا يُجبرون عليها، حتى دفعت الحمية كثيرين منهم إلى التجرؤ على مُخالفة هذه الأوامر فلبسوا العمائم البيضاء بدل السوداء وتأنق بعضهم، وتجاسر بعض الموظفين وظهروا في الشوارع راكبين خيولًا. فساء هذا الأمر بعض المُتعصبين وأرادوا إذلال الأقباط، فأقر كبارهم على هدم كُل كنائس الأقباط، وضرورة تنفيذ كُل ما صدر عليهم مِن قوانين حرفيًا.

* واستمر الحال هكذا ثلاث سنوات حتى جاء وفد مِن عند ملك برشلونة كان يحمل فدية لأسير كان قد أسره السلطان في حرب. ولما شاهد رجال الوفد ما يحدث للأقباط طلبوا مِن السلطان فتح الكنائس مُقابل مبلغ مِن المال يدفعونه له، فأجابهم السلطان إلى طلبهم، ففُتحت كنائس كثيرة وخف الاضطهاد نوعًا. أما المقريزي فقال أن السلطان لم يفتح إلا كنيستين فقط ثم رجع ومثًل بالوفد تمثيلًا شنيعًا.

* وحدث أيضًا أن تمرد على السلطان أكثر مُسلمي الصعيد، فأرسل إليهم قوة لإخضاعهم، فذبحت الألوف مِن الأقباط والمسلمين على السواء، وفى السنة الثانية حدثت زلزلة دمرت بلادًا كثيرة، فشعر السلطان أن ذلك كُله نتيجة جوره على الأقباط.

* وبعد ذلك خُلع الملك الناصر وجلس على كرسي السلطنة عوضه بيبرس الجاشنكير، ولُقب بالملك المُظفر، ولكن الملك الناصر عاد وقتل بيبرس واسترد عرشه، وكان قد تأكد أن كُل ما حل به كان مِن جرى ظلمه للأقباط، فصار يحميهم مِن الظُلم بكُل قوته مِن نهب واستبداد المماليك والمواطنين المسلمين المُتعصبين، ولكنه فيما بعد لم يقو على إيقاف سيل التعصب الذي كان يملأ قلوب المسلمين على الأقباط، فاضطر أحيانًا أن يقسو على المسلمين وأحيانًا أخرى على المسلمين والمسيحيين سواء.

* وفى سنة 1312م. ثار المسلمين وبدأوا في هدم الكنائس كُلها وسلب ما بها مِن أواني ومقتنيات، ثم قصدوا إلى بابليون التي كان يسكنها أكثر الأقباط وأغنياؤهم، ولكن هؤلاء شعروا بهم قبل وصولهم فأغلقوا أبواب الحصن القديم وكان داخل سور الحصن ستة كنائس، فلم يتمكنوا منهم، إذ عُرف الأمر عند السلطان وأرسل قوة لتفريق المعتدين. وذكر المقريزي أن مُعظم كنائس مصر والفسطاط قد هُدمت ونُهبت ما عدا كنائس بابليون والبيوت التي فيها. ولكن السلطان نفسه كان قد أساءه هذا وأراد معرفة المُحرضين على ذلك، ولكن الأمراء الذين حوله ضللوه إذ كان لهم يد فيما حصل، وأقنعوه أن الله سمح بخراب كنائس المسيحيين لتعظمهم وارتكابهم الشرور التي تنهى عنها ديانتهم.

* وصدرت أوامر أن كُل منْ يجد نصرانيًا ويقدر عليه ويقتله فله ماله، فركض الكُل يُفتشون على الأقباط ويجرون ألوفًا إلى المذابح، والذين لم يهلكوا منهم ميزوهم بلبس خاص، وأمروهم بلبس العمائم الزرقاء وبتعليق أجراس في رقابهم خوفًا مِن أن يتدنس مُسلم بلمسهم وحرموهم مِن التوظف بدوائر الحكومة أو الأمراء، وكان مِن الجائز ذبح كُل قبطى يُرى لابسًا  عمامة بيضاء أو راكبًا فرسًا أو بغلًا، وأمروا منْ يُريد أن يركب حمارًا بأن يركبه مقلوبًا. واستمر القتل والنهب مدة أسلم فيها جماعة كثيرة، حتى ملً الفاتكون رؤية الدماء البشرية تسيل على الأرض فكفوا عنْ تتبع الأقباط.

St-Takla.org Image: A Mameluke in Full Armour, with a sword and a spear, by Wilhelm Gentz - from the book: Egypt: Descriptive, Historical, and Picturesque- Vol. 2 - by Georg Ebers (tr. Clara Courtenay Poynter Bell), 1885. صورة في موقع الأنبا تكلا: مملوك: أحد المماليك مع درع واق كامل للحرب، مع سيف وحربة، رسم الفنان ويلهلم جينز - من صور كتاب: مصر: وصفيًّا، تاريخيًّا وتصويريًّا - جزء 2 - لـ جيورج إبيرس (ترجمة كلارا كورتناي بوينتر بيل)، 1885 م.

St-Takla.org Image: A Mameluke in Full Armour, with a sword and a spear, by Wilhelm Gentz - from the book: Egypt: Descriptive, Historical, and Picturesque- Vol. 2 - by Georg Ebers (tr. Clara Courtenay Poynter Bell), 1885.

صورة في موقع الأنبا تكلا: مملوك: أحد المماليك مع درع واق كامل للحرب، مع سيف وحربة، رسم الفنان ويلهلم جينز - من صور كتاب: مصر: وصفيًّا، تاريخيًّا وتصويريًّا - جزء 2 - لـ جيورج إبيرس (ترجمة كلارا كورتناي بوينتر بيل)، 1885 م.

* وأيضًا حُرقت بعض الجوامع، واتهم الأقباط بحرقها، وإن كان بعض المؤرخين ينسبونها إلى دسائس المماليك الذين كانوا يحسدون الأقباط على نفوذهم في الدواوين. ومع أن السلطان منع الأقباط مِن مزايا كثيرة عديدة -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى- إلا أنه رأى تعذر الاستغناء عنهم في إنجاز مصالحهم، وظل قوم منهم في وظائفهم الحكومية، ولكي يحفظوا مركزهم تفننوا في وضع قواعد حسابية مُحكمة لا يدريها سواهم حتى لا يمكن الاستغناء عنهم.

* وفى سنة 1352 م. أصدر الملك الصالح أحكام كثيرة تخص الأقباط، فأمر بعدم تعيين المسيحيين في مصالح الحكومة حتى إذا اعتنقوا الإسلام. ومنْ أسلم لا يُسمح له بالعودة إلى أهله أو رؤيتهم إلا إذا أسلموا مثله. وإذا مات مسيحي يتولى المسلمين قسمة تركته على ورثته إذا كان له ورثة وإلا تذهب إلى بيت المال، وقد ألزم بطريرك الأقباط بالموافقة على هذه الأوامر.

* ولكن في أيام الملك الناصر حسن، قد دعت الحاجة إلى إعادة الموظفين المطرودين مِن الخدمة إلى العمل بالحكومة مرة أخرى.

* وفى عهد الملك المنصور سنة 1381 م. قامت ثورات كثيرة ضد الأقباط رغم منع الحكومة اضطهادهم. ولما كثُر الذين أسلموا منهم، أبغضهم المسلمون الأصليين لأنهم كانوا يُزاحمونهم في الوظائف الإدارية العالية، وهكذا لم يقدروا أن يُرضوهم سواء أسلموا أم لم يسلموا.

* وفى عهد السلطان برقوق ووزارة الأمراء يلبغا ومنطاش وسودون، حدث هجوم مِن الفرنجة بحملة على الإسكندرية فنهبوا وسلبوا ثم سبوا عددًا مِن النسوة وهربوا. ولأن هؤلاء الأجانب كانوا مسيحيين ويحملون شارة الصليب على صدورهم، فقد أوغلوا صدر الأمير يلبغا ورجاله ضد الأقباط كالمعتاد. فأمر الأمير بالتضييق على الأقباط إلى حد أنه لم يكتف بالتنكيل بساكني المدن والقرى بل تعداهم إلى ساكني الصحراء أيضًا. وصب جام غضبه بصفة خاصة على رهبان دير الأنبا أنطونيوس، إذ بلغه أن به ذخائر ذات قيمة عُظمى. فألقى القبض على القس متاؤس الذي كان رئيسًا للدير وقتذاك، وعلى عدد مِن الآباء منهم شيخ اشتهر بقداسته اسمه مرقس الأنطوني وساقهم أمامه ليذهب بهم إلى القاهرة، وكان يُوسعهم ضربًا ورميًا على الأرض أثناء السفر، ومنع عنهم الطعام والشراب. وقد استعطفوه ليسمح لهم بقليل من الماء راضين بالجوع ولكنه رفض طلبهم في قسوة وتشامخ، ولكن الله أنعم عليهم بأمطار غزيرة روت عطشهم.

* وقد حاول البعض مِن المسلمين حرق كنيسة المعلقة، وسمع السلطان برقوق بالأمر، فأرسل لهم قضاة الإسلام الأربعة ليحققوا في دعوتهم بأن هناك تجديدًا في تلك البيعة. وقد أثبت القضاة الأربعة بهتان هذه الدعوى، وحكموا على المحرضين على حرق الكنيسة بالانصراف. ولشدة غيظهم من الحكم رموا جمرة نار متقدة على أساس الكنيسة قبل انصرافهم، ولكن تم السيطرة على الموقف.

* ولما فشل المحرضون في إحراق كنيسة المعلقة، وجهوا غضبهم إلى دير شهران (دير الأنبا برسوم العريان دير حاليًا)، ولكن تصدى لهم الأنبا متاؤس الأول، وقال لهم: أن يقتلوه قبل أن يحرقوا الدير، ولكنهم تراجعوا أمام شجاعته. وأرسل البطريرك إلى السلطان برقوق يُعلمه بالأمر، فأرسل القضاة الأربعة وحكموا بوجوب ترك الدير ورهبانه في أمان.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pauline-todary/markos/state.html

تقصير الرابط:
tak.la/94hr9jp