محتويات: (إظهار/إخفاء) |
(1) الإيمان (2) الطريق أو المسلك الواحد (3) مرحلة المدخلات (4) مرحلة التشغيل (5) مرحلة المخرجات |
هناك حقائق إيمانية لا يقدر أي معاند إنكارها، وهي أن الرب الإله هو ضابط الكل، وهو الذي صنع السماء والأرض وكل ما فيها وأن للرب الأرض وملؤها، المسكونة وجميع الساكنين فيها.
ولكن ما هو الإيمان؟
يقول القديس بولس – بالروح – في تفسيره للإيمان: "أما الإيمان فهو الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا ترى" (عب 11: 1).
ومن منطلق الحقائق الإيمانية السابقة، وطبقًا لتعريف الإيمان.. فإننا نؤمن إيمانًا كاملًا بأن: "الرب يرعاني فلا يعوزني شيء. في مراع خضر يسكنني. إلى مياه الراحة يوردني" (مز 23: 1، 2).
نحن نؤمن إيمانًا تامًا صادقًا بأن الله الذي خلقنا لن يتركنا نعانى في هذه الحياة – حتى مع خطايانا الكثيرة – لأنه يُشرق شمسه على الأشرار والأبرار، فمحبة الرب لأولاده غير محدودة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ولأن الرب القدوس هو مصدر كل خير وصلاح فهو لن ينسانا حتى وأن نسيت الأم رضيعها. لذلك فهو يدبر كل أمور حياتنا الروحية والدنيوية. فهو الذي يفتح ولا أحد يُغلق.
وقد ضرب الرب يسوع لتلاميذه مثل الغنى الغبي الذي كان يُكنز لنفسه وليس هو غنيًا لله. وبعد هذا المثل مباشرة قد أوضح السيد المسيح لتلاميذه صراحة – بما لا يدع مجالًا للشك – إلى أي مدى يعتني الله بأولاده، قائلًا: "من أجل هذا أقول لكم: لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون، ولا للجسد بما تلبسون. الحياة أفضل من الطعام، والجسد أفضل من اللباس. تأملوا الغربان: أنها لا تزرع ولا تحصد، وليس لها مخدع ولا مخزن، ولله يقيتها.. كم أنتم بالحري أفضل من الطيور!" (لو 12: 22 - 24).
في تعاليمه على الجبل دعانا الرب يسوع قائلًا: "اسألوا تعطوا. اطلبوا تجدوا. اقرعوا يفتح لكم. لأن كل من يسأل يأخذ. ومن يطلب يجد، ومن يقرع يفتح له" (مت 7: 7، 8).
ولأن تعاليم الرب يسوع هي روح وحياة، ومن أجل الإيمان الكامل الذي بداخلنا بابن الله، فأن: "هذه هي الثقة التي لنا عنده: أنه أن طلبنا شيئًا حسب مشيئته يسمع لنا" (1 يو 5: 14).
وقد يعترض البعض على وجهة نظر المؤلف بحجة أن هذا المنطق كان يصلح في زمن الأنبياء والمعجزات، وأما اليوم فلا يصلح ذلك. والرد على ذلك إيمانيًا أن الرب هو هو أمس واليوم وإلى الأبد. وهذا ما يجعلني بكل الثقة: "أؤمن أن أعاين خيرات الرب في أرض الأحياء" (مز 27: 12). وأما الرد الدنيوي الذي أوجهه للمترددين والمتشككين هو: أسألوا طيور السماء وسمك البحر والحيوانات الضالة وكل الكائنات الضعيفة ودود الأرض.. من يعولها ويطعمها وهي لا تزرع ولا تحصد وليس لها مخازن تجمع فيها، ومن الذي يعطى طعام لكل ذي جسد.
أي طريق وأي مسلك نتحدث عنه في هذا العنصر؟ وهل هو طريق ومسلك واحد أم طريقين إحداهما روحي والأخر دنيوي؟
يرى المؤلف أن إجابة السؤال السابق بسيطة وواضحة يعلنها لنا السيد المسيح بنفسه، عندما قال: "أنا هو الطريق والحق والحياة" (يو 14، 6). معنى هذا أن الطريق الذي نعنيه هو طريق واحد هو (الطريق الروحي). حيث أننا بمجرد الاجتهاد أو الجهاد في السير في هذا الطريق الواحد بطلب المعونة والتعضيد الكامل من الرب يسوع.. فإننا نجد أن النجاح المادي والدنيوي يتحقق بالتبعية وبطريقة آلية، وهذه هي وعود الرب الإله لنا. ومن يتأمل سفر التثنية يجد إصحاحًا كاملًا – الإصحاح 28 – يتحدث صراحة وبتفصيل كبير ودقيق جدًا عن طريق الخير ومكافأته، وكذلك طريق الشر وعواقبه.
ويعلمنا الوحي على لسان داود النبي والملك في مزامير كثيرة – يصعب حصرها – ما نقصده بمصطلح أو مفهوم الطريق أو المسلك، والنتائج التي يمكن أن تتحقق للفرد نتيجة اختياره لهذا الطريق، وذلك من واقع خبرة عظيمة لداود كنبي وملك مع الرب العلى بوعود وتجارب ونتائج قد تحققت. وسيحاول المؤلف اختيار بعض الأمثلة لهذه المزامير التي تعبر بتركيز عن مفهوم الطريق، فمثلًا في المزمور الأول: "طوبى للرجل الذي لم يسلك في مشورة المنافقين. وفي طريق الخطاة لم يقف، وفي مجلس المستهزئين لم يجلس. لكن في ناموس الرب إرادته، وفي ناموسه يلهج نهارًا وليلًا" (مز 1: 1، 2). ويستمر الوحي في نفس المزمور في إعلان المكافأة التي يمكن أن يحصل عليها الفرد نتيجة لاختياره: (الطريق أو المسلك الحقيقي الواحد) الذي للرب الإله، بقوله: "فيكون كالشجرة المغروسة على مجارى المياه التي تعطى ثمرها في حينه. وورقها لا ينتثر، وكل ما يصنع ينجح فيه" (مز 1: 13).
وفي المزمور (24) يعاود المرتل تذكيرنا بأهمية السير في الطريق الحقيقي والمكاسب التي يمكن تحقيقها بقوله: "من هو الإنسان الخائف الرب. يرشده في الطريق التي ارتضاها. نفسه في الخيرات تثبت. ونسله يرث الأرض" (مز 25: 12، 13). ويعلمنا نفس المزمور أن الفرد البسيط الوديع الذي يخطئ في الطريق بدون قصد أو معرفة أو تعمد.. لا يتركه الرب يتخبط في جهله وعدم معرفته، لأن: "الرب صالح ومستقيم. لذلك يرشد الذين يخطئون في الطريق. يهدى الودعاء في الحكم. يعلم الودعاء طرقه" (مز 25: 8، 9).
وفي نفس السياق يؤكد المرتل نفس الحقيقة في مزمور تالي بقوله: "طوبى للرجل الخائف الرب، ويهوى وصاياه جدًا. يقوى نسله على الأرض. جيل المستقيمين يبارك. مجد وغنى في بيته، وبرّه يدوم إلى الأبد" (مز 112: 1-3). ويستمر المرتل في تأكيد المعنى في مزمور أخر: "طوبى لجميع الذين يتقون الرب، السالكين في طرقه، لأنك تأكل من ثمرة أتعابك، تصير مغبوطًا ويكون لك الخير. امرأتك تصير مثل كرمة مخصبة في جوانب بيتك. بنوك مثل غروس الزيتون الجدد حول مائدتك هكذا يبارك الإنسان المتقى الرب" (مز 128: 3، 4).
وفي المزمور (84) يبث داود الطمأنينة في نفوسنا، لأن البركات يعطيها واضع الناموس، وأن: "الرب لا يمنع الخيرات عن السالكين بالدعة، يا رب إله القوات، طوبى للإنسان المتكل عليك" (مز 84: 11، 12).. لكل ما سبق يصر داود النبي والملك في كل مزاميره تقريبًا على التأكيد على معرفة طريق الرب والسير فيه، فهو يطلب برجاء الرب سبحانه بأن يهديه إليه، فيقول: "عرفني يا رب الطريق التي أسلك فيها لأني إليك رفعت نفسي. أنقذني من أعدائي يا رب، فأنى لجأت إليك، علمني أن أصنع مشيئتك، لأنك أنت هو إلهي" (مز 143: 10).
في البدء لابد أن تكون أهداف المشروع يرضاها ضابط الكل، ليس هذا فقط بل أن الوسيلة التي تستخدم في تحقيق الأهداف أيضًا لابد أن يظللها مخافة الرب. ثم بعد ذلك نأتي لمرحلة المُدخلات التي تمثل باختصار كل عوامل الإنتاج الملموسة وغير الملموسة، التي سوف يتم تخصيص فصل كامل لها. ولكن كل ما يهمنا التأكيد عليه هنا هو أن المدخلات تمثل مقدمة منطقية للمخرجات حيث أن النتائج من نوع العمل: "فإن ما يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضًا" (غل 6: 7). ولذلك فإن "من يزرع بالشح أيضًا يحصد، ومن يزرع بالبركات فبالبركات أيضًا يحصد" (2 كو 9: 6).
ويعنى الأمر السابق ضرورة أن تكون المدخلات جيدة – لذا يجب التجويد ما أمكن في كل بيئة العمل الداخلية والخارجية – إذا ما أردنا الحصول على مخرجات جيدة، ويعلمنا الروح القدس على لسان بولس الرسول، قائلًا: "إن كانت الباكورة مقدسة فكذلك العجين! وإن كان الأصل مقدسًا فكذلك الأغصان" (رو 11: 16).
ويعتقد المؤلف أن عوامل الإنتاج ليس هي فقط العوامل الملموسة التي يتكلم عنها رجال الاقتصاد: الأرض، العمل، رأس المال، التكنولوجيا، والتنظيم والإدارة... بل أن هناك عوامل إنتاج غير ملموسة أيضًا وهي ""ثمر الروح"، الذي يتكلم عنه الرسول بولس قائلًا: "وأما ثمر الروح فهو: محبة فرح سلام، طول أناه لطف صلاح، إيمان وداعة تعفف" (غل 5: 22، 23).
وإن كان ثمر الروح أو ثمار الروح نتاج للحياة الروحية والجهاد فيها.. إلا إننا يمكن أيضًا اعتبارها مدخلات أو عناصر إنتاج غير ملموسة، أو بمعنى أخر فهي وإن كانت (نتيجة) طبيعية ومنطقية للسير في الطريق الروحي، إلا أن ذلك لا يمنع من إمكانية الاعتماد عليها كسبب ومكوّن إنتاجي يجب استثماره، وذلك من خلال العمل على إيجاده – ثمر الروح – وتنميته لدى العاملين ليكوّن مدخلات إنتاجية غير مباشرة وغير ملموسة فلا أحد ينكر على سبيل المثال – لا الحصر – أهمية وجود كل من الحب والسلام في حياة الأفراد العاملين بالمنشأة ومع بعضهم البعض ومع المجتمع المحيط، ولا أحد يستطيع أن ينكر أيضًا الأثر الإيجابي الأكيد لكل ثمار الروح وبالأخص الحب والسلام، وذلك على إنتاجية العاملين المملوءين بالحب والسلام داخلهم.
كما هو معروف أن مرحلة التشغيل تمثل (المطبخ أو المعمل الفني) الذي تتفاعل فيه عوامل الإنتاج الملموسة وغير الملموسة مع بعضها البعض. أما غير المعروف والذي نود التركيز عليه هو أنه مهما بلغت جودة عناصر الإنتاج وكفاءة العنصر البشرى دون عمل الله المُكمل والمُكلل فأنه لا فائدة حقيقية من العمل، لأنه: "إن لم يبن الرب البيت، فباطلًا يتعب البناؤون. وإن لم يحرس الرب المدينة فباطلًا يسهر الحراس" (مز 127: 1). كما إن كل: "أعمال يديه حق وعدل. كل وصاياه صادقة ثابتة إلى دهر الدهور مصنوعة بالحق والاستقامة" (مز 111: 7، 8).
إن نعمة الرب وبركته تظهر في الأعمال الروحية والدنيوية لخائفيه ومطيعيه ويوضح الكتاب المقدس نعم وبركات الله الكثيرة في حياة المؤمنين، ولعل من أكثر ما يمكن أن يعبر بصدق عن مرحلة التشغيل بالكتاب المقدس هو ما قاله السيد المسيح له المجد بنفسه في تشبيهه لملكوت الله، عندما قال: "هكذا ملكوت الله: كأن إنسانًا يلقى البذار على الأرض، وينام ويقوم ليلًا ونهارًا، والبذار يطلع وينمو، وهو لا يعلم كيف، لأن الأرض من ذاتها تأتى بثمر. أولًا نباتًا ثم سبلًا، ثم قمحًا ملآن في السبل. وأما متى أدرك الثمر، فللوقت يرسل المنجل لأن الحصاد قد حضر" (مر 4: 26-29).
ويؤكد نفس المعنى بولس الرسول، في قوله: "فمن هو بولس؟ ومن هو أبلوس؟ بل خادمان أمنتم بواستطهما، وكما أعطى الرب لكل واحد: أنا غرست وأبلوس سقى. لكن الله كان ينمى. إذا ليس الغارس شيئًا ولا الساقي بل الله الذي ينمى" (1 كو 3: 5-7). فلا تنسوا أحبائي الكرام هذه الحقائق ولا تخدعكم المظاهر الدنيوية الزائلة، ولا تدعوا أعمال أياديكم حتى وإن بدت ناجحة تضللكم، فهو يخزى جميع الساجدين لصنعة الأيدي المفتخرين بأصنامهم، فنجاح أعمالنا الأرضية جزئي مؤقت أن تم خارج طاعة الرب الإله: "لأن الله هو العامل فيكم أن تريدوا وأن تعملوا من أجل المسرة" (في 2: 13).
والآن ننتقل إلى المظاهر الروحية التي يلمسها كل المؤمنين وغير المؤمنين لعمل الله – إن جاز لنا قول ذلك – خلال مرحلة التشغيل. هذا المظهر الروحي هو "بركة الرب" فعمل الرب في حياتنا الروحية والدنيوية هو الذي يجعلنا نشعر ونحس بقلوبنا قبل حواسنا "بركة الرب" في العمل المبذول. "فبركة الرب هي تغنى، ولا يزيد معها تعبًا" (أم 10: 22).
"البركة كمفهوم" ليس مفهومًا روحيًا أو إيمانيًا فقط بل هي مفهومًا ماديًا أيضًا، فبركة الرب هي الخميرة المقدسة لكل أعمال أيدينا، وهي الخميرة التي أخذتها امرأة وخبأتها في ثلاثة أكيال دقيق – مرحلة التشغيل – حتى اختمر الجميع. وللتدليل على البركة كمفهوم مادي كتابي سنكتفي بشاهد واحد فقط من الشواهد الكثيرة بالكتاب المقدس: "وكان الرب مع يوسف فكان رجلًا ناجحًا، وكان في بيت سيده المصري. ورأى سيده أن الرب معه، وأن كل ما يصنع كان الرب ينجحه بيده. فوجد يوسف نعمة في عينه وخدمه، فوكله على بيته ودفع إلى يده كل ما كان له. وكان من حين وكله على بيته وعلى كل ما كان له، أن الرب بارك بيت المصري بسبب يوسف، وكانت بركة الرب على كل ما كان له في البيت والحقل" (تلك 39: 2-5). ويعتقد المؤلف أن الآيات الموضحة لا تحتاج إلى أي شرح أو تعليق.
والبركة كمفهوم مادي يمكن التعبير عنها حسابيًا، من خلال الاعتراف بها كأحد مكونات الفرق الحسابي بين (المخرجات والمدخلات أو الإيرادات والتكاليف)، أو بمعنى آخر فإن الفرق الحسابي بين المدخلات والمخرجات يشتمل على كل من القيمة المضافة والربح والبركة المادية. ويعتقد المؤلف أن مشكلة عدم الاعتراف العلمي أو الاقتصادي بالبركة كقيمة مادية حقيقية، لا يكمن في إنكار وجود البركة أو عدم الإحساس بها.. ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في صعوبة القياس الكمي للبركة، مثلها مثل مفاهيم تجارية كثيرة نقتنع ونعترف بوجودها ومن ثم نستخدمها في الحياة العملية بالرغم من صعوبة قياسها كالرضا والشهرة التجارية.. إلخ.
والبركة كمفهوم مادي يمكن أن تأخذ شكلًا إيجابيًا يتمثل في (الزيادة المادية)، التي يمكن أن تلحظها في العوائد والإيرادات. كما يمكن أن تأخذ شكلًا سالبًا يتمثل في (النقص المادي)، والتي يمكن أن نلحظه في تجنب المشاكل أو الحوادث. وبذلك قد يتفق مفهوم البركة المادية مع المبدأ التجاري: (تجنب الخسارة المؤكدة مكسب، وفقد المكسب المؤكد خسارة)(1).
"الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالابتهاج. سيرًا كانوا يسيرون وهم باكون حاملين بذارهم ويعودون بالفرح حاملين أغمارهم" (مز 126: 5، 6).
تُعبر الآية بصدق عن الطبيعة الروحية لمرحلة المخرجات، وما يجب أن تكون عليه. من جهة أخرى كما هو معروف للجميع أن: المقدمات المنطقية أو الجيدة تؤدى إلى نتائج (نهايات) منطقية أو جيدة، ولذلك فالمدخلات الجيدة تؤدى إلى مخرجات جيدة (بمشيئة الرب العلى)، وقد تحققنا من ذلك في كل المزامير التي استعان بها المؤلف عند الحديث عن الطريق أو المسلك الواحد. ويؤكد لنا السيد المسيح هذا المبدأ الروحي بقوله:
"هكذا كل شجرة جيدة تصنع أثمارًا جيدة، وأما الشجرة الردية فتصنع أثمارًا ردية، لا تقدر شجرة جيدة أن تصنع أثمارًا ردية، ولا شجرة ردية أن تصنع أثمارًا جيدة" (مت 7: 17، 18).
ويجدر الإشارة إلى أن المخرجات قد تكون مادية في صورة سلع وخدمات، أو غير مادية (معنوية) مثل السمعة الطيبة والاسم التجاري الجيد والحالة المعنوية المرتفعة والدرجة العالية من الاستقرار والرضا الداخلى.. إلخ. ولأهمية المخرجات لأي عمل روحي أو دينوي على المستوى الكمي والنوعي، سواء في المخرجات المادية أو غير المادية.. فإنه يجب تقييمها بطرق كمية متنوعة. وذلك للتعرف عما إذا كان قد تم استخدام المدخلات (الموارد المتاحة) الاستخدام الأمثل أم لا؟ سواء من حيث كم الإنتاج أو جودته. وفي هذا الصدد يعلمنا الكتاب المقدس أيضًا أهمية وضرورة التقييم الروحي والمادي.
وفيما يتعلق بأهمية التقييم الروحي للمخرجات أو النتائج، فإن المؤلف يرى أن المسيحية كديانة سماوية تنصب على خلاص كل نفس بشرية بدم فادينا يسوع، من خلال التقييم الروحي – الداخلي والخارجي – وتصحيح المسار أولًا بأول عند الوقوع في الخطية، بالاستفادة الحقيقية من الأسرار المقدسة ووسائط النعمة. وهذا ما نراه واضحًا في مثل العذارى العشر (مت 25: 1-13). كما أن الرسائل السبعة لملائكة الكنائس السبعة بسفر الرؤية (إصحاح 2، 3) دليل أكيد على أهمية المراجعة والتقييم الروحي.
ولأننا ملح الأرض فلابد لأعمال أيادينا أن تؤتى بالثمر المطلوب 30، 60، 100. وحتى يتم ذلك لابد لنا من مراجعة نتائج أعمالنا الأرضية على ضوء المعايير المعمول بها، مع الأخذ في الاعتبار عدم فصل الأعمال الدنيوية عن السلوك الروحي العام الذي يجب أن نتحلى به. وفي تقييم الأداء التبشيري للرسل والتلاميذ - حتى لا يضيع الجهد التبشيري بدون فائدة – كان معيار التقييم هو مدى قبول (استجابة) أو عدم قبول المستهدفين بالتبشير للجهد التبشيري الموجه لهم(2). فعندما أرسل الرب يسوع التلاميذ والرسل: قال لهم "حيثما دخلتم بيتًا فأقيموا فيه حتى تخرجوا من هناك. وكل من لا يقبلكم ولا يسمع لكم، فأخرجوا من هناك وانفضوا التراب الذي تحت أرجلكم شهادة عليهم" (مر 6: 10، 11). وإذا كان هذا الأمر يتم على مستوى أداء الرسل والتلاميذ، فبالأحرى لابد أن يتم معنا نحن المؤمنين وألا نصير كشجرة التين التي تيبست (مت 21: 18-20).
_____
(1) لمعرفة المزيد من التفاصيل عن البركة كمفهوم مادي: يُراجع: ناجى جيد (2011): المفاهيم المسيحية والفكر الإداري المتجدد، الناشر غير مبين.
(2) لا يقصد المؤلف بالتقييم الروحي مدى نجاح الرسل والتلاميذ في الدعوة والتبشير، إذ أن ذلك الأمر يخضع لعوامل روحية كثيرة غير قابلة للقياس ترتبط بالمتلقيين أو المستهدفين أنفسهم، حيث أنها ترتبط بعوامل إيمانية مثل قبول الكلمة والإيمان بها وعوامل سلوكية كالعمل بالكلمة والسير في طريق الله.. إلخ. بل يقصد المؤلف بالتقييم الروحي مدى الاستجابة الأولية للدعوة من قبل المستهدفين وذلك بغرض الترشيد لوقت وجهد الرسل التبشيري.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/nagy-gayed/christian-economics/philosophy.html
تقصير الرابط:
tak.la/5gsrg94