St-Takla.org  >   books  >   nagy-gayed  >   christian-economics
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب التعاليم المسيحية.. ومبادئ الفكر الاقتصادي - أ. ناجي جيد

28- سابعًا: المسيحية.. والاستهلاك

 

St-Takla.org Image: Wisdom Versus Man's Wisdom صورة في موقع الأنبا تكلا: الحكمة الإلهية في مقابل الحكمة البشرية

St-Takla.org Image: Wisdom Versus Man's Wisdom

صورة في موقع الأنبا تكلا: الحكمة الإلهية في مقابل الحكمة البشرية

رأينا منذ قليل أن منفعة السلعة تتحدد على ضوء درجة الحاجة إليها..ومن نفس المنطلق فأن استهلاك السلعة أيضًا لابد أن يتحدد على قدر الاحتياج إليها.. فما معنى استهلاك سلعة لا حاجة إليها، أو استهلاك سلعة أكثر من الحاجة..إن استهلاك السلعة بكم أكبر من الحاجة لا تقبله المسيحية ولا توافق عليه لا من المنظور الروحي، ولا حتى من المنظور المادي (الدنيوي).

فمن الناحية المادية.. نجد أن استهلاك السلعة أكثر من الحاجة يؤدى إلى تعود المستهلك على هذا النمط من الاستهلاك، وقد يؤدى هذا الأمر إلى زيادة فعلية في كم احتياج الفرد من نفس السلعة كل مرة عن المرة السابقة، خاصة في حالة السلع الاستهلاكية الضرورية أو الأساسية، الأمر الذي قد يترتب عليه في النهاية شراهة استهلاكية.. ولهذا نجد أن الكتاب المقدس يدعونا إلى الترفق في الاستهلاك، قائلًا: "إذا جلست على مائدة حافلة فلا تفتح لها حنجرتك. ولا تقل ما أكثر ما عليها" (سى 31: 12، 13). "الشرب بالرفق صحة للنفس والجسد" (سى 31: 37).

إن الشراهة في الاستهلاك لها مضار كثيرة سواء على مستوى المستهلكين أنفسهم (وقد ذكرنا أمثلة لها من قبل خلال هذا المبحث)، أو على المستوى القومي الاقتصادي والاجتماعي. فعلى الجانب الاقتصادي نجد أن الشراهة الاستهلاكية ستؤدى إلى زيادة الطلب الفعلي على السلع فأسعار هذه السلع، كما قد ينتج عنها أيضًا استغلال بعض المنتجين أو البائعين وأحيانًا ظهور سوق سوداء.. إلخ. أما على الجانب الاجتماعي فأن زيادة أسعار السلع سيترتب عليها المزيد من الفقر والفقراء وإحساس الناس بالحرمان وتفاقم مشاكل العدالة الاجتماعية.. إلخ.

ومن الناحية الروحية.. كما رأينا منذ قليل هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت، فإن الأصل الكتابي اذى نستنبط منه المنهج الاستهلاكي الأخلاقي والروحي الذي يناسب الجميع: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله" (مت 4: 4).. الأمر الذي يتطلب منا الاهتمام بإشباع الحاجات الروحية. وعندئذ سوف تتضاءل وتتدنى الرغبة في إشباع الحاجات الجسدية خاصة مع التصاعد المستمر في مدرج إشباع الحاجات الروحية.

إن توجيه الاهتمام والرغبة في إشباع الحاجات الروحية سوف يحقق – بخلاف الثمار الروحية – نتائج اقتصادية واجتماعية هائلة. فمثلًا على الجانب الاقتصادي قد يتحقق ترشيد لاستهلاك على الكثير من السلع والخدمات، مما يساعد على التوازن النسبي بين الطلب والعرض، والأثر الإيجابي لذلك على الأسعار. وعلى الجانب الاجتماعي فإن السعي الدائم لإشباع الحاجات الروحية سيزيد من رغبة الأفراد في مساعدة الفقراء، ومن قدرتهم المالية على تحقيق ذلك.

ومن جهة أخرى تدعوا التعاليم المسيحية إلى القناعة، التي يقول الكتاب المقدس عنها أنها كنز لا يفنى. هذه القيمة الروحية والأخلاقية التي تساعد في تهذيب النمط الاستهلاكي للفرد: "فما دام لنا قوت ولباس، فلنكن قانعين بهما" (1 تى 6: 8). إن الخطوة الأولى في التدرج الروحي لإشباع حاجاتنا الروحية تتحقق عند ترويض احتياجاتنا الجسدية من خلال إرساء قيمة القناعة كمفهوم روحي عام، لأن: "القليل مع مخافة الرب، خير من كنز عظيم مع هم" (أم 15: 16).. أو كمفهوم روحي خاص بالاستهلاك، يؤكد على أن: "لقمة يابسة ومعها سلامة، خير من بيت ملآن ذبائح مع خصام" (أم 17: 1).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/nagy-gayed/christian-economics/consumption.html

تقصير الرابط:
tak.la/33fgd67