St-Takla.org  >   books  >   iris-habib-elmasry  >   woman-christ
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب المرأة العصرية في مواجهة المسيح - أ. إيريس حبيب المصري

167- تكلة الشهيدة بغير سفك دم

 

لم تكن تلميذات بولس المذكورات في رسائله كل العاملات معه. بل لقد كان له تلميذات جاهدن الجهاد الحسن وردت سيرتهن العطرة في كتب الكنيسة كالقديسة تكلة. وتوصف هذه القديسة في السنكسار اليوناني بأنَّها "أولى الشهيدات المعادلة للرسل" ولئن دُهش البعض من هذه التسمية فدهشتهم ستزول حتمًا إذا ما تأملوا سيرتها. فقد كانت حياتها سلسلة من العجائب الباهرة. وبما أنَّها أولى الشهيدات فهي ند لاسطفانوس أول الشهداء.

وُلدت تكلة في مدينة ايقونية من عائلة شريفة. ولمَّا بلغت الثامنة عشرة خطبها شاب من أقاربها. وحدث عند مرور بولس بأيقونية في جولته الثانية أنْ سمعته تكلة فلمست النعمة الإلهية قلبها وألهبته. وللفور لازمت بولس ملازمة الظل ونذرت بتوليتها للرب. ومن ثم خلعت عنها مظاهر الترف والزينة وأعرضت عن الملاهي والحفلات وتباعدت عن خطيبها. فسألتها أمها عن السبب لهذا التحوّل فأجابتها بصراحة تامة: "انى مسيحية". واحتدمت الأم غيظًا واشتكتها إلى الوالي. ولمَّا ضاع وعيده وتهديده عبثًا أمر بإلقائها في النار فتهللت فرحًا ولم تنتظر حتى يشدوا وثاقها بل جرت نحو النيران المشتعلة. على أنَّ رب المجد كان يريد أنْ يُظهر فيها نعمته ويوضح للعالم كيف أنَّ قوته في الضعف تكمل... فمنحها سنين طويلة لتتألم وتنتصر.. فما أنْ قفزت داخل النيران حتى هطل المطر بشدة فأطفأ النيران. فهرب الناس في ذعر وخرجت تكلة ولم يحترق خيط واحد من ثيابها.

وعلى أثر ذلك ذهبت وراء بولس ولازمته وشاطرته أتعاب رسالته كما كان بعض النسوة الخائفات الله يلازمن الرسل بعد أنْ لازمن سيد الرسل. واستمرت تخدم معه حتى عاد إلى أنطاكية. فتركها هو هناك واستمر في أسفاره. فعاشت في تلك المدينة تبشر وتخدم. فكانت الرسولة الغيورة المتفانية المتواضعة الوديعة العابدة التي تنسى ذاتها لتخدم المسيح في شخص الغريب.

St-Takla.org Image: Protomartyr and Equal-to-the-Apostles Thekla of Iconium (1st century) - Menologion of Basil II, 10th century manuscript, Vatican Library. صورة في موقع الأنبا تكلا: الشهيدة تكلة الأولى (القرن الأول) - من مخطوط كتاب خدمات الإمبراطور باسيليوس الثاني، القرن العاشر، مكتبة الفاتيكان.

St-Takla.org Image: Protomartyr and Equal-to-the-Apostles Thekla of Iconium (1st century) - Menologion of Basil II, 10th century manuscript, Vatican Library.

صورة في موقع الأنبا تكلا: الشهيدة تكلة الأولى (القرن الأول) - من مخطوط كتاب خدمات الإمبراطور باسيليوس الثاني، القرن العاشر، مكتبة الفاتيكان.

وحدث أنْ أراد أحد الوجهاء خطفها ففشل. وفي غيظه اشتكاها إلى الوالي الذي قبض عليها وأتى بها إلى ديوانه. ثم أمر بإلقائها للوحوش. فرموا بها إلى لبوة. وكم كانت دهشة الوالي وأعوانه عندما وجدوا هذه اللبوة تربض عند قدمي القديسة وتلعقها. ولكنَّهم لم يتعظوا بما جرى فرموا بها في اليوم التالي لمجموعة من الأسود. وللمرة الثانية دُهش الجميع إذ رأوا كل المجموعة تستكين أمام القديسة. وتعالت الأصوات: البعض يطالب بالإفراج عنها والبعض يتشدد في قتلها لأنَّها ساحرة. وتكلة صامتة متهللة الوجه.

وفي ثالث يوم ربطوها بين ثورين هائجين وأطلقوهما فانقطع الرباط الذي يربطهما بالقديسة وانفلتا تاركين إيّاها بغير أذى...

وحار الوالي في أمرها فحاول تجربة أخرى وذلك بإلقائها في بئر عميقة مليئة بالثعابين. على أنَّ الثعابين آنست إليها كما آنست إليها الضوارى من قبل.

وعندها كفَّ الوالي عن آذاها ثم سألها: مَنْ أنت ومَنْ هو شيطانك؟ أجابته: "أنا تكلة عبدة يسوع المسيح ابن الله الحي. وهو وحده الطريق والحق والحياة. إنَّه نجاة المأسورين وعزاء الحزانَى ورجاء اليائسين. وهو الذي نجّاني من النار والوحوش والثعابين وسيحفظنى بنعمته كي لا أعثر. فأنا أسبحه وأمجده مدى حياتي". وعلى أثر ذلك أطلقها الوالي فذهبت لساعتها إلى بولس أخبرته بكل ما حدث فمجد الله معها وشجعها على متابعة الجهاد.

فعادت إلى أيقونية حيث بشَّرت ثم ذهبت إلى سوريا للخدمة، فكانت خدمتها هناك أشد أثرًا وأتت بثمار كثيرة.

وبعد سنين طويلة من الخدمة آوت إلى مغارة حيث عاشت في خلوة مع الله. فكانت الجماهير تتقاطر عليها لتسمع منها كلمة الله وتنال بركتها، والمرضى كانوا ينالون الشفاء على يديها.

وقضت تكلة عشرين عامًا في تلك المغارة ثم رقدت في الرب بسلام بعد أنْ جاهدت الجهاد الحسن وأكملت السعي كمعلمها بولس.

← انظر كتب أخرى للمؤلفة هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

ولقد كتب القديس اسيذوروس الفرمي (أحد أقارب كيرلس عمود الدين) إلى راهبات بعض الأديرة يقول: "من بعد يهوديت وسوسنة العفيفة وابنة يفتاح لا يحق لأحد أنْ ينسب الضعف إلى جنس النساء. وبالأكثر عندما نرى تكلة تلك البطلة المتقدمة بين البطلات، البتول الذائعة الصيت - عندما نراها حاملة عاليًا علم الطهارة والبرّ. وقد فازت فوزًا باهرًا في معارك شديدة الهول، نوقن أنَّ قلوب النساء يمكنها أنْ تكون جبارة".

والكنيسة تُحيّى تكلة أولى الشهيدات والمعادلة للرسل بهذه الترنيمة: "أيها البتول - لقد تلألأت بجمال البتولية وتزينت بإكليل الشهادة من غير سفك دم، وائتمنت على الرسالة، بما أنَّك مجيدة، وحوّلت النار إلى ندى وسكنت شراسة الوحوش بصلاتك يا أولى المجاهدات، فاشفعى في مادحيك ليُنقَذوا من المعاطب بشفاعتك المقبولة عند الله".


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/iris-habib-elmasry/woman-christ/st-thekla.html

تقصير الرابط:
tak.la/axn4v8x