والأمومة في الإنسان رسالة سماوية:
صحيح أن الحيوانات لديها قوة في التعبير عن الأمومة ولكن هذا التعبير لا يدوم غير بضع أسابيع قصيرة. أما طفل الإنسان فيحتاج إلى عناية خاصة مدى سنوات طويلة. فهو يظل عاجزًا عن القيام بأود نفسه على الأقل مدى السنوات السبع الأولى من عمره على أسوأ الفروض فهو والحالة هذه في مسيس الحاجة إلى أم تتعهده فتطعمه وتلبسه وتنظفه وتقوم بكل ما يحتاج إليه ماديًا وروحيًا. واضطراره إلى الارتكان على أمه يضاعف أهمية الأم، لأنها في طفولته المحور الذي تدور حوله حياته. ولو اقتصرت متطلبات الطفل على الأمور المادية لهان الأمر. ولكن أحاسيسه وانفعالاته وعواطفه - كلها- تتطلب الارتواء ولا تجده إلا في الأم. ولا يمكن أن يحل محلها إنسان مهما كان صلة قرابته وقوة عطفه، فالجدة أو الخالة أو العمة أو غيرهن بديل قوي أو ضعيف. ولكنه لا يشغل الحيز الذي تشغله الأم في نفس الطفل. وكأن هناك تيارًا خفيًا يسري من الأم إلى أطفالها ومنهم إلهيا فيضفي على ما بينهم من تفاعل لونًا خاصًا فريدًا. ومثل واحد يكفي لتوضيح هذا التيار الخفي الذي يربط بين نفس الطفل وأمه. والمثل هو أن الطفلة بلغت السابعة من عمرها قضت غالبية أيامها مع خالتها لانشغال أمها. وكانت خالتها شديدة العطف عليها تسارع دائمًا إلى خدمتها والتفاهم معها لم تضربها قط بل سلكت معها مسلك المربي الواعي الذي يستهدف الوصول مع الطفل إلى عرضه بالمنطق والمسالمة. وقد حدث رغم هذا كله أن احتدت الخالة ذات يوم على الطفلة وهددتها بالضرب - مجرد تهديد. فصرحت البنت في وجهها "أنت لا حق لك أن تضربيني - هو أنت جبتيني من بطنك؟" وهذه الصرخة هي التعبير الصريح عن الصلة التي شاء الله أن تقوم بين الأم وأولادها ولا يمكن لغيرها أن ينتحلها.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/iris-habib-elmasry/woman-christ/motherhood-divine-message.html
تقصير الرابط:
tak.la/4j5a473