 |
المراهقة
هذه الفجوات التي ذكرناها إنما هي أمور عامة شائعة، ولكن لكي نستطيع أن نتفهم الوضع الحالي للمرأة وما يمكن أن تصل إليه بعد ذلك يجب أن نتتبعها في مراحل نموها. ولقد رأينا كيفية استقبالها ساعة ولادتها ثم كيفية معاملتها كبنت صغيرة. إلا أن أدق مرحلة تجتازها في حياتها هي في الواقع مرحلة المراهقة لأن البنت الصغيرة حتى أن عوملت بشيء من الضغط تجد المجال للعب والتسلي كما تجد أحيانًا شيئًا من التدليل. وانفعالاتها في السن المبكر باهتة ان قيست بإنفعالاتها حين تصل إلى المراهقة. ذلك أن النضوج الجسمي يصاحبه تحول عاطفي وتحول عقلي. والقوَى الجسمية عند اقتراب نضجها تفور فورانا حتى لقد يحس الإنسان أنه أصيب بضعف في القلب لاضطرار القلب إلى العمل المتضاعف تنبية لنداء الأعضاء النامية المحتاجة إلى المزيد من مقدار الدم. ويمكننا أن نقيس الفوران النفسي والفوران العقلي بهذا المقياس عينه. حتى لقد قال بعض المربين أنه من المستساغ أن نصف الشخص العادي وهو على أعتاب المراهقة بأنه شاعر إذ تترهف مشاعره وتضطرم نفسه فيهتز لكلمة عابرة أو لإشارة خفيفة أو لهمسة. ويشط به الخيال فيرسم له البطولات ويملأ عقله بالأحلام حتى وهو يقظ. والخطر الذي تتعرض له البنت في هذا السن الجامح يرجع إلى أسباب عديدة.
أولها التحول الكبير الذي أصابها في جسمها. ويبدو لها هذا التحول مخيفًا خصوصًا في مجتمعنا الشرقي الذي اعتاد أن يحيط الناحية الجنسية بالصمت والغموض بل وبتعنيف الطفل أو الطفلة أن سأل أحدهما عنها. فإن نظرنا إلى فتاتنا التي وصلت إلى أعتاب المراهقة نقول بأن الأم عليها واجب قد يكون شاقًا ولكنه مقدس. فهي بحسب وجودها الطبيعي أقرب شخص إلى ابنتها.
← انظر كتب أخرى للمؤلفة هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
وهذا الواجب الشاق المقدس هو أن تفسر لأبنتها التحولات البيولوجية وتبين لها أهمية هذه التحولات. فمثلًا يجب عليها متى وجدت أبنتها على وشك النضوج أن تصارحها بواقعة العادة الشهرية حتى لا تؤخذ البنت على غرة فتفزع متى أصابتها للمرة الأولى وتتوهم أنها مريضة. ومن المؤلم أن الكثير من الأمهات يهملن هذا التوجيه حتى إذا ما فوجئت البنت بواقعيته لا تجد تفسيرًا مباشرًا يريحها نفسيًا.
ومن المؤلم أيضًا أن غالبية بناتنا لا يجدن غير صاحباتهن أو المشتغلات بالأجر عندهن ليطلعهن على حقيقة هذا الأمر. وليس من شك في أن هذا الموقف يثير القلق والاضطراب النفسي كما أنه من الأسباب التي تجعل الفتاة تقرن هذه الحالة البيولوجية البحتة بالشر والتضجر منها. ولن ندخل الآن في مناقشة هذا الموقف روحيًا لأن الحديث عنه سيأتي عند الكلام عن العمل الروحي الملقى على المرأة. ولكن الأثر النفسي (السيكولوجي) على البنت يظل يلازمها سنين طويلة أن لم يلازمها طول حياتها.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/iris-habib-elmasry/woman-christ/girl-adolescence.html
تقصير الرابط:
tak.la/77ztp57
