3- تجربة الإشفاق الكاذب على النفس:
وكثيرًا ما يتخذ الشيطان شكل ملاك نوراني امعانًا منه في الخداع. وتوضيحًا لهذه الخدعة لنتأمل الحادثة التالية: من السيدات اللواتي سجل التاريخ أسماءهن السيدة أوفيميا.. كانت هذه السيدة ذات جمال وفير. وكان زوجها قد توفي تاركًا لها ثروة محترمة. فأنصرفت إلى العناية بالراهبات وبنت لهن ديرًا ثم انفقت الكثير من المال على نساخة الكتب الدينية وتقديمها للراهبات بنيانًا لنفوسهن. وكانت أوفيميا قد أعتادت أن تعمل الفطير في عيد رئيس الملائكة ميخائيل وتوزيعه بنفسها على الفقراء. وفي يوم من أيام عيد الملاك ذهبت كعادتها إلى الكنيسة لتوزيع الفطير. وبينما هي ذاهبة قابلها الشيطان في شكل رئيس جند السمائيين وقال لها: "أنت مازلت شابة وأنت جميلة وغنية، فلماذا تقضين وقتك في العناية بالراهبات وبالفقراء. أليس الأجدر بك أن تتزوجي ثانية؟ وقد يمنحك الله نعمة الأمومة" فسألته: "أحقا أنت ملاك نوراني وتنصحني بهذه النصيحة؟" أجابها: "إلا ترين شكلي؟" قالت: "صحيح أن مظهرك مظهر ملاك نور. ولكن أين علمة الملك الذي تخدمه؟ لني لا أراك تحملها". قال في تجاهل: "وما هي هذه العلامة؟" أجابته لفورها: "أنها علامة الصليب". ورسمت نفسها بهذه العلامة المقدسة. وفي الحال أختفي المجرب من أمامها. ونحن قد لا يظهر لنا الشيطان بهذه الصورة ولكنه كثيرًا ما يكلمنا على لسان الناس ومنهم أحباء لنا أن نكف عن الجهاد ونترفق بأنفسنا ونلتفت إلى متعتنا في الحياة وليس لنا أزاء هذه الصوت إلا أن نتسلح بقوة الصليب الذي به قد صلب العالم لنا ونحن للعالم.
← انظر كتب أخرى للمؤلفة هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
والحيلتان الأخيرتان: حيلة استثارة التشامخ الروحي وحيلة الظهور بمظهر ملاك النور هما أشد الحيل الشيطانية فتكًا في عصرنا هذا. فالعلوم الجامعية أصبحت متاحة للجميع والعلم ينفخ كما قال بولس الرسول. فقد دفعت العلوم الحديثة الإنسان إلى الزعم بأن عقلة جبار يستطيع أن يعرف جميع الأسرار. ثم أن الإنسان الآن مع تقدمه العلمي جامد روحيًا مما يجعله أكثر تشامخًا وأكثر تشككًا في الآيات الروحية التي لا يستطيع أخضاعها لمنطقه العقلي. ولقد شاء الله في رحمته الشاملة أن يهبنا نعمة فائضة في هذا العصر ليبدد بها تشامخنا الروحي فأعطانا أن نرى السيدة العذراء في كنيستها بالزيتون رؤية العين، كما أعطانا أيضًا أن نرى بين أصدقائنا وأهلنا من نالوا الشفاء العجيب الذي دعاه الأنبا غريغوريوس تجليًا. وكنيستنا الواعية التي أدرك آباؤها حقيقة النفس الإنسانية وما يملأوها من غرور وتشامخ رفعت أكف الضراعة خلال القداس الإلهي هاتف: "الشكوك وفاعليها أبطلهم" - إذ ما أسهل استثارة الشكوك في ذهن الشباب النامي السائر في طريق النضوج ولم يبلغه بعد. هذا الشباب كثيرًا ما يدخل المتشككون في روعه أن الذين يصدقون الآيات والعجائب ليسوا من المفكرين. وأنه أن كان يحترم قواه الفكرية عليه أن يتشكك. وهنا لا يسعنا إلا أن نعود للأم مرة أخرى فنقول بأن الأم التي رسخت الإيمان في قلوب أبنائها هي الأم التي حضنتهم ضد الشكوك وفاعليها. أنها الشخص الذي قال عنه رب المجد بأنه بني بيته على الصخر. فلما نزل المطر وجاءت الأنهار وهبت الرياح لم تستطيع أن تزعزعه. والأم التي تربي أولادها هذه التربية تمنحهم أيضًا أن يسيروا وسط الرياح الهوجاء وهم يشعرون في أعماقهم بالهدوء النفسي والاستقرار الروحي. بل حتى أن تلاعبت بهم الأنواء يرجعون إلى ميناء السلام.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/iris-habib-elmasry/woman-christ/false-self-pity.html
تقصير الرابط:
tak.la/8zgjd4j