المستوى الموضوع أمام المفديين (المرأة والإفرازات):
كتب يوحنا الحبيب في أول أصحاحه الرابع - قال: "وكان لا بُد له أن يجتاز السامرة" (يو4:4).
فلماذا هذه الضرورة (لا بُد)؟ لأنه يستهدف الالتقاء بالمرأة السامرية - تلك المرأة الخاطئة المنبوذة من المجتمع إلى حد حتم عليها الذهاب إلى البئر وقت الظهيرة لتكون وحدها بعيدة عن الأعين الناقدة والألسنة اللاذعة. فذهبت غير عالمة بأنها على وشك الإنطلاق إلى الفضاء الخارجي.. فضاء الروح التي تلامست مع ربها وخالقها وتجاوبت معه.. وقد حدثها رب المجد حديثا لم يكن قد طرقه بعد مع أخص أخصائه وهم الرسل الذي اختارهم بنفسه. فلم يكن قد كلمهم بعد عن الماء الحي الذي ينبع إلى حياة أبدية ولا عن وجوب السجود لله بالروح والحق.
ويجب أن نذكر هنا أن هذا الحديث السيدي مع السامرية هو ضمن القراءات التي وضعها الآباء للقراءة أثناء الخمسين - وهي الفترة التي تستهدف فيها الكنيسة توجيه القلوب نحو التعاليم الروحية البحتة.
وتوجيه الأنظار إلى التقاء المسيح له المجد بالمرأة السامرية بهدف إلى توجيه الأفكار إلى أنه لم يستنكف الحديث إلى امرأة منبوذة. بل لم يستصغرها ولم يستكثر عليها الحديث عن الروحيات. أليست روحًا لها قيمتها لديه وهو قد نزل عن عليائه ليخلصها هي وغيرها من الناس؟ واسمعوا يوحنا الحبيب يقول لنا أن تلاميذه "كانوا يتعجبون من أنه يتكلم مع امرأة". اسمعوه وتجبوا من أنه بعد مرور عشرين قرنًا على هذه المقابلة ما زال هناك الذين يتعجبون من أن رب المجد يرتضي أن يتكلم مع امرأة.
← انظر كتب أخرى للمؤلفة هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
ونحن إذ نطرح بعض النقاط الجديرة بالبحث بين يدي أحبارنا الأجلاء وعلمائنا المكرمين، نعلم أن تعليم آبائنا الرسل تُشَكِّل بلا شك وحدة متكاملة وسيمفونية رائعة لسلوك الكنيسة المقدسة بلا اختلاف أو تناقض. فقد وجد في نسخة قديمة محفوظة بالفاتيكان نص جدير بالتأمل والبحث(*) يقول:
"98- فإن كان أقوام يحتفظون أو يجتهدون (في العمل) بعادات يهودية التي هي التقطير الطبيعي وفيض الليل، والذي يلمسون الأموات (ويعتبرون ذلك نجاسة) كالناموس- فليقولوا لنا ألعلهم في الساعات أو في الأيام التي يصيرون فيها على واحد من هذه الحالات يستعفون عن أن يصلوا أو يأخذوا من شكر الأسرار أو لا يلمسون شيئًا من اسفار الكتب.
"وإذا اتفق وقالوا ان هذا الامتناع عن هذه الأعمال ظاهر الوجوب، فقد صاروا مقفرين من الروح القدس الكائن الدائم قبل حين للمؤمنين... لأن الروح القدس لا يفارق أحدًا من المسيحيين من المعمودية إلى يوم الموت.
"99- فإن كنت أيتها المرأة المقيمة في الدم سبعة أيام تفتكرين أنك صرت مقفرة من الروح القدس لهذا السبب - فإنك إذا مت بغته تذهبين وقد صرت غريبة من الروح القدس، وتعوزك الدالة والرجاء الكائن لنا عند الله".
ولكن الروح ساكن فيك بغير افتراق لأنه ليس بمحصور في مكان واحد فيجب عليك أن تصلي كل حين وتتناولي من (الافخارستيا) وتغتنمي حلول الروح القدس عليك(34).
"100- لأنه بهذه الأعمال لا يكون المؤمنون مع المخالفين، وهي لا تقدر أن تنجس طبيعة الرجل - أعني الزواج كالناموس(35) أو الدم القاطِر أو فيض الحلم، ولا تقدر أن تفرق هنا الروح القدس".
"101- بل يطرد الروح القدس (فقط) أمر مخالف ونفاق. لأن الروح القدس كامل، وهو يلازم الذين يتقنونه لهم ما داموا مستحقين لمجيئه فإما الذي يفترق منهم (فإنه يتركهم) مقفرين معبسين ويسلمهم إلى الروح الشرير".
"103- فأنت أيتها المرأة (إن كنت) كما تقولين بغير روح قدس في أيام عادات النساء، فالروح النجس ملاك. فإن كنت لا تصلين ولا تقرأين الكتب فإنك تجذبينه إليك"(36).
"104- لأجل هذا أيضًا أيتها المرأة، أبعدي من كل كلام بَطَّال، واذكري الله الذي خلقك كل حين، وصلي له لأنه ربنا ورب كل شيء، والتي أيضًا في ناموسه ولا تبعدي عن شيء من العمل اللائق (بسبب) ما هو تطهير طبيعي أو (بسبب) شركة الزواج الناموس أو الولادة أو شيء من عيب الجسد. لأن(**) هذا الاحتراس هكذا باطل، وعدم فهم لرجال جهال".
"106- لكن تتنجس النفس من جهة النفاق وحده على الله، ومخالفة الناموس، وظلم صاحبك الذي هو الخطف أو الجور، أو أي شيء آخر يقاوم العدل، أو الفسق أو الزنا".
"107- لذلك يا أحبائي ابعدوا من الاحتراسات التي قلناها واهربوا منها لأنها من أعمال الوثنيين".
فنحن لا نرذل الميت مثل أولئك لأننا نرجو أن يحيا مرن أخرى. ولا في وجود اختلاط الزواج الناموس لأن عادتهم أن ينافقوا هكذا بهذا الفكر أما نحن فلدينا أنه من قبل تدبير الله صار شركة الرجل والمرأة. هذه الشركة التي كانت بالبر، فالذي خلق من البدء خلقهما ذكرًا وأنثى وباركهما قائلًا: أنميا وأكثرا وأملا الأرض.
" فإن كان بإرادة الله صار اختلاف الطبائع والأشخاص لأجل ولادة كثيرين فإن بتدبيره أيضًا صارت شركة الذكر مع المرأة".
"112- ولا أيضًا الطهر الطبيعي(37) بمرذول قدام الله الذي دبره لأن للمرأة في خلال ثلاثين يومًا لأجل منفعة وعافية".
لأنهن بالأكثر غير متحركات وجالسات في البيت كل حين. وأيضًا في الأنجيل لم يرذل الرب المرأة النازفة الدم لما مست أطرافه لأجل الخلاص(38) والشفاء ولم يملها البتة وعلى العكس من ذلك شفاها قائلًا إيمانك خلصك...
"117- فإن الرجل والمرأة إذا عرفًا بعضها بعضًا في الزواج الناموسي وقاما من مضجعهما، فلا يحرصا على الاستحمام (الطقس) بل ليصليا ولا يستحما لأنهما طاهران..(39)"
"119- فلا تتحفظوا من الأعمال الناموسية والطبيعية وتظنوا أنكم تتنجسون بها. ولا تطلبوا اعتزالات اليهود، والغطس كل قليل، ولا تطهير إذا اقتربتم من الأموات".
_____
(*) توضيح من الموقع: تعرض المؤلفة هنا هذه الآراء أو خلاصة البحث حسب المصدر، تاركة الأمر في يد الكنيسة ممثلة في المجمع المقدس، ليبت في الموضوع حسب ما يراه مناسبًا (والجميع ملتزم بالطبع بقرار الكنيسة والمجمع المقدس). فما تقوله وما ترجمته هنا ليس قرارات الكنيسة حول الأمر، ولكن عرض للكاتِبة "جدير بالتأمل والبحث" كما أوضحت.
(**) توضيح من الموقع: كان مكتوبًا بعد كلمة لأن "مذا الاحتراس"، ولكن الكلام غير واضح في النص فتم مسحه لحين التأكد.
(34) فإذا كنت تملكين الروح القدس وتتبعينه دون أن تمتنعي من الصلاة والكتب والأفخارستيا، فتفطني وأبصري أن الصلاة تُسْمَع بواسطة الروح القدس. والافخارستيا تُقْبَل وَتُقَدَّس بالروح القدس، والكتب (المقدسة) هي كلمات الروح القدس. فإذا كان الروح القدس فيكِ، فلماذا تحترسين من الاقتراب إلى أعمال الروح القدس - مثل الذين يقولون: مَنْ يحلف بالمذبح لا يخطئ، أما الذي يحلف بالتقدمة التي على المذبح فانه يخطئ. كما قال مخلصنا: أيها الجهال والعميان: أيما أعظم: التقدمة أو المذبح الذي يقدس التقدمة؟ إن مَنْ يحلف بالمذبح يحلف به وبما علي، وَمَنْ يحلف بالهيكل فإنه يحلف به وبالساكن فيه، وَمَنْ يحلف بالسماء يحلف بعرش الله وبالجالس عليه (متی 23: 18-22). فإذا كان لكِ الروح القدس، وَتَتَحَفَّظين مِنْ ثِماره فلا تقتربين إليها، فاسمعي أيضًا (من وجهة) ربنا يسوع المسيح: أيتها الغبية العمياء - أيما أعظم: الخبز أو الروح القدس الذي يقدس الخبز؟ فإذا كان لكِ الروح القدس، فإنكِ تراعين عادات باطلة، أما إذا لم يكن لكِ الروح القدس فيكِ، فكيف تستطيعين عمل البر؟! لأن الروح القدس يبقى على الدوام لدى الذين يملكونه. فإذا خرج من واحد فان الروح النجس يلتصق بهذا. لأن الروح النجس إذا خرج من إنسان يذهب ويجتاز أماكن بلا ماء - أي أُنَاس لم ينزلوا في الماء (لم يَتَعَمَّدُوا) (متى 12: 43-45).
(35) ولا حمل الأولاد.
(36) «وأيضًا قولي أيتها المرأة التي تظن أنها غير طاهرة طوال السبعة أيام التي للدم: كيف ستطهرين بعد هذه الأيام بدون معمودية؟ فإذا كنتِ مُعَمَّدَة فإنكِ تهدمين بأفكارك معمودية الله الكاملة التي مَحَت تمامًا خطاياك، وتعودين للسقوط في خطاياك الأولى وتسلمين للنار الأبدية. وإذا لم تكوني مُعَمَّدة فإنكِ تبقين كعقاب في روحك الشرير، ولن ينفعك احتراس الأيام السبعة في شيء، بل يضرك بالأكثر لأنكِ في فِكرك غير طاهرة وَسَتُدانين كنجسة. وينطبق هذا على جميع الذين يراعون (باقي النواميس) الخاصة بالفيض والعلاقات الزوجية، ولئن كان الحديث في نص القانون موجهًا إلى المرأة بوصفها الشخص الذي يجوز الحيض والحبل والولادة، إلا أن الرجل مسئول معها أيضًا عن هذه الحقائق، لأنه عمل على ترسيخها في ذهنه وفي ذهن المرأة وهي استمعت إليه. فكأن آدم في هذه الحالة فعل ما فعلته حواء في الفردوس - فهو استساغ الوضع الذي يجعل من المرأة شخصًا نَجِسًا في فترة معينة، وَلَقَّنَهَا هذه الاستساغة، فأوقعها فيها.
(37) لأجل طهر المرأة من النفائس.
(38) في الكثير من آياته كان المسيح له المجد يوصي مَنْ تحققت فيه الآية بعدم الكلام، أما في شفائه المرأة النازفة الدم فقد دعاها إلى أن تعلن ما تم فيها جهارًا. وليس من شك في أنه شاء -في شامِل حكمته- أن يلقن الناس الدرس بأن مثل هذه ليست نجسة، وأن قوة خرجت منه لشفائها استجابةً منه لإيمانها وتقديرًا لحيائها.
(39) لأجل رقاد الرجل مع امرأته، فإنهم أطهار، فيصليا بلا حميم.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/iris-habib-elmasry/woman-christ/bodily-secretions.html
تقصير الرابط:
tak.la/v9pdchn