لقد عرف الناس بالاختبار "الرجال والنساء سواء بسواء" أن مَنْ يقترب إلى يقترب الله منه ويملأ قلبه طمأنينة واستقرارًا، ومن ثم يحس بأن هذه الصلة التي أدت إلى السلام الداخلي أصبحت صلة مودة وصداقة، وهذه المودة بدورها جعلته يتفهم حقيقة حلول الروح القدس داخله. فمريم السائحة اعترفت للأب زوسيما بأنها أحست بنور يكتنفها ويحيط بها ويملأ قلبها سلامًا، فغرفت من هذا النور وهذا السلام أن الله قد قبل توبتها وأنها في حمي روحه القدوس وهذا الذي اقرت به القديسة المصرية في القرن المسيحي الرابع وهي في برية الأردن تعلنه لنا الشابة الفرنسية المتبتلة لوسي كريستين في هذا العصر - وهو أنها حين سمعت نداء الله أدركت أنه نور وجاذبية وقوة، كما تقر به الأمريكية التائبة. أفلا توضح لنا هاته النسوة (وغيرهن كثير) الأقانيم الثلاثة في اختبارهن الشخصي؟.
ويبرز لنا بولس الرسول سر التدعيم الإلهي للمؤمنين رغم ما يشعرون من ضعف في مناسبات مختلفة، فهو لا يقول لنا فقط بأن قوة الله في الضعف تكمل ولكنه يصور لنا صورة ملموسة في متناول كل منهم إذ يقول: "إن لنا هذا الكنز (انارة قلوبنا) في أوان خزفية ليكون فضل القوة لله لا منا" ويسترسل في تشجيعنا على الجهاد استكمالًا لتلك الكلمات في الأصحاح عينه فيقول: "مكتئبين في كل شيء لكن غير متضايقين. متحيرين لكن غير يائسين. مضطهدين لكن غير متروكين. مطروحين لكن غير هالكين"(59) وهذه الجمل المترادفة المؤدية إلى معني واحد تستحثنا على النزال إذ تؤكد لنا أنه على الرغم مما نشعر به من ضعف فأننا نستطيع أن نعمل لأن قوة الله هي التي تعمل فينا. فليس هناك ما هو أكثر ضعفًا من الأواني الخزفية التي يصورنا بولس في شكلها، ومع ذلك فداخل هذه الأواني القابلة للكسر كنز روحي لا مثيل له في عالم المرئيات وهو معرفة مجد الله.
_____
(59) (2 كورنثوس 4: 7-10).
الحواشي والمراجع
لهذه الصفحة هنا في
موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/iris-habib-elmasry/woman-christ/affection-and-friendship.html
تقصير الرابط:
tak.la/3trsqp3