29- إن أولئك الذين لا يُرَدِّدون الأغاني المقدسة بهذه الطريقة لا يَتَغَنُّون بها بحكمة. وقد يتلذذون بها أنفسهم ومع ذلك يستحقون اللوم لأن أغنية التسبيح غير لائقة على شفتي الخاطئ. وَمَنْ لا يهدف غير التلذذ الشخصي خاطئ. أما حينما تصدر الكلمات المُرَتَّلَة من أعماق نفس صالحة، ومن تناغم متوافق مع الروح فإن المرتل مع كونه يغني بلسانه إلا أن غناءه بالفِكْر أيضًا وبالتالي ينفع المنصتين إليه. فالمغبوط داود بابتكاره الألحان العذبة من أجل شاول أَرْضَى الله كل الرضى، وطارد عن نفس شاول النزعة الجنونية المُقْلِقَة، مُهَدِّئًا إياه. والكهنة متى ترنموا كداود يستدرجون نفوس الناس إلى الهدوء، وينادون عليهم بالإجماع للاشتراك مع الجوقة السماوية. لذلك فالمزامير تُلَحَّن لا للرغبة في نشيد عَذْب، بل لِتَعْكِس انسجام التأملات النفسية، وليس من شك في أن القراءة المُرَتَّلَة هي رمز للعقل ذي التنظيم المُنَسَّق غير المُشَوَّش - وفوق ذلك فتسبيح الله بالألحان المتناغمة هو أيضًا صورة وَمِثال لأعضاء الجسم في عملها المتناسق، ولأفكار النفس التي تَتَحَوَّل إلى قيثارة. وإذ تعيش الأعضاء الجسدية والأفكار النفسية وتتحرك خلال الألحان العُظْمَى تحت توجيه الروح القدس، يتحقق قول الكتاب أن الإنسان الذي يحيا بالروح يميت أعمال الجسد (رومية 8: 13). لأنه بغنائه التسابيح -هذا الغناء الجميل- يُدْخِل التوازن على نفسه ويسير بها من اللامتناسب إلى المتناسب، والنتيجة لهذا التوازن أن تَتَرَسَّخ طبيعته، فلا تعود تخاف، بل تُحَوِّل خيالها إلى الايجابيات مُتَطَلِّعَة دومًا إلى ما هو أكثر صلاحًا.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/iris-habib-elmasry/athanasius-psalms/from-heart.html
تقصير الرابط:
tak.la/52j5vtk