St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   trinity-and-unity
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب أسئلة حول حتمية التثليث والتوحيد - أ. حلمي القمص يعقوب

67- يعتبر البعض أن التثليث يناقض التوحيد، والجمع بينهما ضد العقل، هل هذا صحيح؟

 

س 38: يعتبر البعض أن التثليث يناقض التوحيد، والجمع بينهما ضد العقل، فيقول مؤلف كتاب "دراسات في العقيدة في ضوء العقل والعلم": "إن التثليث مع التوحيد ضرب من التناقض لا يقبله العقل، وأن مَنْ يقبل المسيحية الحالية عليه أن يلغي عقله، مع أن العقل هو الإنسان الذي هو هدف الأديان جميعًا، لكنه (العقل) العدو الأول للمسيحية". ويقول كاتب آخر: "قد يلجأ البعض إلى التحايل والمزج بين العقيدتين، فيقول بتثليث في وحدانية، أو بوحدانية في تثليث، ولكن هذا المزج من استحالته يزيد الأمر تعقيدًا ويزيد اللغز غموضًا، فكيف يكون الواحـد ثلاثة..؟ وكيف يكون الثلاثة واحدًا..؟ هل يجتمع النقيضان..؟ وهل يمتزج الضدان..؟ هل يجتمـع الخطأ والصواب..؟ وهل يختلط النور بالظلام؟ وهل يمتزج الحق بالباطل؟ نقول هيهات... ثم هيهات" (148).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 ج: في أمور كثيرة تجتمع الوحدانية مع الجمع، فالشمس واحدة وهيَ تحوي القرص والشعاع والحرارة، والنار واحدة وتحوي اللهب والضوء والحرارة، فلا يصح أن نقول أننا لا نعرف غير شمس واحدة، والحديث عن أي تفصيلات خاصة بالقرص أو الشعاع أو الحرارة يعتبر خطأ فادح، ولا يقل أحد أننا لا نعرف عن الله غير أنه إله واحد ونتمسك بالوحدانية المطلقة ونرفض أي حديث عن ذات الله وحكمته وحياته.

St-Takla.org Image: Fresco Christus Pantocrator at Der Dom Von Monreale Cathedral, Palermo, Sicily, Italy - Jesus Christ Pantocrator moasic, twelfth century

صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة أيقونة موزاييك (موزايو، فسيفساء) تصور السيد المسيح ضابط الكل، كاتدرائبة مونريال، باليرموس، صقلية، إيطاليا - القرن الثاني عشر

 يا صديقي لو قلنا أن الله واحد ثم عدنا وقلنا أن الله ليس واحدًا إنما هو ثلاثة آلهة... لكان هذا تناقض ما بعده تناقض، ولكن عندما نقول كقول الإنجيل تمامًا إن في الله الواحد الوجود والعقل والحياة... فأي تناقض يحسب علينا؟‍‌‍‍‍‍‍

 نعم أن المسيحية تحترم العقل وتجلَّه ولذلك ارتبطت بالحضارة والرقي والديموقراطية والرحمة، ولكن المسيحية لا تؤله العقل، فينبغي أن العقل يخضع للأمور الإيمانية وليس العكس، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى... سيظل العقل عاجزًا ليس عن إدراك حقيقة التثليث والتوحيد فقط، بل سيظل عاجزًا عن إدراك أمور إيمانية كثيرة... قل لي يا من ترفض التثليث: كيف يوجد الله وبالكامل في كل مكان؟‍ كيف كان يمارس الله السمع والبصر والحديث والحب منذ الأزل؟ كيف تنسب لله يدًا وعينًا ووجهًا وجنبًا وهو غير المتجسد؟ كيف تقول أن الرحمن على العرش استوى وهو غير المحدود؟

 وعندما سأل الزمخشري "الإمام الغزالي" عن النص: "الرحمن على العرش استوى" أجاب قائلًا: "إذا استحال أن تُعرّف نفسك بكيفية أو أينية؟ فكيف يليق بعبوديتك أن تصف الربوبية بأينية أو كيفية؟ وهو مقدَّس عن الأين والكيف"(149).

 ولما سُئل "أبو بكر الصديق": "بم عرفت ربك؟ أجاب: "عرفت ربي بربي، ولولا ربي ما عرفت ربي" ولما سُئل: هل يتأتى لبشر أن يدركه؟ أجاب: "البحث في ذات الله إشراك، والجهل بذاته إدراك". "ولما سُئل "علي ابن أبي طالب" هذا السؤال قال: "عرفت ربي بما عرفني به نفسه. لا يُدرك بالحواس ولا يقاس بالقياس، ولا يشبه بالناس. قريب في بعده، بعيد في قربه"(150).

 ومن يفهم كنه الروح؟ ‍‍‍وجاء في "سورة الإسراء": "ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أُوتيتم من العلم إلاَّ قليلًا" (الإسراء 85) ومن يقدر أن يدرك عقيدة البعث؟!‍ وكيف تعود الأجساد التي التهمتها النيران أو أكلتها أسماك البحر إلى حالتها الأولى؟‌‌! وكيف تتعرف الأرواح على أجسادها بين ملايين الأجساد التي تقوم في لحظة واحدة؟!

 ويقول "القس صموئيل مشرقي": "فإذا كان عدم إدراك كنه الله الواحد موجبًا للكفر به، وهذا ما لا يرتضيه عاقل"(151) وحسنًا قال "ابن العربي" في كتابه "الهدية السعيدة": "إن الله ليس له مَثَلْ معقول ولا دلَّت عليه العقول"(152)، فلو لم يعلن لنا الله عن ذاته لاستحال علينا الوصول إليه.

 حقًا أن الكون ملئ بالأسرار، والإنسان كذلك، فيقول "القس صموئيل مشرقي": "هناك حقائق كثيرة نؤمن بها، لكننا لا نستطيع أن نوضحها أو نشرحها، مثلًا، ما هو النور؟ ما الذي يعطي الجاذبية قوتها للجذب وفي أي مسار تعمل؟ كيف تفسر عمليات التفكير في المخ البشري؟ بل ماهية الحياة؟ وما الذي يساعد جسم الإنسان ليحوّل الطعام إلى عظم ولحم وشعر وأسنان"(153).

 حقًا إن لكل أمر مقام، في الأمور الكيميائية نرجع إلى علم الكيمياء، وفي الأمور الفيزيائية نرجع إلى علم الفيزياء وهكذا في شتى المعارف... فلماذا لا نلجأ إلى الأسفار المقدسة لمعرفة الأمور الإيمانية والتسليم بها؟!

 إنهم يخيروننا بين أن نكون عقلاء في نظرهم ونرفض عقيدة الثالوث التي أعلنها الله لنا في كتابه المقدس، أو أن نكون بلا عقل ونقبل هذه العقيدة، ونحن نقول لهم أننا نفضل كثيرًا أن نكون بلا عقل في نظركم ونربح الملكوت من أن نكون ذوي عقول راجحة ونخسر الملكوت... إننا نوقن بمن آمنا، ونصدق كل ما أعلنه الله لنا بلا مساومة ولا فصال، ونثق أن الغد سيشرق بالحقيقة يومًا ما حتى لو كان اليوم الأخير.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(148) الله واحد أم ثالوث ص 52.

(149) عوض سمعان ـ الله في المسيحية ص 257.

(150) المرجع السابق ص 257.

(151) حقيقة الثالوث ص 66.

(152) المرجع السابق ص 62.

(153) المرجع السابق ص 36.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/trinity-and-unity/is-trinity-against-unity.html

تقصير الرابط:
tak.la/jkmha5k