أبونا المطران: يخبرنا التاريخ الكنسي في حديث الأنبا أنطونيوس (34)، ان الأنبا أنطونيوس ذهب إلى منطقة نتريا لإفتقاد الأنبا آمون وأولاده نحو منتصف صيف 335 م، وكم كانت فرحتهم بزيارة كوكب البرية لهم، فإستقبلوه إستقبالًا رائعًا، وجلسوا تحت أقدامه يتعلمون منه، وعندما إنقضى الإجتماع قال الأنبا أمونيوس الأول للرهبان: بفضل صلواتك تزايد عدد الأخوة كثيرًا حتى صار المكان يفتقر للهدوء والبعض يرغب في بناء قلالي بعيدًا ليتمتعوا بالوحدة ‘ فبماذا تنصحنا؟
الأنبا أنطونيوس: بعد أن نأكل الساعة التاسعة ننطلق إلى الصحراء لتحديد المكان المناسب وكان الرهبان يأكلون مرة واحدة في اليوم في الساعة التاسعة أي الثالثة بعد الظهر، وبعد أن أكلا طعامهما البسيط للغاية وشكرا، قام الأنبا أنطونيوس ومعه الأنبا آمون وسارا في الصحراء غربًا حتى غروب الشمس نحو أربع ساعات، ومن هنا يمكننا أن نستنتج انهم كانوا في شهر يوليو تقريبًا... وقف الأنبا أنطونيوس في مكان فسيح وغرس صليبًا في الأرض ووقف يصلي ومعه الأنبا آمون وقال: " هنا يسكن أولادك محبوا الوحدة والهدوء " ‘ ويستطيعون أن يكونوا في تواصل معهم ‘ فمن أراد أن يزور الآخر ينطلق بعد التاسعة فيصل قبل الغروب ‘ وهذه المسافة تبلغ 12 ميلًا أي 19 كم.
وسريعًا ما بدأت الحياة الرهبانية كحياة توحد في هذه المنطقة فعاش الرهبان المحبون للوحدة في منشوبيات بلا أسوار والمنشوبية pi man]wpi أي "مسكن للرهبان" البعض منها يعيش فيها راهب واحد متوحد والبعض يعيش فيها نحو من 3 إلى 5 رهبان مع مرشدهم الروحي لكل منهم حجرته، وسقف المنشوبية عبارة عن قباب وسميت هذه المنشوبيات بنوعية سكانها مثل منشوبية الخبازين ومنشوبية النساخ كما دُعيت بموطن سكانها فهناك منشوبية الدماهرة أي الذين أتوا من دمنهور ومنشوبية البتانون ومنشوبية أخميم ومنشوبية أطسا (الفيوم) وهلم جرا....
وكانت كل منشوبية تبعد عن الأخرى مسافة كافية فلا يسمعون بعضهم البعض... كل منهم في وحدته مواظبًا على صلواته وتسبيحاته وقراءاته وعمله اليدوى ‘ يتناول الطعام مرة واحدة في اليوم ‘ وغالبًا ما يكون الطعام خبز جاف وملح وقليل من الزيت ‘ وإذا كانت معدة الراهب المتوحد لا تتحمل فيُسمح له بتناول بعض الخضار المسلوق، ولا يرون بعضهم بعضًا إلا ليلة السبت حتى صباح الأحد حيث يفدون إلى الكنيسة ‘ فتجدهم متهللين وكأنهم قادمون من السماء... يقيمون صلوات التسبحة والقداس الإلهي ويعودون إلى أبراجهم كالحمام، وإذا تغيب أحدهم يعلمون انه قد فارق الحياة أو انه مريض فيذهبون إليه فإن كان قد فارق الحياة وربما منذ عدة أيام يكفنونه ويصلون عليه ويدخلونه إلى الطافوس، أما إذا كان مريضًا فإنهم يذهبون لزيارته على دفعات، وكل منهم يحمل ما يستطيع لإسعاف المريض، وبغير ذلك لا يجرؤ أحد أن يقتحم خلوة آخر إلا إذا كان سيمنحه زاداَ من النعمة تعينه كمصارع يصارع قوات الظلمة الغير منظورة ومنشوبيات البعض كانت تبعد نحو كيلومترات عن الكنيسة.
وصارت منطقة نتريا إعدادًا لحياة الشركة الرهبانية أما من يرغب في التقشف أكثر والوحدة والهدوء كان يشد الرحال إلى الصحراء الداخلية أى منطقة القلالي فيجد ترحيبًا شديدًا من آباء القلالي حتى يعرضون عليه ترك مسكنهم له وكانوا ينشئون منشوبيات جديدة للقادمين فكان العمل في المنشوبية ينتهى في يوم واحد فالبعض يحضر الطوب والآخر المياه ويستخدمون الملاط في بناء المنشوبية ذات الجدران السميكة والتى تكثر لها الطاقات المتنوعة لحفظ الكتب أو وضع السرج والأيقونات أو الإحتفاظ ببعض الأشياء.
وهنا قال الأب الراهب الذي يقود السيارة: حاللنى ياسيدنا نحن الآن في الطريق الصحراوى هل سندخل منطقة القلالي من طريق التحدى أم من طريق بوابة اللحوم.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/macarius/kellia.html
تقصير الرابط:
tak.la/xzbs79n