س44: هل قَبِل السيد المسيح الإكرام الإلهي؟ وما مظاهر هذا الإكرام؟
ج: نعم قبل السيد المسيح هذا الإكرام، ويتمثل هذا الإكرام في الآتي:
1- المعمودية باسمه ب - قبول السجود ج- قبول العبادة
1- المعمودية باسمه: سر المعمودية هو المدخل للمسيحية والملكوت إذ بدونه لا خلاص، ولا مغفرة للخطية الجدية، ولا ولادة ثانية، ولذلك فالإنسان الذي لم ينال العماد المقدَّس لا يمكنه أن يمارس بقية الأسرار، والسيد المسيح علّم تلاميذه أن يذهبوا إلى جميع الأمم ليكرزوا باسمه ويمنحونهم سر المعمودية باسم الثالوث القدوس " فأذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" (مت 28: 19) فلو لم يكن المسيح هو الله فكيف تتم المعمودية باسمه؟ وهل يصح أن نضع اسم إنسان مخلوق مهما بلغ شأنه بجوار اسم الله الخالق في إتمام هذا السر؟!
ولأن السيد المسيح هو الإله المتأنس لذلك أطاعت الكنيسة وصيته وتمَّمت العماد باسمه، فأول عظة ألقاها بطرس الرسول واصطاد بها ثلاثة آلاف نفس " فقال لهم بطرس توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس" (أع 2: 38) ومعلمنا بولس الرسول يقول لأهل غلاطية مادمتم اعتمدتم باسم المسيح فيجب أن تكون لكم أعمال وأفكار وحياة المسيح " لأن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح" (غل 3: 27) وعندما وجد أهل أفسس اعتمدوا فقط بمعمودية يوحنا طلب منهم أن يعتمدوا باسم المسيح "فلما سمعوا اعتمدوا باسم الرب يسوع" (أع 19: 5).
2- قبول السجود: هناك سجود الاحترام كما سجد إبراهيم لبني حث " فقام إبراهيم وسجد لشعب الأرض لبني حيث" (تك 23: 7، 12) وسجد أبشالوم أمام أبيه " ودعا أبشالوم فأتى إلى الملك وسجد على وجهه إلى الأرض قدام الملك فقبَّل الملك أبشالوم" (2 صم 14: 33) وسجود سليمان لأمه " فقام الملك للقائها وسجد لها وجلس على كرسيه ووضع كرسيًّا لأم الملك فجلست عن يمينه" (1 مل 2: 19) وهناك سجود العبادة، وهذا السجود لا يجوز تقديمه لغير الله وحده كقول الله " بذاتي أقسمت خرج من فمي الصدق كله لا ترجع أنه لي تجثو كل ركبة" (أش 45: 23) وقال المزمور " هلم نسجد ونركع ونجثو أمام الرب خالقنا" (مز 95: 6) وقال السيد المسيح "لأنه مكتوب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد" (مت 4: 10).
وقد رفض الرسل والملائكة قبول سجود العبادة من الناس، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى: "ولما دخل بطرس أستقبله كرنيليوس وسجد واقعًا على قدميه. فأقامه بطرس قائلًا. قم أنا أيضًا إنسان" (أع 10: 25، 26) وعقب شفاء المُقعَد من بطن أمه في لسترة أراد أهلها تقديم العبادة لبولس وبرنابا، فانزعجا الاثنان بشدة حتى مزقا ثيابهما " فأتي كاهن زفس الذي كان قدام المدينة بثيران وأكاليل عند الأبواب مع الجموع وكان يريد أن يذبح. فلما سمع الرسولان برنابا وبولس مزقا ثيابهما واندفعا إلى الجمع صارخين وقائلين أيها الرجال لماذا تفعلون هذا. نحن أيضًا بشر تحت آلام مثلكم نبشركم أن ترجعوا من هذه الأباطيل إلى الإله الحي" (أع 14: 13 - 15) والملاك رفض سجود يوحنا له " فخررت أمام رجليه لأسجد له. فقال لي انظر لا تفعل. أنا عبد معك ومع أخوتك الذين عندهم شهادة يسوع. أسجد لله" (رؤ 19: 10) فإن كان تلاميذ المسيح قد رفضوا قبول العبادة، فهل تظن يا صديقي إن معلمهم يقبل العبادة وهو ليس الله؟ ... كلاَّ. أنه قبل العبادة لأنه هو الله، ومن أمثلة ذلك ما يلي:
أ - سجد له يوحنا المعمدان وهو بعد جنين في بطن أمه، فقالت أليصابات للعذراء مريم "فهوذا حين صار صوت سلامك في أذنيَّ ارتكض الجنين بابتهاج في بطني" (لو 1: 44).
ب- آتى المجوس من المشرق وسجدوا له " وأتوا إلى البيت ورأوا الصبي مع مريم أمه. فخروا وسجدوا له" (مت 2: 11).
ج- عقب معجزة صيد السمك سجد له بطرس " فلما رأى سمعان بطرس ذلك خرَّ عند ركبتي يسوع قائلًا أخرج من سفينتي يا رب لأني رجل خاطئ" (لو 5: 8) وهنا نرى السجود مقترن بالاعتراف بالألوهية.
د- سجد له الأبرص طالبًا الشفاء " وإذا أبرص قد جاء وسجد له قائلًا يا سيد إن أردت تقدر أنت تطهّرني" (مت 8: 2) .
ه- سجدت له نازفة الدم " وأما المرأة فجاءت وهي خائفة ومرتعدة عالمة بما حصل لها فخرّت وقالت له الحقَّ كله" (مر 5: 33).
و - سجد له يايرس " وفيما هو يكلمهم بهذا إذا رئيس قد جاء فسجد له قائلًا إن ابنتي الآن ماتت. لكن تعالَ وضع يدك عليها فتحيا" (مت 9: 18).. إنه سجود لله القادر أن يقيم من الأموات.
ز - عقب معجزة إسكات البحر ومشي بطرس على الماء " والذين في السفينة جاءوا وسجدوا له قائلين بالحقيقة أنت ابن الله" (مت 14: 33) وهنا نرى السجود مع الاعتراف بالألوهية.
ح- سجدت له المرأة الكنعانية ملتمسة شفاء ابنتها رغم أنها لم تكن معها " فأتت وسجدت قائلة يا سيد أعني" (مت 15: 25).
ط- عندما شفى السيد المسيح عشرة رجال من برصهم عاد إليه أحدهم وكان سامرَّيًا يقدم له الشكر " وخرَّ على وجهه عند رجليه شاكرًا له. وكان سامريًّا" (لو 17: 16) فقبل السيد المسيح سجوده وامتدحه قائلًا "قم وأمضي. إيمانك خلَّصك" (لو 17: 19).
ى - سجدت له أم ابني زبدي " حينئذ تقدمت إليه أمُّ ابني زبدي مع ابنيها وسجدت وطلبت منه شيئًا" (مت 20: 20).
ك- بعد أن خلق السيد المسيح عينين للمولود أعمى، وأخرجه اليهود خارجًا، فالتقى به السيد المسيح "وقال له أتؤمن بابن الله... فقال أؤمن يا سيد وسجد له" (يو 9: 35 - 38).
ل- سجدت له مريم أخت لعازر "فمريم لما أتت إلى حيث كان يسوع ورأته خرَّت عند رجليه قائلة له يا سيد لو كنت ههنا لم يمت أخي" (يو 11: 32).
م- سجدت له مريم المجدلية مع مريم الأخرى فجر القيامة " إذ يسوع لاقاهما وقال سلام لكما. فتقدمتا وأمسكتا بقدميه وسجدتا له" (مت 28: 9).
ن- سجد له التلاميذ مساء يوم القيامة " ولما رأوه سجدوا له" (مت 28: 17) وفي الجليل أيضًا " وأما الأحد عشر فانطلقوا إلى الجليل إلى الجبل حيث أمرهم يسوع. ولما رأوه سجدوا له" (مت 28: 16، 17).
ش- سجد له الذين عاينوا صعوده " فسجدوا له ورجعوا إلى أورشليم بفرح عظيم" (لو 24: 52).
ع- قال معلمنا بولس الرسول " لكي تجثو باسم يسوع كل ركبةٍ ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض" (في 2: 10).. "ولتسجد له ملائكة الله" (عب 1: 6) وقال بطرس الرسول "الذي هو في يمين الله إذ قد مضى إلى السماء وملائكة وسلاطين وقوات مخضعة له" (1 بط 3: 22) وقال يوحنا الرائي "ورأيت فإذا في وسط العرش والحيوانات الأربعة في وسط الشيوخ خروف قائم كأنه مذبوح... ولما أخذ السفر خرَّت الأربعة الحيوانات والأربعة والعشرون شيخًا أمام الخروف" (رؤ 5: 6 - 8).
3- قبول العبادة: من مظاهر العبادة الإيمان بالإله المعبود، والسيد المسيح قد طالبنا بالإيمان به، فقال للتلاميذ " لا تضطرب قلوبكم. أنتم تؤمنون بالله فآمنوا به" (يو 14: 1) أي آمنوا بي إيمانكم بالله الواحد لأنني أنا هو الله المتأنس " أنا هو القيامة والحياة. من آمن بي ولو مات فسيحيا. وكل من كان حيًّا وآمن بي فلن يموت إلى لا بُد" (يو 11: 25، 26) وقد طلب الآباء الرسل من السيد المسيح أن يزيد إيمانهم " فقال الرسل للرب زد إيماننا" (لو 17: 5) والرجل الذي كان على ابنه روح نجس " تقدم إليه رجل جاثيًا له. وقائلًا يا سيد أرحم ابني فإنه يُصرع ويتألم شديدًا.." (مت 17: 14) وطلب منه أن يشفي أبنه قائلًا "إن كنت تستطيع شيئًا فتحنن علينا وأعنَّا. فقال له يسوع إن كنت تستطيع أن تؤمن. كل شيء مستطاع للمؤمن. فللوقت صرخ أبو الولد بدموعٍ وقال أؤمن يا سيد فأعن عدم إيماني" (مر 9: 22 - 24).
ومن مظاهر العبادة أيضًا تقديم الحب لله المعبود، فقال الله " فتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوَّتك" (تث 6: 5) وقال السيد المسيح عن نفسه " من أحبَّ أبًا أو أمًّا أكثر مني فلا يستحقُّني. ومن أحبَّ ابنًا أو ابنة أكثر مني فلا يستحقُّني" (مت 10: 37) وقال بولس الرسول "إن كان أحد لا يحبُّ الرب يسوع المسيح فليكن أناثيما" (1 كو 16: 22).. " النعمة مع جميع الذين يحبُّون ربنا يسوع المسيح في عدم فسادٍ" (أف 6: 24).
كما أنه من مظاهر العبادة رفع الطلبات لله، والسيد المسيح أوصى تلاميذه أن يطلبوا باسمه "لكي يعطيكم الآب كلَّ ما طلبتم باسمي" (يو 15: 16).. " في ذلك اليوم تطلبون باسمي" (يو 16: 26).. " الحقَّ الحقَّ أقول لكم إن كل ما طلبتم من الآب باسمي يعطيكم" (يو 16: 23) والتمس اللص اليمين منه أن يذكره متى جاء في ملكوته "ثم قال ليسوع أذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك" (لو 23: 42) وصلى إسطفانوس وقت استشهاده " فكانوا يرجمون إسطفانوس وهو يدعو ويقول أيُّها الرب يسوع أقبل روحي" (أع 7: 59) وتضرع بولس الرسول إليه لكيما يشفيه "من جهة هذا تضرَّعت إلى الرب ثلاث مرات أن يفارقني. فقال لي تكفيك نعمتي لأن قوَّتي في الضعف تُكمَل. فبكل سرور أفتخر بالحري في ضعفاتي لكي تحلَّ عليَّ قوَّة المسيح" (2 كو 12: 8، 9).
ومن مظاهر العبادة تقديم الخضوع لله والاعتراف بسيادته وهذا ما لاحظناه في الآباء الرسل " بولس عبد ليسوع المسيح" (رو 1: 1).. " بولس وتيموثاوس عبدا ليسوع المسيح" (في 1: 1).. "يعقوب عبد الله والرب يسوع المسيح" (يع 1: 1).. " بطرس عبد ليسوع المسيح" (2 بط 1: 1).. " يهوذا عبد يسوع المسيح" (يه 1).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/divinity-of-christ/adoration.html
تقصير الرابط:
tak.la/s92h2cd