س 58: قال البعض عندما استحلف رئيس الكهنة الشخص الواقف أمامه باللَّه الحي قائلًا: "هل أنت المسيح ابن اللَّه" قال له "أنت قلت" (مت 26: 63، 64) فقوله هذا، وعدم قوله: نعم أنا هو، لهو دليل كافٍ على أن المصلوب ليس هو المسيح إنما شخص آخر وقع عليه شبه المسيح ولم يشأ أن يكذب... هل هذا صحيح؟ كما إن صمته أثناء المحاكمات أثار الشكوك في شخصيته... أليس كذلك؟ (راجع المسيح بين الحقيقة والأوهام ص 76، والمنتخب الجليل ص 308، 311، والمسيحية والإسلام ص 166، والرد على النصارى ص 72، والأجوبة الفاخرة ص 56، والفارق بين المخلوق والخالق ص 47، ودعوة الحق ص 123، والمسيح قادم ص 57)(393).
ج: أ ـ قد تكون هذه الإجابة "أنت قلت" في أيامنا هذه تحتمل اللبس أو المراوغة والتملّص من الإجابة. أما في تلك الأيام فكانت هذه الإجابة تُعبّر عن الأسلوب الأدبي الراقي الذي يحمل التأكيد، وهذا ما فهمه رئيس الكهنة صاحب السؤال "فمزَّق رئيس الكهنة حينئذٍ ثيابَه قائلًا: قد جدَّف" (مت 26: 65).
ب ـ لم يكتفِ السيد المسيح بالقول: "أنت قُلْت" ويصمت إنما أكمل تأكيد الإجابة قائلًا "أنت قُلْت! وأيضًا أقول لكم: من الآن تُبصرون ابن الإنسان جالسًا عن يمين القوة، وآتيًا على سَحاب السماء" (مت 26: 64) ففي إجابة السيد المسيح على رئيس الكهنة أكد على ثلاث حقائق وهي أنه ابن اللَّه، وأنه سيجلس عن يمين الآب، وهو ابن الإنسان الذي سيأتي في سحاب السماء، وفي هذا إشارة واضحة إلى ربوبيته التي تحدّث عنها داود النبي قائلًا: "قال لرَب لربي: اجلس عن يَميني حتى أضَعَ أعدَاءَك موطِئًا لقدَمَيك" (مز 110: 1) وأيضًا ذكرهم بنبوّة دانيال عن ابن الإنسان الذي تتعبَّد له كل الشعوب، وإن سلطانه لن يزول وملكوته لن ينقرض: "كنت أرَى في رُؤى الليل وإذا مع سُحُب السماء مثل ابن إنسان أتَى وجَاءَ إلى القديم الأيام، فقرَّبوه قُدَّامه. فأُعطِيَ سُلطانًا ومَجدًا وملكوتًا لتتعبَّد له كل الشعوب والأمَم والألْسِنَة. سُلطانه سلطانٌ أبديٌّ ما لن يزُول، وملكوته ما لا ينقَرض" (دا 7: 13، 14).
ج ـ "أنت قلت" هذا هو أسلوب الكلمة المتجسد، فعند العشاء "فأجاب يهوذا مُسَلِّمُهُ وقال: هل أنا هو يا سيدي؟ قال له: أنت قُلت" (مت 26: 25) وعند المحاكمة: "فقال له بيلاطُس: أفأنت إذًا مَلِكٌ؟ أجاب يسوع: أنت تقُول إني مَلِكٌ. لهذا قد وُلِدت أنا، ولهذا قد أتيتُ إلى العالم لأشهَد للحَقِّ. كل مَن هو مِن الحق يَسمع صوتي" (يو 18: 38) وهذا دليل ثابت على أن المصلوب هو هو السيد المسيح وليس آخَر.
د ـ صَمَت السيد المسيح أثناء المحاكمة لأنه كان يعلم أن ساعته قد جاءت ولا بد أن يُصلَب، وإن رؤساء الكهنة قد ملأ الحقد قلوبهم، ولن يتراجعوا عن قرارهم في الانتقام منه، ولذلك عندما قالوا له: "إن كُنت أنت المسيح، فقُل لنا! فقال لهم: إن قُلتُ لكم لا تُصَدِّقون، وإن سألتُ لا تجيبُونني ولا تُطلِقُونني" (لو 22: 67، 68) وصَمَت أيضًا لأن الصمت أحيانًا أقوى من الكلام، فالمحاكمة التي عُقدت ليلًا لم تكن قانونية، والشهود لم يكونوا أمناء.
_____
(393) د. فريز صموئيل ـ من هو المصلوب؟ ص 161 ـ 166.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/cross/you-say.html
تقصير الرابط:
tak.la/c7a9fn2