ظهرت هذه الإضافة أولًا في أسبانيا في القرن الخامس الميلادي ردًا على الأريوسيين الذين ادّعوا بأن الأب أعظم من الابن بدليل أن الآب يبثق الروح القدس والابن لا يبثقه، فلكي يؤكد الأسبان المساواة بين الآب والابن أضافوا إلى قانون الإيمان " نعم نؤمن بالروح القدس المنبثق من الآب والابن"، وفي سنة 589م أيد وأكد مجمع طليطلة الثالث هذه الزيادة، وطلب من المُتنصّرين أن يوقّعوا على قانون الإيمان بالإضافة الجديدة، وظلت هذه الإضافة محصورة داخل أسبانيا.
وفي القرن الثامن انتشرت الإضافة في بلاد الغال، وفي سنة 809 م. أيد الإمبراطور " كارلوس " هذه الزيادة لأسباب سياسية، وشجعه في هذا شخص يدعى "لوكيوس" حاول نشر هذه الإضافة في بلاد فلسطين في نهاية القرن الثامن فقوبل بالرفض والازدراء، فانطلق إلى روما وحاول نشرها فلم ينجح، فذهب إلى فرنسا حيث وجد قبولًا لفكره من الشعب الفرنسي وتأييدًا من الإمبراطور كارلوس ولذلك عقد الإمبراطور مجمعًا في " اكس لاشايل " سنة 809م وأرسل ثلاثة مندوبين إلى بابا روما " لاون الثالث" (795-816م) لفرض هذه الإضافة، ولكن بابا روما رفض هذه الزيادة قائلًا "أنا لا أضيف شيئا على معتقدات آبائي"، وأحتج بأن مجمع أفسس المسكوني الثالث منع إدخال أي زيادة على قانون الإيمان النيقاوي، وقام البابا لاون الثالث بنقش دستور الإيمان باللغة اليونانية واللاتينية (بدون الإضافة) على صحيفتين من الفضة وعلقهما على الباب المقابل لقبر الرسولين بطرس وبولس في كاتدرائية سان بيتر بروما وكتب عليهما " أنا لاون قد وضعت هذه حبًا وحفاظًا للإيمان الأرثوذكسي".
وفي سنة 856م أرسل البابا بنديكتوس الثالث (855-858م) لبطاركة الشرق قائلًا "بأن رؤساء كنيسة رومية لا يقبلون الشركة مع أحد ما لم يكن محافظًا على دستور الإيمان سالمًا كما سلَّمته المجامع المسكونية وحدَّدت المحافظة عليه بأن الروح القدس منبثق من الآب فقط لا من الابن كما علَّم أبناء الفساد " (1)
وخلال الفترة من سنة 858م إلى سنة 886م قَبِل نيقولاوس الأول (858-867م) بابا روما الإضافة وحاول فرضها على القسطنطينية فقاومه بطريركها "فوتيوس" ووصل الأمر إلى تراشق الاثنان بالحرم وألف فوتيوس بطريرك القسطنطينية كتابه "المدخل إلى الروح القدس" أوضح فيه انبثاق الروح القدس من الآب فقط.
وفي سنة 1014م قبل بندكتوس الثامن الإضافة فأضاف لفظة " والابن " وباللاتينية " Filioque " فيليوك " Filio " = الابن، que = و، ونزع لوحي الفضة اللذين علقهما لاون الثالث والمنقوش عليهما قانون الإيمان النيقاوي باللاتيني واليوناني بدون زيادة، فكانت هذه الإضافة سببًا للانشقاق الكبير بين الكنيستين الكاثوليكية والبيزنطية كما رأينا من قبل.
وفي سنة 1215م في عهد البابا اينوكنتيوس الثالث (1198-1216م) قَبِل مجمع " لاتران" هذه الزيادة، وفي سنة 1274م كرَّس مجمع ليون هذه الزيادة نهائيًا، ويجب ملاحظة أن قبول هذه الزيادة جاء نتيجة ضغوط من الأباطرة على باباوات روما، وكأن الأباطرة صاروا علماء اللاهوت.
ويعترف الأخوة الكاثوليك بهذه الأحداث فيقول الأب سليم بستروس:
"يبدو أن تلك اللفظة أضيفت أولًا في أسبانية في أواخر القرن السادس تأكيدًا لألوهية الابن ضد الهراطقة المتشرّبين بالأريوسية الرافضين تلك الألوهية، فالقول بأن الروح القدس منبثق من الآب والابن يؤكد وحدة الابن مع الآب في الجوهر... في سنة 809 م. أمر الإمبراطور شارلمان بإضافة تلك اللفظة إلى قانون الإيمان، ولكن البابا لاون الثالث أعلن سنة 810 م. في روما أنه وإن كانت تلك العبارة غير مناقضة للإيمان فلا يجوز إضافتها إليه وحفر قانون الإيمان النيقاوي دون إضافة " والابن " باللغتين اليونانية واللاتينية على لوحتين من فضة في كنيسة القديس بطرس في روما حيث لا تزالان محفوظتين حتى الآن... إلاَّ أن شارلمان وسائر الأباطرة الغربيّين الذين خلفوه ظلوا يُضيّقون على الباباوات لإضافة "والابن" إلى قانون الإيمان، ولم يفلحوا في ذلك إلاَّ بعد مئتي سنة من أخذ ورد بين رومية والقسطنطينية... وفي سنة 1014م مع البابا بندكتوس الثامن الذي أدخل رسميًا في قانون الإيمان لفظة " والابن " بضغط من الإمبراطور هنري الثامن. أما السنوات الصاخبة في تلك الفترة الطويلة فهي السنوات التي كان فيها فوتيوس بطريرك القسطنطينية ونيقلاوس الأول بابا رومية من سنة 858م إلى سنة 886م فقد كان البطريرك والبابا يتراشقان الحرم، وإمبراطور بيزنطة تارة يُقِيل فوتيوس وتارة يُعِيده إلى منصبه... في هذه السنوات وضع فوتيوس كتابًا عن الروح القدس هاجم فيه الغرب لكونه أضاف وحدهُ لفظة إلى قانون إيمان حظرت المجامع المسكونية إدخال أي تعديل عليه " (2)
كما يعترف مؤلف "البوق الإنجيلي" بأن بابا روما يوحنا أرسل إلى مجمع القسطنطينية الذي انعقد في زمن القيصر باسيليوس المكدوني رسالة تُليت في الجلسة السادسة من جلسات المجمع وفي حضور نواب بابا روما وهم أسقفين وقس حيث حكم البابا على كل من يدعى انبثاق الروح القدس من الابن بأن يكون نصيبه مع يهوذا الإسخريوطي فقال "أننا لا نقول أن الروح القدس ينبثق من الابن أيضًا. لا. بل نحكم على الذين يجترئون على فعل ذلك. أولًا: لثقتهم بغيهم وغباوتهم أنهم مخالفون الأحوال الإلهيَّة ومتعدوها ويغيرون فقه التكلم باللاهوت المستفاد من المسيح والمُسلَّم من سائر الآباء الذين التئموا في المجامع اجتماعًا سنودسيًّا وسنوا الدستور المقدس، وترتيب هؤلاء المجرمين مع يهوذا الدافع " (3)
وإن كانت هذه الإضافة انتقلت من الكاثوليك إلى الكنيسة الأسقفية والبروتستانت، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. إلاَّ أن بعضهم لا يقبل هذه الإضافة، فمثلًا عندما انعقد مجمع "بون" سنة 1874م بين الكاثوليك القدامى والكنيسة اليونانية وبعض أساقفة وقسوس من الكنيسة الأسقفية في انجلترا وأمريكا قرَّر الآتي:
"أننا نتفق على أن أدراج لفظة "والابن" في القانون النيقاوي كان على أسلوب غير قانوني، ويليق لأجل السلام والوحدة في المستقبل أن الكنيسة كافة تنظر في هذه المسألة قصد الحكم في إمكان إرجاع القانون النيقاوي إلى صورته الأصلية (أي بترك لفظة والابن) " (4)
أما عن الصياغات الكاثوليكية المختلفة لموضوع انبثاق الروح القدس فهي تتمثل في ثلاث صيغات:
1- الروح القدس منبثق من الآب والابن.
2- الروح القدس منبثق من الآب بالابن.
3- الروح القدس منبثق من الآب بواسطة الابن.
_____
(1) الصخرة الأرثوذكسية - حبيب جرجس ص36.
(2) اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر ج2 ص92، 93.
(3) البوق الإنجيلي ج1 ص 171.
(4) علم اللاهوت للقس جيمس ص113.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/catholic/son.html
تقصير الرابط:
tak.la/77xspgs