14- يقول الأب سليم بسترس "كذلك نقرأ في سفر الرؤيا "ثم أراني نهر ماء الحياة صافيًا كالبلور خارجًا من عرش الله والحمل" (رؤ22: 1) فنهر الحياة هو إشارة إلى الروح القدس، كما ورد في إنجيل يوحنا " إن عطش أحد فليأت إليَّ ويشرب من آمن بي كما قال الكتاب ستجرى من جوفه أنهار ماء حي قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه" (يو7: 37-39) والحمل هو المسيح الفادي، فالروح يخرج من عرش الله أي من الآب ومن المسيح الفادي. هذا النص يشير أيضًا إلى خروج الروح من الآب والابن في إطار تاريخ الخلاص " (37)
توضيح:
نحن نتفق معك أن هذا النهر يشير إلى الروح القدس حسب تأملات بعض الآباء مثل القديس امبروسيوس. الذي أورد نفس الآيات (يو7: 37-39) وإن كان البعض مثل العلامة ترتليانوس يرى أن النهر يشير إلى مخلصَنا الصالح الذي يروي كل نفس عطشى، والعجيب أن يخرج هذا النهر من عرش الملك والحمل لأن الروح القدس هو روح الآب وروح الابن أيضًا، فهو منبثق من الآب مستقر في الابن.
ونحن نتفق معك أيضًا في أن هذا النهر يشير إلى خروج الروح من الآب والابن في إطار تاريخ الخلاص. هذا شيء، وانبثاق الروح من الآب شيء آخر، لأن تاريخ الخلاص يدخل في إطار الزمن أما الانبثاق فيدخل في إطار السرمدية.
وبعد أن ألقينا الضوء على بعض الأدلة التي يعتمد عليها الأخوة الكاثوليك في إثبات أن الروح القدس ينبثق من الآب والابن يجدر الإشارة إلى أن معظم العلماء اللاتين لم يتعمقوا في شرح العقيدة، وقد يكون العائق الذي كان يواجههم هو اعتمادهم على لغتهم اللاتينية بينما المصطلحات اللاهوتية والشرح اللاهوتي كان باللغة اليونانية التي لم يهتم بها علماء اللاتين كثيرًا.
وأيضًا هناك فارق بين النظرة اللاهوتية الغربية والنظرة اللاهوتية الشرقية، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. فالنظرة الغربية كانت تعتمد أساسًا على الجوهر الإلهي (أو الطبيعة الإلهية أو الكيان الإلهي) الواحد ثم تنطلق إلى الأقانيم الثلاثة، لذلك تبدو عقيدة الوحدة الإلهية وكأنها امتصت عقيدة الثالوث، فالرجل اللاهوتي اللاتيني يتجه إلى الله الواحد أكثر من اتجاهه إلى الأقانيم الثلاثة، ويركز حول الجوهر الإلهي أكثر من تركيزه حول الثالوث القدوس. بينما النظرة اللاهوتية الشرقية تركز على الأقانيم الثلاثة الآب والابن والروح القدس بحسبما أوحى السيد المسيح لتلاميذه " اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" (مت28: 19) ثم تنطلق إلى الجوهر الإلهي الواحد، فالرجل اللاهوتي الشرقي يتجه للآب الذي هو المبدأ والعلة والأصل والينبوع الوالد للابن والباثق للروح القدس، ويتجه للابن المولود من الآب قبل كل الدهور نور من نور إله حق من إله حق الذي تجسد من أجل خلاصنا وصلب وقبر وقام وصعد وسيأتي ليأخذنا معه، ويتجه إلى الروح القدس المنبثق من الآب منذ الأزل الناطق في الأنبياء والذي حلَّ على التلاميذ في يوم الخمسين والعامل في الكنيسة من خلال الأسرار والمواهب والقوة الإلهية.
_____
(37) اللاهوت المسيحى والإنسان المعاصر ج2 ص90، 91.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/catholic/son-river-of-life.html
تقصير الرابط:
tak.la/7rmvn8g