2- يقول الأخوة الكاثوليك أن الأمور التي تحدث في الزمن هي صدى للأمور التي حدثت في الأزلية. أي أن التدبير " الايكونوميا " هو صدى للحياة الباطنية للثالوث " الثيؤلوجيا " فمثلًا يقول القمص اسكندر وديع: "الكنيسة الكاثوليكية لا تخلط بين الإرسال الخارجي الزمني وبين الإرسال الباطني الأزلي، ولكنها تعتبر الإرسال الباطني كعلة لشرح الإرسال الخارجي حيث لا يوجد بين الأقانيم الثلاثة أي اختلاف إلاَّ في اختلاف الصدور الباطني، وهذا ما كان يعبر عنه الآباء بقولهم أن نظام التدبير "إيكونوميا" يتبع نظام الحياة الباطنية للثالوث " (18) أي أنهم يقولون بما أن الآب يُرسِل الابن في الزمن فذلك لأنه والد له في الأزلية، وبما أن الآب والابن يُرسِلان الروح القدس في الزمن فذلك لأنهما باثقان له في الأزلية.
توضيح:
هناك فرق شاسع بين الأمور الإلهية "ثيؤلوجيا " Thelogy وبين التدبير الإلهي " ايكونوميا " Econmy، فالثيؤلوجيا أي اللاهوت خاص بالأمور الإلهية مثل وجود الله وصفاته الفريدة وعلاقة الأقانيم معًا. أما الايكونوميا أي التدبير فهو خاص بتدبير الله للخليقة، والايكونوميا ليست صورة طبق الأصل من الثيؤلوجيا، فمثلًا في الايكونوميا الله يحب ملايين البشر ويرعاهم ويدبر شئونهم في نطاق الزمن. أما في الثيؤلوجيا فكل أقنوم يحب الأقنومين الآخرين اللذين من نفس الجوهر منذ الأزل... في الثيؤلوجيا الآب والد الابن وباثق الروح القدس، والابن مولود من الآب، والروح القدس منبثق من الآب. أما الايكونوميا فالآب والروح القدس أرسلا الابن إلى العالم ليتمَّم الفداء للبشرية، وبعد صعود الابن للسماء جسديا بعشرة أيام أرسلا الآب والابن الروح القدس المعزى ليعمل في الكنيسة إلى يوم المجيء الثاني.
إذًا ما يحدث في الزمن ليس ظلًا لما يحدث في الأبدية، وبالتالي فالإرسال ليس ظلًا للولادة والانبثاق، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. فالولادة تختص بكينونة الابن، والانبثاق يختص بكينونة الروح القدس، وكينونة الابن وكينونة الروح كلاهما من الآب، فالآب هو أصل الكينونة في الثالوث... هو الينبوع... هو الأصل... هو العلة الأولي... هو الوالد للابن والباثق للروح القدس بدون أن يسبقهما في الوجود. قال جريجوري بطريرك القسطنطينية (جريجوري القبرصي) في حواره مع جون فيكوس ردًا على الادعاء بانبثاق الروح القدس من الآب والابن:
"الآب هو الألوهة الوالدة، والألوهة النبع، والمصدر (النبع) الوحيد لكل الألوهة" (19)
إذًا الانبثاق وباليونانية " " اكبورفسيس EKPOREVSIS خاص باللاهوت وليس بالتدبير.
_____
(18) مجلة الصلاح مايو - يونيو سنة 1990م ص141.
(19) مسكونيات لنيافة الأنبا بيشوي مطران دمياط وسكرتير المجمع المقدس سنة 1998م ص72.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/catholic/son-father-send.html
تقصير الرابط:
tak.la/y4daxna