3- سر التوبة والاعتراف:
نناقش في هذا السر النقاط الآتية:
أولًا: الإعفاء من الاعتراف للكاهن.
ثانيًا: الكاهن الهرطوقي يمنح الحل.
ثالثًا: منح الحل للشخص الهرطوقي.
رابعًا: للرئيس الأعلى احتكار الحل لبعض الخطايا.
خامساُ: الكنيسة الكاثوليكية تعتنق الفكر البروتستانتي.
جاء في كتاب مختصر اللاهوت الأدبي الكاثوليكي تحت رقم 567، 568 أن الكنيسة الكاثوليكية تعفى من يخشي من إفشاء اعترافاته والفضيحة أو يخشي أن يتسبب في عثرة للكاهن المتبتل ولا سيما في الأمور الجنسية فيقولون " أن العجز يُعفى من واجب الاعتراف بجميع الخطايا المميتة... والعجز المذكور طبيعي وأدبي، وهو طبيعي في منازع (قريب من الموت) عُقد لسانه، وفيمن يستحيل عليه تذكر خطاياه... وهو أدبي فيمن يسبب له الاعتراف مشقات غير مألوفة... أولًا: خطر إفشاء سر الاعتراف... ثانيا: خطر الفضيحة... يكون اعترافه طويلًا فيظن الحاضرون أن خطاياه المميتة كثيرة.. ثالثاُ: خطر العثار (العثرة) أو خطر ارتكاب الخطيئة وهو خطر قد يتعرض له التائب أو المعرّف (الكاهن) بسبب اعترافه بخطايا ضد الوصية السادسة (لا تزن).. " (426)
ثانيًا: الكاهن الهرطوقي يمنح الحل
جاء في مختصر اللاهوت الأدبي تحت رقم 579 " لكل كاهن وإن كان غير مصرَّف (غير مصرح له) في سماع الاعترافات أن يحل حلًا صحيحًا وجائزًا - وإن بحضور كان مصرَّف في ذلك - جميع المتقلبين في خطر الموت من جميع خطاياهم ومن جميع التأديبات حتى المحفوظة والمشتهرة منها (ق882).. وتشمل لفظة " كل كاهن " من كانت رسامته صحيحة وإن كان واقعًا في عجز أو تأديب أو جاحدًا أو منشقًا أو هرطوقيًا " (427)
أوصت الكنيسة الكاثوليكية الكاهن بمنح الحل للشخص الهرطوقي عندما يشرف على الموت حتى لو كان مقتنعًا بضلاله، فجاء في مختصر اللاهوت الأدبي تحت رقم 558 " لك (أيها الكاهن) أن تحل هرطوقيًا أو منشقًا متقلبًا في خطر الموت، على أن يكون سليم النية، وأن يتعذر إقناعه بأنه على ضلال، وأن تبذل جهدك في تلافى الإعثار (العثرة) فعليك بالتالي أن تحرك فيه الفضائل الإلهية والندامة... ثم تمنحه الحلة (الحل) بدون أن يشعر بها " (428)
جاء في مختصر اللاهوت الأدبي تحت رقم 583 " حفظ الخطايا هو أن يختص الرئيس الصالح بالحل منها، فلا يستطيع من هو أدنى منه هذا الحل لعدم الولاية للرئيس المذكور (ق895، 896) أن يحتفظ بثلاث أو أربع من أفظع وأخطر الخطايا الخارجية المعينة في نوعها. على أن لا يستمر الحفظ أكثر مما يلزم لاستئصال رذيلة عامة راسخة أو لتوطيد الآداب المسيحية المتداعية (ق 897، 898، 1247 بند ا) " (429)
لقد اعترفت الكنيسة الكاثوليكية بأنه يمكن للإنسان الخاطئ أن يعترف مباشرة لله، وبالتالي فإنها اعترفت بهذا ضمنًا بأنه لم يعد هناك ضرورة لسر التوبة والاعتراف أمام الكاهن، فجاء في كتاب مجموعة الشرع الكنسي للأرشمندريت حنانيا إلياس كساب نقلًا عن أحد المؤرخين الموثوق فيهم " قد ساد بين الكاثوليك في القرون الوسطى رأى بأن الاعتراف لله وحده كاف " وجاء في القانون 33 لمجمع تشالون Chalon سنة 813 " أن البعض يؤكدون أننا يجب أن نعترف بخطايانا لله وحده. وآخرون يقولون أنه يجب أن يعترفوا للكاهن، وأتباع أي من الأسلوبين لا يخلو من فائدة عظيمة في الكنيسة المقدسة. فالاعتراف لله يطهر الخطايا، ولكن الاعتراف أمام الكاهن يعلمنا كيف يجب أن نتطهر من خطايانا " (430)
توضيح:
بالنسبة للنقطة الأولى الخاصة بإمكانية الإعفاء من الاعتراف بحجة خطر إفشاء الكاهن أسرار المعترف والخوف من الفضيحة، فإن الكنيسة تضمن تمامًا للمعترف سرّية اعترافاته لأنها وضعت عقابًا صارمًا للكاهن الذي يفشي الاعترافات إذ تجرده من رتبته. أما الخوف من إعثار الكاهن فهذا مرجعه إلى إصرار الكنيسة الكاثوليكية على منع كهنتها من الزواج، ومن المسلَّم به أن العثرة من الأمور الجنسية تكون أقوى تأثيرًا على الكاهن المتبتل، وسنعود إلى هذه النقطة في سر الكهنوت.
وبالنسبة للنقطة الثانية الخاصة بنوال الحل من الكاهن المنشق الهرطوقي، فكيف يصح هذا وهو نفسه مربوطًا بخطاياه ولا يملك أن يحل نفسه فكيف يحل الآخرين؟! وهل فاقد الشيء يعطيه... أن الكاهن الهرطوقي قد فقد صلاحيته تمامًا في إتمام أي سر من الأسرار، وإن تجرأ وتمَّم أي سر فعمله هذا باطل باطل، لأنه من شروط إتمام السر كاهن مشرطن.
وبالنسبة إلى النقطة الثالثة الخاصة بمنح الحل للشخص الهرطوقي المقتنع بضلاله، والتحايل على الموقف بمنحه الحل دون أن يشعر فيتمتم الكاهن بالحل وكأنه يتمتم بعزيمة سحرية تنقل الهرطوقي المعاند من نيران جهنم أو المطهر إلى الملكوت، ليس هكذا عقيدة وطقس الكنيسة يا أحبائي بل يجب أن يتلو الكاهن الحل بصوت مسموع للشخص التائب المعترف الذي يسمع بآذانه الحِل فيثق أن خطاياه قد غُفِرت ويحل السلام الإلهي في قلبه، فإن تلي الكاهن الحل جهرًا لإنسان غير تائب فلن يفيده الحل في شيء، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. لأن شرط نوال الحل أن يتوب الإنسان عن خطاياه ويتعهد بعدم تكرارها ويعترف بها علانية أمام الكاهن، فإن كان الهرطوقي مقتنع بهرطقته ولم يعلن توبته ولم يتراجع عن أفكاره المميتة فماذا يفيده الحل؟!
وبالنسبة إلى النقطة الرابعة الخاصة باحتكار الرئيس الأعلى الحل عن بعض الخطايا، فلو ذهب المعترف إلى الأب الكاهن واعترف بصدق وأمانة بخطيته وتعهد أمام الله بعدم تكرارها فهل يملك الكاهن أن يربط ويمسك خطيته عليه ويرفض هذا الإنسان التائب ويحيله إلى رئيسه..؟! قطعًا لا يستطيع لأنه لا يوجد سند لهذا التصرف لا من الكتاب المقدس ولا من التقليد ولا من أقوال الآباء.
أما النقطة الخامسة والأخيرة الخاصة بإمكانية الاعتراف لله مباشرة والاستغناء عن الاعتراف لله أمام الكاهن، فهذا هو الفكر البروتستانتي الذي ينكر سر الكهنوت بل جميع الأسرار وفاعليتها وأهميتها، وهو ضد أقوال الكتاب المقدس التي توصينا بضرورة الاعتراف أمام الأب الكاهن سواء في العهد القديم أو الجديد.
_____
(426) مختصر اللاهوت الأدبي ص494، 495.
(427) المرجع السابق ص503.
(428) المرجع السابق ص487، 488.
(429) المرجع السابق ص487، 488.
(430) مجموعة الشرع الكنسي ص75.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/catholic/sacraments-confession.html
تقصير الرابط:
tak.la/jfs27fr