St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

36- هل يمكن إلقاء الضوء على الإعلان الإلهي؟ وكيف صار شخص السيد المسيح كمال الوحي الإلهي؟ وما هيَ طرق الوحي الإلهي؟

 

س 36 : هل يمكن إلقاء الضوء على الإعلان الإلهي؟ وكيف صار شخص السيد المسيح كمال الوحي الإلهي؟ وما هيَ طرق الوحي الإلهي؟

 St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

1ـــ تعريف الإعلان وضرورته
 2ـ أنواع الإعلان
    أ - الإعلان العام الطبيعي
    ب - الإعلان الخاص فوق الطبيعة
 3ــ السيد المسيح هو كمال الوحي الإلهي
 4ـــ طرق الوحي الإلهي
    أ - الحديث فمًا لفم
   ب - الأمر الصريح المباشر
   جـ - الرؤى والأحلام
   د - إلهام داخلي يصعب وصفه

 

 ج: 1ـــ تعريف الإعلان وضرورته:

جاء في "دائرة المعارف الكتابية" عن الإعلان: "عَلَنَ الأمر: شاع وظهر، وأعلنه، أظهره وجهر به. والعلانية خلاف السر، والكلمة في العبرية هيَ "جلا" بمعنى "وَضَحَ" فهيَ نفسها في العربية لفظًا ومعنى. "فجلا الأمر": كشفه ووضحه، والكلمة في اليونانية هيَ "أبوكالبتو" ولها نفس المفهوم. والإعلان في الكتاب المقدَّس يختص بما سرَّ الله أن يكشفه للبشر من أسرار كانت تخفى عليهم، تتعلق بشخصه وطبيعته ومقاصده على مدى التاريخ"(146).

 ويعتبر الإعلان ضرورة، لأن الله أسمى من أن يدركه الإنسان ويعرفه معرفة حقيقية عن طريق عقله وحواسه، فالعقل يدلك على وجود الله، ولكن لا يصل بالإنسان إلى معرفة طبيعة الله، هل هو إله محب حنون رؤوف طويل الأناة عادل، أم أنه إله قاسي عنصري دموي، كما أن حواس الإنسان قاصرة، لا تستطيع أن تدرك الله، فالإنسان لا يرى الله (خر33 : 20، يو1 : 18، 1تي 6 : 16)، وأيضًا يستحيل على الإنسان المحدود أن يدرك الله غير المحدود، فقال صوفر النعماتي لأيوب: " أَإِلَى عُمْقِ اللهِ تَتَّصِلُ أَمْ إِلَى نِهَايَةِ الْقَدِيرِ تَنْتَهِي. هُوَ أَعْلَى مِنَ السَّمَاوَاتِ فَمَاذَا عَسَاكَ أَنْ تَفْعَلَ. أَعْمَقُ مِنَ الْهَاوِيَةِ فَمَاذَا تَدْرِي " (أي11 : 7 - 8)، ومن هناك جاءت الضرورة أن الله غير المحدود يعلن ذاته للإنسان المحدود.

 

St-Takla.org Image: The Holy Bible and a rosary with a cross, by lbrownstone. صورة في موقع الأنبا تكلا: الكتاب المقدس مع سبحة بها صليب، لآيبراونستون.

St-Takla.org Image: The Holy Bible and a rosary with a cross, by lbrownstone.

صورة في موقع الأنبا تكلا: الكتاب المقدس مع سبحة بها صليب، لآيبراونستون.

 2ـ أنواع الإعلان:

هناك الإعلان العام الطبيعي، وهناك الإعلان الخاص فوق الطبيعي:

 أ - الإعلان العام الطبيعي:

وهو مُتاح لجميع البشر في كل زمان ومكان، فالله يعلن ذاته للبشر من خلال الطبيعة وعالم الإنسان، فالطبيعة كتاب لاهوت مفتوح للجميع، والإنسان يمثل عالم صغير ملئ بالأسرار والألغاز، كما أن الله يعلن عن ذاته أيضًا من خلال أحداث التاريخ، فالله هو العامل في التاريخ، هو الذي يقيم الممالك وينهيها (دا 2 : 21، 4 : 17، 5 : 21)، وقد أوضح الكتاب المقدَّس هذا الفرع من الإعلان في عدة مواضع:

 1ـــ " اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ" (مز 19 : 1).

 2 - " إِذْ مَعْرِفَةُ اللهِ ظَاهِرَةٌ فِيهِمْ لأَنَّ اللهَ أَظْهَرَهَا لَهُمْ. لأَنَّ أُمُورَهُ غَيْرَ الْمَنْظُورَةِ تُرىَ مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ قُدْرَتَهُ السَّرْمَدِيَّةَ وَلاَهُوتَهُ حَتَّى إِنَّهُــمْ بِلاَ عُذْرٍ" (رو 1 : 19، 20)، فأمور الله غير المنظورة يستطيع أن يقرأها الإنسان من خلال المصنوعات، أي الخليقة التي تجلّت فيها قدرة الله السرمدية وعظمة لاهوته، حتى صار الإنسان الذي ينكر وجود الله لا عذر له.

  3 - "مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ نَفْسَهُ بِلاَ شَاهِدٍ وَهُوَ يَفْعَلُ خَيْرًا يُعْطِينَا مِنَ السَّمَاءِ أَمْطَارًا وَأَزْمِنَةً مُثْمِرَةً وَيَمْلأُ قُلُوبَنَا طَعَامًا وَسُرُورًا" (أع 14 : 17)، فدورة المياه في الطبيعة تشهد لعظمة الخالق... إلخ...

 ب - الإعلان الخاص فوق الطبيعة:

وهو نوعان، أحدهما شفاهي، والآخر إعلان مكتوب عن طريق الوحي الإلهي، فأعطى الله الإنسان الإعلان الشفاهي خلال الفترة من آدم إلى موسى النبي، فقد تعامل الله مع آدم وأظهر له ذاته وأعلن له عن طبيعته على قدر ما تحتمل طبيعته البشرية، ولا سيما في الفترة قبل السقوط، فدعاه الله لتسمية الحيوانات، وجبل له حواء من ضلع منه (تك 2)، وكان الحديث بين آدم وإلهه يسري بلا عائق ولا مانع... إنها أيام رائعة عاشها الإنسان قبل السقوط، فكان قلبه يهفو للقاء إلهه ويفرح بلقياه، وبعد السقوط هرب آدم من وجه الرب، واختبئ مع حواء، فكان لا بُد أن الله، بحسب طبيعته الخيّرة الفياضة بالحب، أن يبحث عن الإنسان الساقط، ويبعث فيه روح الأمل والرجاء بأن نسل المرأة سوف يأتي يومًا ما ويسحق رأس الحيَّة (تك 3 : 15)، وتحدث الله مع قايين وأنذره، وبعد أن قتل أخيه هابيل تحدث معه أيضًا وعاقبه (تك 4 : 6 - 15)، وتعامل الله مع أنوش بن شيث بن آدم فبدأ يدعو بِاسم الرب (تك 4 : 26)، وتعامل مع نوح وأمره أن يبني الفُلك (تك 6 - 9)، وتعامل مع الآباء إبراهيم وإسحق ويعقوب عن قُرب ومنحهم وعوده (تك 12 - 35)، فقط " ظَهَرَ إِلهُ الْمَجْدِ لأَبِينَا إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ فِـي مَا بَيْنَ النَّهْرَيْنِ" (أع 7 : 2)، كما ظهر له وله من العمر تسعين عامًا وأعلن له عن ذاتــه أنه الله القدير (تك 17 : 1)، وأيضًا ظهر له عند بلوطات مَمْرَا حيث استضافه إبراهيم وتحدث معه طويلًا (تك 18)، وظهر لإسحق وجدَّد له الوعد (تك 26 : 2 - 5) وظهر ليعقوب (تك 28 : 10 - 15، 35 : 1).

 أمَّا الإعلان المكتوب فبدأ من موسى النبي، حيث أعلن الله ذاته له وأعطاه الوصايا العشر مكتوبة على لوحي العهد، وأمره بأن يكتب وصايا الناموس، فبدأ موسى بكتابة الأسفار الخمس الأولى من العهد القديم، وتوالت الأسفار حتى سفر ملاخي وجميع هذه الأسفار القانونية هيَ أسفار مُوحَى بها من الروح القدس (2تي 3 : 16) فهيَ ليست جهد بشري محض، ولا نتيجة عمل إلهي خالي من العنصر البشري، بل هو نتيجة عمل مشترك بين الله والناس، فحملت هذه الأسفار طبيعة مزدوجة، طبيعة إلهيَّة كاملة وطبيعة بشرية كاملة. وقال البعض أن الوحي يختص بالأمور الماضية المعروفة للكاتب، بينما الإعلان يختص بالأمور المستقبلية التي لا يعرفها الكاتب، ويقف ضد هذه النظرة نبوات العهد القديم التي أوحى بها الروح القدس للأنبياء، وهيَ تخُص أمور مستقبلية غير متوقعة وبعيدة عن المألوف والكاتب لا يعرف عنها شيئًا، فمَن يصدق أن بابل سيدة مدائن الأرض تُدمّر ولا تُبنى ثانية؟! ومَن يصدق أن صور سيدة البحار تُدمّر وتنتقل من مكانها؟! ومَن يصدق أن عذراء تلد؟! ومَن يصدق أن طفلًا هو إله وإنسان في آن واحد..؟! إلخ.، ويدخل في هذا النطاق أيضًا نبوات العهد الجديد عن الأحداث المستقبلية مثل ضد المسيح، والارتداد، وعودة أخنوخ وإيليا، وعلامات نهاية الأزمنة... إلخ. وتوقف الوحي خلال فترة ما بين العهدين من ملاخي إلى يوحنا المعمدان وتجسد الابن الكلمة.

 ويقول "أنور يسى منصور" عن إعلانات العهد الجديد:

" أ - الإعلان هو شيء مختبئ يُظهِره الله إما "بلفظ" أو "برؤيا"، لأن العقل البشري لا يستطيع أن يصل إليه أو يتوقعه، مثل (.. التجسد - الفداء - مجيء المسيح ثانية... إلخ).

ب - الإعلان هو كشف الله عن "فِكْرِه " للإنسان، وفِكْر أسمى من أي فهم إنسان ومن جميع توقعاته.

ج - الإعلان هو إعلان الله عن "ذاته" وذلك في الكلمة، والمسيح الكلمة الذي هو محور الإعلانات، وبدون ذلك لا يصل أحد إلى معرفة الله الذي هو فوق كل تصوُّر أو توقع.

د- الإعلان هو "إعلان" من حيث يُفحص كحق كـان مخفيًا وأعلنـه الله "، وهو "وحي الله حينما يُنظر إليه في علاقته بالإبلاغ"..

هـ - إعلانات العهد الجديد لا تتساوى مع نتائج فراسة الإنسان أو محاولاته للفهــم... (مت 16 : 17)" (147).

 

 3ــ السيد المسيح هو كمال الوحي الإلهي:

فالسيد المسيح هو موضوع الكتاب وهو هدفه، وفيه كان كمال الوحي الإلهي، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وهذا ما أوضحه الكتاب: " اَللهُ بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِـي ابْنِهِ" (عب 1 : 1، 2)، فعندما تجسّد ابن الله الوحيد الجنس كشف لنا عن سر الثالوث القدوس عندما رأيناه يتحدث مع الآب ويتحدث عنه، والآب يشهد له في المعمودية وعلى جبل التجلي، وسمع الجميع الابن يناجي الآب والآب يجيبه من السماء: " أَيُّهَا الآبُ مَجِّدِ اسْمَكَ. فَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ مَجَّدْتُ وَأُمَجِّدُ أَيْضًا" (يو12 : 28). كما سمعناه يتحدث عن الروح القدس، كما كشف لنا السيد المسيح عن سرّ الحب الإلهي في الفداء وكيف بذل الآب ابنه الوحيد، وأيضًا كشف أسرار ملكوت السموات بتشبيهات وأمثال... إلخ، وفي شخص المسيح عرفنا الكثير عن الآب، فعندما شفى المرضى وأقام الموتى وأراح المتعبين وطرد الأرواح الشريرة لمسنا فيه محبة الله وأبوته وحنانه، وعندما أظهر سلطانه على الرياح والأمواج وسمك البحر والنبات رأينا فيه قوة الله وسلطانه، وكشف لنا السيد المسيح عن ذاته أنه خبز الحياة النازل من السماء (يو 6 : 35)، وأنه نور العالم (يو8 : 12)، وأنه كائن قبل إبراهيم (يو8 : 58) وهو الراعي الصَّالح الذي يبذل نفسه عن الخراف (يو10 : 11)، وأنه مع أبيه الصَّالح واحد في الجوهر (يو10 : 30) وأنه القيامة والحياة (يو11 : 25) وهو الطريق والحق والحياة (يو14 : 6).. إلخ.

 فجميع كتابات العهد القديم كانت تشير إليه عبر الرموز والنبوات، وجميع كتابات العهد الجديد تدور حول شخصه المبارك، فسجَّلت الأناجيل لنا بعض من أقواله وأعماله ومعجزاته، وشهد سفر الأعمال عن عمله في كنيسته، وتحدثت الرسائل عنه وعن الكرازة بِاسمه، وكشف لنا يوحنا الرائي عن ملكوته السمائي، ومن كتبوا كانوا من شهود العيان من التلاميذ الاثنى عشر مثل متى ويوحنا وبطرس، أو من السبعين مثل مرقس، أو من الذين تتبعوا كل شيء بتدقيق مثل لوقا، وبولس قد ظهر له الرب يسوع على أبواب دمشق، وانتهى العهد الجديد بسفر الرؤيا ختام الإعلان: " إِعْلاَنُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ الَّذِي أَعْطَاهُ إِيَّاهُ اللهُ لِيُرِيَ عَبِيدَهُ مَا لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَنْ قَرِيبٍ" (رؤ 1 : 1)، وفي هذا السفر لاحظنا أن هناك إعلانات لم يسمح الوحي الإلهي بتدوينها: " وَبَعْدَ مَا تَكَلَّمَتِ الرُّعُودُ السَّبْعَةُ بِأَصْوَاتِهَا كُنْتُ مُزْمِعًا أَنْ أَكْتُبَ فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلًا لِيَ : اخْتِمْ عَلَى مَا تَكَلَّمَتْ بِهِ الرُّعُودُ السَّبْعَةُ وَلاَ تَكْتُبْهُ" (رؤ 10 : 4). فالإعلان الإلهي هو كل ما أعلنه الله للإنسان، بينما الوحي الإلهي هو الإعلان المدوَّن في الأسفار المقدَّسة، وبهذا نستطيع أن نقول أن الإعلان هو مصدر الوحي الإلهي، فقال بولس الرسول لأهل غلاطية: " وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الإِنْجِيلَ الَّذِي بَشَّرْتُ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَسَبِ إِنْسَانٍ. لأَنِّي لَمْ أَقْبَلْهُ مِنْ عِنْدِ إِنْسَانٍ وَلاَ عُلِّمْتُهُ. بَلْ بِإِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (غل 1 : 11 - 12).. " وَلكِنْ لَمَّا سَرَّ اللهَ... أَنْ يُعْلِنَ ابْنَهُ فِيَّ لأُبَشِّرَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ" (غل 1 : 15 - 16)، وتحدث بولس الرسول عن إعلان الله له عن قبول الأمم: " أَنَّهُ بِإِعْلاَنٍ عَرَّفَنِي بِالسِّرِّ... كَمَا قَدْ أُعْلِنَ الآنَ لِرُسُلِـهِ الْقِدِّيسِينَ وَأَنْبِيَائِهِ بِالرُّوحِ" (أف 3 : 3، 5)، وبطرس الرسول عندما اعترف بألوهية السيد المسيح، كشف السيد المسيح عن إعلان الله له: " فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ طُوبَى لَكَيَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ لكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ" (مت 16 : 17) (راجع القمص عبد المسيح بسيط - الوحي الإلهي واستحالة تحريف الإنجيل).

 

 4ـــ طرق الوحي الإلهي:

قال بولس الرسول: " اَللهُ بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا  بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ" (عب 1 : 1)، فمن هذه الطرق التي كلّم بها الله الأنبياء:

 أ - الحديث فمًا لفم:

وقد انفرد بها موسى رئيس الأنبياء، كليم الله: " وَيُكَلِّمُ الرَّبُّ مُوسَى وَجْهًا لِوَجْهٍ كَمَا يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ" (خر 33 : 11) وكلف الرب موسى مباشرة بكتابة التوراة: " فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى اكْتُبْ... " (خر 17 : 14).. " وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى اكْتُبْ لِنَفْسِكَ هذِهِ الْكَلِمَاتِ.." (خر 34 : 27).. " فَأَكْتُبُ عَلَــى اللَّوْحَيْنِ الْكَلِمَاتِ.." (تث 10 : 2).. تُقِيمُ لِنَفْسِكَ حِجَارَةً كَبِيرَةً وَتَشِيدُهَا بِالشِّيدِ. وَتَكْتُبُ عَلَيْهَا جَمِيعَ كَلِمَاتِ هذَا النَّامُوسِ... وَتَكْتُبُ عَلَى الْحِجَارَةِ جَمِيعَ كَلِمَاتِ هذَا النَّامُـوسِ نَقْشًا جَيِّدًا" (تث 27 : 2، 3، 8). وقال الله عنه: " وَأَمَّا عَبْدِي مُوسَى... فَمًا إِلَى فَمٍ وَعَيَانًا أَتَكَلَّمُ مَعَهُ لاَ بِالأَلْغَازِ. وَشِبْهَ الرَّبِّ يُعَايِنُ" (عد 12 : 7، 8)، ولهذا قال يشوع بن نون تلميذ موسى: " وَلَمْ يَقُمْ بَعْدُ نَبِيٌّ فِي إِسْرَائِيلَ مِثْلُ مُوسَى الَّذِي عَرَفَهُ الرَّبُّ وَجْهًا لِوَجْــهٍ"(تث 34 : 10).

ب - الأمر الصريح المباشر:

مثلما كلّم الله أنبياء العهد القديم وكلّفهم بتوصيل أقواله ورسائله للشعب:

 فقال "إشعياء النبي": " ثُمَّ سَمِعْتُ صَوْتَ السَّيِّدِ قَائِلًا مَنْ أُرْسِلُ وَمَنْ يَذْهَبُ مِنْ أَجْلِنَا. فَقُلْتُ هأَنَذَا أَرْسِلْنِي. فَقَالَ اذْهَبْ وَقُلْ لِهذَا الشَّعْبِ" (إش 6 : 8 - 13).. " وَقَالَ لِي الرَّبُّ خُذْ لِنَفْسِكَ لَوْحًا كَبِيرًا وَاكْتُبْ عَلَيْهِ بِقَلَمِ إِنْسَانٍ" (إش 8 : 1).. " تَعَالَ الآنَ اكْتُبْ هذَا عِنْدَهُمْ عَلَى لَوْحٍ وَارْسُمْهُ فِي سِفْرٍ" (إش 30 : 8).

 وقال "إرميا النبي": " هكَذَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ قَائِلًا اكْتُبْ كُلَّ الْكَلاَمِ الَّذِي تَكَلَّمْتُ بِهِ إِلَيْكَ فِي سِفْرٍ" (إر30 : 2)، وعندما استاء يهوياقيم مما كتبه إرميا فشقَّه بمبراة وألقى به في النار، صدر الأمر الإلهي لإرميا ثانية: " عُدْ فَخُذْ لِنَفْسِكَ دَرْجًا آخَرَ وَاكْتُبْ فِيهِ كُلَّ الْكَلاَمِ الأَوَّلِ" (إر 36 : 28).

 ويقول حزقيال النبي: " فَقَالَ لِي يَا ابْنَ آدَمَ قُمْ عَلَى قَدَمَيْكَ فَأَتَكَلَّمَ مَعَكَ" (حز 2 : 1).." يَا ابْنَ آدَمَ اكْتُبْ لِنَفْسِكَ اسْمَ الْيَوْمِ هذَا الْيَوْمَ بِعَيْنِهِ.." (حز 24 : 2).. " اكْتُبْ ذلِكَ قُدَّامَ أَعْيُنِهِمْ لِيَحْفَظُوا كُلَّ رُسُومِهِ وَكُلَّ فَرَائِضِهِ وَيَعْمَلُوا بِهَا" (حز 43 : 11).. إلخ.

جـ - الرؤى والأحلام:

كقول الله لهارون ومريم: " إِنْ كَانَ مِنْكُمْ نَبِيٌّ لِلرَّبِّ فَبِالرُّؤْيَا أَسْتَعْلِنُ لَهُ. فِي الْحُلْمِ أُكَلِّمُهُ" (عد 12 : 6)، وخير مثال لهذا ما سجله دانيال النبي من رؤى في العهد القديم، وما سجله يوحنا الرائي في سفر الرؤيا، فقال الرب ليوحنا: " أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ. الأَوَّلُ وَالآخِرُ. وَالَّذِي تَرَاهُ اكْتُبْ فِي كِتَابٍ وَأَرْسِلْ إِلَى.." (رؤ 1 : 11).. " فَاكْتُبْ مَا رَأَيْتَ، وَمَا هُوَ كَائِنٌ، وَمَا هُوَ عَتِيدٌ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ هذَا" (رؤ 1 : 19).. " اُكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ.." (رؤ 2 : 1، 8، 12، 18، 3 : 1، 7، 14)، وقال له الجالس على العرش: " اكْتُبْ فَإِنَّ هذِهِ الأَقْوَالَ صَادِقَةٌ وَأَمِينَةٌ" (رؤ 21 : 5).

 وقال "حبقوق النبي": " فَأَجَابَنِي الرَّبُّ وَقَالَ اكْتُــبِ الرُّؤْيَا وَانْقُشْهَا عَلَى الأَلْوَاحِ.." (حب 2 : 2).

د - إلهام داخلي يصعب وصفه:

كما قال إرميا النبي: " قَدْ أَقْنَعْتَنِي يَا رَبُّ فَاقْتَنَعْتُ وَأَلْحَحْتَ عَلَيَّ فَغَلَبْتَ... فَقُلْتُ لاَ أَذْكُرُهُ وَلاَ أَنْطِقُ بَعْدُ بِاسْمِهِ. فَكَانَ فِي قَلْبِي كَنَارٍ مُحْرِقَةٍ مَحْصُورَةٍ فِي عِظَامِي فَمَلِلْتُ مِنَ الإِمْسَاكِ وَلَمْ أَسْتَطِعْ" (إر20 : 7، 9).

 أمَّا كمال الوحي الإلهي فكان في استعلان شخص السيد المسيح الإله المتجسد، وما سجله شهود العيان عنه كما رأينا من قبل (أع 2 : 2، 3، 15، 1بط 5 : 1، 2بط 1 : 16،1يو 1 : 1).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

 (146) دائرة المعارف الكتابية جـ 5 ص 308.

 (147) قضايا خطيرة ص 22، 23.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/36.html

تقصير الرابط:
tak.la/6yn9hk8