تحول الإحتجاج البروتستانتي على يد مارتن لوثر في القرن السادس عشر إلى صراع مسلح، فنشبت حروب طاحنة بين البروتستانت والكاثوليك، وقد رأينا في كتابنا "يا إخوتنا البروتستانت.. هلموا نتحاور جـ1" كيف أشعل لوثر ثورة الفلاحين ضد الأمراء ورجال الدين سنة 1524م، وكيف شجع الفلاحين على إضرام نار الثورة موجهًا تحذيره للأمراء بأن غضب الفلاحين يعلن غضب الله عليهم، وأصدر بيان 26 أبريل يستحث الفلاحين " تقدموا.. تقدموا إلى الأمام.. ولتظل سيوفكم ساخنة بالدماء بدون شفقة " فأندفع الفلاحون يقتلون ويحرقون ويدمرون ويسلبون، ولكن عندما رأى لوثر أن الدائرة دارت على الفلاحين تودد للأمراء، وغير اتجاهه تغييّرًا كليًا، وأطلق صرخته التي سجلها عليه التاريخ عندما قال للأمراء " قاتلوا هؤلاء الفلاحين ككلاب مسعورة"(1).
وكان من ثمار هذه الثورة الفاشلة مائة ألف قتيل، ويقول د. عزت زكي " لكننا لا يمكننا، ولا يمكن أيضًا للتاريخ أن يغتفر له (للوثر) دعوته للأمراء لسحق الفلاحين دون رحمة. ألم تكن ثورة الفلاحين إلى حد ما، متأثرة باندفاعه ضد البابوية في بعض التصرفات؟ إن منظر راهب ويتمبرج على رأس زملائه، وقد أشعل النار في مرسوم البابا، وكتب القانون الكنسي، لا بُد أنه كان لها أثرها - وهذا ما قاله إرازمس نفسه {إن أوروبا كلها ستغرق في طوفان من الثورات العالمية} ولقد حدث هذا بالفعل"(2).
وفي سنة 1526م عندما أحاط بأسوار روما عشرون ألف مقاتل وفتحوا ثغرة في السور وأقتحموا روما، فإن اللسان يعجز عن التعبير عما فعله هؤلاء بقصور وكنائس وأكليروس رومـا، وهـم يهتفـون " لوثـر بابا روما " ويقول د. عزت زكي " يقول مؤرخ معاصر (للأحداث) عن قصة شاهد عيان(3).. وتدفق الألمان والأسبان ينهبون ويقتلون دون مراعاة لأي اعتبار، حتى الأطفال والنساء، ولم تشفع لهم إسترحاماتهم ودموعهم. وعبثًا حاول القواد إيقاف الجند الثملين بخمرة النصر - والويل كل الويل لمن كان يقع في أيديهم من الكرادلة الذين لم ينجحوا في الهرب، فقد كان نصيبهم السحل في شوارع روما حتى الموت. وشُوهدت جماعة تمسك بأحد الأساقفة، كلَّلت رأسه بأغصان الشجر وعرضته في السوق للبيع كالسوائم، قبل الإجهاز عليه.
أما الكنائس فقد تحولت إلى إصطبلات للخيل، وتكدست الخيول داخل كنيسة القديس بطرس وخارجها، والويل للراهبات والعذارى، فقد كان الجند ينتزعونهن إنتزاعًا من الأديرة ومن أحضان أمهاتهن"(4) وكانت نتيجة اقتحام روما خمسة وثلاثين ألف قتيل، وما هذه الدماء الغزيرة إلاَّ ثمار شجرة لوثر المعوجة.
_____
(1) الدكتور القس حنا جرجس الخضري - مارت لوثر ص 135
(2) تاريخ المسيحية - المسيحية في عصر الإصلاح (ج3) ص 74، 75
(3) Valdez - Dialogue on the Sack of Rome
(4) تاريخ المسيحية - المسيحية في عصر الإصلاح (ج3) ص 78، 79
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/index2f.html
تقصير الرابط:
tak.la/79h5kp5