ج: 1- من يطالع سفر يشوع يدرك جيدًا أنه من الإصحاح السادس للثامن يذكر امتلاك بني إسرائيل لمدينتي أريحا وعاي، ويحكي الإصحاح التاسع عن صراع الجبعونيين ليشوع وعقد عهد سلام معهم، ويبدأ الإصحاح العاشر بإقامة أدوني صادق ملك أورشليم حلفًا مع أربعة ملوك آخرين من الجنوب، ونشوب الحرب مع يشوع، وفي آخر الإصحاح يقول " وأخذ يشوع جميع أولئك الملوك وأرضهم دفعة واحدة لأن الرب إله إسرائيل حارب عن إسرائيل" (يش 10: 42).. فما المقصود إذًا بـ"جميع أولئك الملوك"..؟ إنه يقصد الملوك الخمسة ملوك الجنوب الذين اجتمعوا لمحاربة جبعون تمهيدًا لمحاربة إسرائيل، وهؤلاء الملوك الخمسة هم ملكي صادق ملك أورشليم، وهوهام ملك حبرون، وفيرآم ملك يرموت، ويافيع ملك لخيش، ودبير ملك عجلون. هذا بالإضافة إلى ملوك مقيدة، ولبنة، وجازر، ودبير، وكل أرض الجبل والجنوب والسهول والسفوح، وإلى هذه اللحظة لم يكن يشوع قد دخل في معركة مع ملوك الشمال.
وفي الإصحاح الحادي عشر نلتقي بيابين ملك حاصور الذي أقام حلفًا مع ملك الشمال " فعمل يشوع حربًا مع أولئك الملوك أيامًا كثيرة" (يش 11: 18).. فما المقصود بـ"أولئك الملوك"..؟ إنهم ملوك الشمال. ملوك مادون، وشمرون وأكشاف، والذين في الجبل وفي العربة وفي السهل وفي المرتفعات، الكنعانيين من الشرق والغرب والأموريين والحثيين والفرزّيين واليبوسيين والحيوّيين (راجع يش 11: 1 - 4) فهؤلاء الملوك صنع يشوع معهم حربًا لأيام كثيرة... إذًا كل آية من الآيتين تشير إلى ملوك مختلفين، فما جاء في (يش 10: 42) يتحدث عن ملوك الجنوب الذين سقطوا سريعًا دفعة واحدة، وما جاء في (يش 11: 18) يتحدث عن ملوك الشمال الذين استمرت معهم الحرب وقتًا طويلًا استغرقت عدة سنوات، ويجب أن نلاحظ أن أيام الحرب هي أيام ثقيلة وطويلة مهما كانت قصيرة، فيشوع صنع كل هذه الحروب ونال النصرة في جميعها خلال سبع سنوات فقط، وهي مدة وجيزة مقابل تحقق تلك الانتصارات العظيمة.
2- طالت أيام الحرب بين ملوك الشمال ويشوع، وكان هناك هدفًا من إطالة هذه الفترة، فيقول " الأرشيدياكون نجيب جرجس": "وقد طالت سنو الحرب لحكم إلهيَّة ربما من بينها:
(أ) لكي يعطي الرب للشعوب الوثنية فرصة للإيمان والتوبة، وحتى لا يكون لها عذر.
(ب) وحتى تكون هناك فرص لشعبه للاستجمام والراحة وترتيب أمورهم المختلفة.
(جـ) وحتى لا يخوضوا جميع حروبهم في مدة قصيرة متصلة فيصدموا بالمعارك الحامية الكثيرة بمجرد دخولهم أرض الموعد.
(د) ولكي يدربهم الرب على الصبر والاحتمال والإيمان.
(هـ) وحسب ترتيبه الإلهي وحكمته التي أوضحها لهم أن يطردوا الشعوب من أمامهم (قليلًا قليلًا) بالتدريج وليس دفعة واحدة، وحتى لا تخلو الأرض فجأة وتكثر عليهم الوحوش البرية (تث 7: 22)"(1).
_____
(1) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر يشوع ص 186.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/951.html
تقصير الرابط:
tak.la/wtxbv5a