ج: 1- سبق الإجابة على هذا التساؤل(1).
2- خطية الإنسان تؤثر ليس عليه فقط، بل عليه وعلى من حوله، فخيانة جندي لوطنه لن تؤثر عليه فقط، إنما تؤثر عليه وعلى الجيش كله، وهذا ما حدث إذ أثرت خطية عخان على كل جماعة بني إسرائيل فانهزموا أمام القرية الصغيرة عاي، وقُتل منهم 36 شخصًا، وعاخان الذي عاين مجد الله الذي شق أمامهم نهر الأردن، وأسقط أسوار أريحا بدون حرب ولا قتال، كان يجب عليه أن يسلك بتدقيق أكثر من هذا، وأن يقدَّس الوصية، ولذلك عظمت خطيته، فالذي يعرف أكثر يُطالب بأكثر.
والذي أصدر هذا الحكم الشمولي هو الله العالِم بكل شيء وقد حكم بحسب حكمه الإلهي، فلابد أن أولاد عخان شاهدوا أبيهم وهو يطمر هذه المسروقات في أرضية الخيمة، وقد تستروا عليه، ولذلك فهم يُعتبرون شركاء أبيهم في الجريمة، وتحريم عخان وأولاده وممتلكاته تؤكد أنه ليس لدى الله محاباة، فالنار التي حرقت أريحا وكل ما فيها لحقت بعخان رغم أنه من شعب الله، لكن بسبب ارتكابه هذه الحماقة أضاع نفسه وأولاده وكل ماله، ولم تقتصر العقوبة على الرجم فقط، بل تبع الرجم الحرق لكيما تتلاشى آثار الخطية تمامًا، وبالرغم من أن الرب كان قد أوصى بحفظ المعادن لبيت الرب، لكنه رفض قبول الذهب والفضة اللذان سرقهما عخان، فطرحها في النار حتى انصهرا واختلطا برماد عخان وبنيه وبناته ومواشيه وكل ممتلكاته، وصار عخان عبرة للأجيال.
3- يقول " ف. ب. ماير " عن عخان وهو يخفي مسروقاته " إننا نتصوَّره آتيًا بها إلى خيمته، حيث وجد من الضروري إخبار بنيه بالأمر، لأنهم لو لم يشتركوا في إخفاء الجريمة لما اشتركوا في قصاصه المروع. وبمساعدتهم حفر حفرة من الرمل وأخفى الغنيمة، التي كانت حسب أمر يشوع مكرَّسة للرب. تمت كل هذه العملية في الخفاء، وكان واثقًا من تضامن رفاقه في الخيمة، حتى أنه وسط البحث العام عن السارق كان مطمئنًا كل الاطمئنان ومتيقنًا من عدم افتضاح أمره، إلى أن أشار إليه إصبع الله الذي لن يخطئ قط، كأنه قد قال {أنت هو الرجل}"(2).
4- يقول " القس إيلياس مقار": "قد تخطئ العدالة الأرضية، فتضع المظلوم مكان الظالم، أو تقتص من البريء، وتترك المُجرم، ولكن عدالة السماء هيهات أن تُخدع أو تغش وهيهات أن تترك الخاطئ بدون عقاب أو قصاص... إن الأقرب إلى التصوُّر، والأبسط في التفسير أن البيت كان على شاكلة الرجل، وأنه إذا كان رب البيت بالدف ضاربًا فشيمة أهل البيت كلهم الرقص، وأنه كما كانت سفيرة على علم بما فعل حنانيا، فإن بيت عخان كان على علم بما فعل، وأن الأسرة قبلت ما فعل، أو رضيت أو تسترت عليه، أو لم تشأ أن تفضحه، وكان السكوت على أي حال نوعًا من التضامن والرضا، وذهب البيت مع الرجل، وذهب الحلال مع الحرام، أو تحوَّل الكل إلى رجمة مرتفعة محترقة، تشهد بصدق الله وعدالته وغضبه وكراهيته الأبدية للخطية"(3).
5- يقول الخادم الدكتور " شنوده سمير القمص": "مشاركة أولاد عخان تبدو بديهية سواء بالعمل أو بالعلم، فليس من البديهي أن عاخان طمر المسروقات في الخيمة بدون مشاركتهم أو على الأقل بدون مشاهدتهم. كما أن وضع الحرام في الخيمة دنس الخيمة، وجعل الخيمة بكل من فيها وما فيها تسقط تحت لعنة الحرم. وإن كان بصلاح إنسان واحد مثل إبراهيم أب الآباء بارك الله الكثيرين، فأنه بخطية عخان تأذى الكثيرون، ولكن يجب ملاحظة أن العقوبات التي تلحق بالغير نتيجة خطايا الآخرين، فإنها لا تؤثر على مصيرهم الأبدي بأي حال من الأحوال، فهي تؤثر في حياتهم على الأرض فقط، وفي النهاية سيحاسب كل إنسان بحسب أعماله"(4).
6- جاء في " التفسير التطبيقي": "لماذا دفعت عائلة عاخان كلها أجرة خطيته..؟ في العالم القديم، كانت العائلة تُعامل ككل، وكان عخان كرأس عائلته، شبيهًا بملك، فإذا أفلح، أفلحت العائلة معه، وإذا تألم، تتألم معه العائلة. لقد مات عدد من بني إسرائيل في المعركة بسبب خطية عخان، فكان يجب أن يُقطع تمامًا من إسرائيل. كان يجب أن تُرجم كل عائلته معه حتى لا يبقى أثر لعخان في إسرائيل. يصعب علينا فهم مثل هذا الأمر في حضارتنا التي تنادي بالفردية، ولكن في الحضارات القديمة، كان هذا عقابًا مألوفًا، فيجب أن يتناسب العقاب مع الجريمة، وقد عصى عخان أمر الله بتدمير كل شيء في أريحا، فكان يجب القضاء على كل ما كان لعخان"(5).
_____
(1) فيُرجى الرجوع إلى مدارس النقد جـ 7 س 884.
(2) حياة يشوع ص 132.
(3) رجال الكتاب المقدَّس جـ 1 ص 184، 185.
(4) من أبحاث النقد الكتابي.
(5) التفسير التطبيقي ص 439.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/935.html
تقصير الرابط:
tak.la/87qhfc3